عاد الجدل حول تجاوزات الاعتكاف في المساجد إلى الساحة السعودية مجدداً، بعد أن أعلن إمام الحرم المكي السابق الشيخ عادل الكلباني ضبطه معتكفين العام الماضي في مسجده يلعبون «البلوت»، ما اعتبره خطاً أحمر أدى إلى طردهم. وفي اتصال هاتفي مع «الحياة» أكد أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور صالح بن مقبل العصيمي، أن طرد المعتكفين بسبب لعب البلوت خطوة مبالغ فيها، «وكان الأحرى بالإمام أن ينبه المخالفين إلى حرمة المساجد، وأنها يحرم أن تتخذ هزواً ولعباً كما كان المنافقون يصنعون، ويجادلهم بالحكمة والموعظة الحسنة، وحين يمتنعون عن امتثال الأوامر حينها ينبغي اللجوء إلى منعهم». لكن العصيمي على رغم ذلك أكد صواب حظر «البلوت» في المسجد ابتداء، لأنه كما يقول «محرم من جانب مفتين في البلاد، وهو عند الجميع مكروه أو ليس مستحباً، بينما الاعتكاف حُرّمت على الملتزم به حتى بعض المباحات، مثل إتيان الزوجة خارج المسجد، لقوله تعالى «ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد». وحول القول بأن المسجد النبوي وهو أشد حرمة، لعب فيه الحبشة ولم ينههم النبي عن ذلك، يضيف العصيمي: «كان اللعب في ساحة المسجد، وفي يوم العيد، وهو يوم استثنائي في شريعة المسلمين، يجوز فيه ما لا يجوز في غيره». وكانت وزارة الشؤون الإسلامية في السعودية شددت أخيراً على وضع ضوابط منظمة للاعتكاف في المساجد من جانب الأئمة، بعد أن كان الاعتكاف في الماضي يسري بشكل تلقائي من دون أن يثير ضجيجاً أو تساؤلاً، حتى تم استثماره كما يتردد من جانب مطلوبين أو مشبوهين، فصدر التوجيه بالتدقيق في هويات المعتكفين. وتنص تعاليم الشريعة على استحباب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان كاملة، اتباعاً لسنة مضت عن النبي عليه الصلاة والسلام، إلا أن مساجد قليلة بينها جامعا الملك خالد، والراجحي بالرياض، هيأت غرفاً ملحقة بالجامع، تساعد الراغبين في الاعتكاف في أداء مهمتهم على نحو حضاري. أما الحرم المكي الشريف فإن الرئاسة العامة لشؤون الحرمين، خصصت في عهد رؤسائها السابقين «بدروم الحرم» (القبو) للمعتكفين، وحظرت عليهم القيام بالمهمة نفسها في ما عداه، ولا يُدرى ما إذا كان الرئيس العام الجديد الشيخ عبدالرحمن السديس سيسير على التنظيم نفسه أم يحدث نهجاً مختلفاً. إلى ذلك، أكد الشيخ الكلباني في حديث تلفزيوني مع قناة «الوطن اليوم» أنه ضبط في رمضان الماضي مجموعة من المعتكفين يقومون بلعب الورقة «البلوت» داخل مسجده، وأنه قام بسحب الورق من المعتكفين للعب في المسجد وطردهم بعد ذلك، مشيراً إلى أن لعب المعتكفين بالورق حصل في مسجده في حادثتين مختلفتين العام الماضي.