في الوقت الذي تقضي فيه معظم النساء ليالي العشر في الأسواق والمحال التجارية، تفرّغ عدد من النساء للاعتكاف في بعض جوامع الرياض، بعد أن هيأ القائمون على تلك المساجد الاحتياجات كافة من مشروبات حارة ومأكولات ودورات مياه وغير ذلك، ليتفرغن للقراءة والعبادة، ولم يلتزمن بوجود محرم، خصوصاً وأن مفتي السعودية الراحل الشيخ عبدالعزيز بن باز رخص لهن بذلك ولمن تريد الاعتكاف في الحرم المكي. في جامع الراجحي أعلن إمام المسجد في بداية العشر الأواخر من رمضان أنه سيتيح الاعتكاف للنساء الراغبات في المسجد، وأنه مسموح لهن من صلاة المغرب إلى أذان الفجر وبعد ذلك يفضل خروجهن إلى البيت. لم يقف الأمر فقط على فتح أبواب المسجد فحسب، ولكن تبع ذلك تهيئة المكان بغلايات للشاي والقهوة وبعض المأكولات الخفيفة حتى لا تشغل النساء أنفسهن بالإتيان بحافظات القهوة والشاي، وكان لتلك المبادرة وقع إيجابي على نساء الحي والزائرات للمسجد. تقول بدرية صالح: «أجد ارتياحاً كبيراً وأنا داخل المسجد، بل إن تهيئة المكان شدت عزمي لأن أعتكف أكثر من يوم، لأن المكان يخيم عليه الهدوء، بعيداً عن ضوضاء البيت وإزعاج الأطفال، وأصبحت آتي للمسجد من دون ما أحضر أي شيء لأن القائمين على المسجد هيؤوا لنا ما نريد، ففي حال غلبنا النعاس أخذنا قهوة أو شاي يسترد نشاطنا». وسئل المفتي العام للسعودية سابقاً الراحل الشيخ عبدالعزيز بن باز وفقاً لموقعه على الانترنت، عن حكم اعتكاف المرأة في الحرم من دون محرم، مع التزامها الحشمة، وعدم مزاحمة الرجال، وذلك أنها لا تجد الخشوع والفراغ في منزلها مثل الذي تجده في الحرم، مع العلم أنها مع رفقة طيبة من النساء المتدينات؟ فأجاب قائلاً: «لا بأس من الاعتكاف في المسجد الحرام، أو غيره من المساجد للنساء، إذ اعتكف أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده في حياته عليه الصلاة والسلام وبعد وفاته، فلا بأس أن يعتكف النساء في المسجد». وشدد الباحث الشرعي في موقع الإسلام أون لاين مسعود صبري على أن يكون معتكف النساء بعيداً عن الرجل وقال: «يجوز للمرأة الاعتكاف في المسجد على رأي كثير من أهل العلم، بشرط أن يكون بعيداً عن معتكف الرجال، وأن يكون ذلك بإذن الزوج، ويرى الأحناف أن للمرأة أن تعتكف في مسجد بيتها. وأوضح أن الفقهاء عرفوا الاعتكاف بأنه: «لزوم المسجد بنية العبادة لله تعالى، ومن المعلوم شرعاً أن الشرائع الأصل فيها التساوي بين الرجل والمرأة، إلا ما نص الشرع على المفارقة بينهما، وفيما يخص المسجد بشكل عام، فإن الإسلام أوجب على جماعة المسلمين إقامة الصلوات في المساجد، من باب فروض الكفايات، مع أن الصلاة في المسجد من السنن المؤكدة ، لكنها في حق الأمة فرض كفائي، يجب على البعض، ولكن لا يجوز أن يترك المسلمون جميعاً المساجد من دون الصلاة». واستطرد: «فيما يخص المرأة، فإن الإسلام أجاز لمعشر النساء الذهاب إلى المساجد، ولكنه لم يوجبه عليهن، فقال صلى الله عليه وسلم : « لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ، وبيوتهن خير لهن»، وهذا يعني أن ذهاب المرأة إلى المسجد مباح شرعاً، وأنها تنال بالصلاة في المسجد ثواب الجماعة . وأضاف: «على هذا الأصل، وهو ذهاب المرأة إلى المسجد، كان الاعتكاف للنساء مباحاً، على رأي جمهور الفقهاء، لأنه لما جاز الخروج لها للمسجد، جاز لها الاعتكاف فيه، وإعمالاً لمبدأ المساواة في أجر العمل الصالح بين الجنسين، مصداقاً لقوله تعالى: «فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ».