الحديث عن الدراما في رمضان أكثر وأكبر منها، الحال نفسها في الرياضة، برامجها وأحاديثها باتت أكثر وأكبر من منتجها ونتائجها، ألا يذكركم ذلك بشيء؟ الشعر الشعبي وساحته تم تدميره عندما كثرت مجلاته، وأخيراً قنواته الفضائية، يتكاثر المحللون، المختصون، والمتسلقون في مجال، فيفيض بالفشل والخسائر. الغريب أننا، أو أنهم، لم يعد مهماً نتكالب على الشيء فور بروزه نسبياً، وكان الجميع يخشى أن يفوته الاحتفال، أو الانتساب للقطاع الذي من وجهة نظره «حيولع في السوق»، فانتهى بنا الحال إلى رياضة صوتية نسبة إلى كثرة الكلام والجدل، وساحة شعر شعبية أشبه بالحراج الذي تساوى فيه «الدلالون» مع البائعين والمشترين، وزاد فيه عرض المستعمل والرديء أكثر من الجديد الجيد. الدراما الآن تعيش الحال نفسها، بل إنها ستكون الأسوأ من بينها، كونها الأقل قبولاً لدى بعض فئات المجتمع، ولوجود معارضة شبه دائمة لها، خفتت قليلاً مع انتهاء «طاش» لانتهاء بعض المواقف الشخصية، لكنها تظل موجودة. لاحظوا تكاثر الكتاب عنها وفيها، وتكالب المنتجين على الخليجيات الحسناوات اللاتي لا علاقة لهن بالتمثيل أو الأداء الدرامي، ولاحظوا الأصوات العالية، والشفاه التي يمكنك رص «دلالك» عليها بدلاً من أرفف الخيمة، ثم حاولوا الحياد، فالحكم. مؤلم أن يكون ما يبعد الناس عن الروحانية الرمضانية، أو صلة الرحم، أو حتى الرياضة والقراءة، هو هذا الكم من السخف الخليجي تحديداً، فالدراما العربية بدأت تعود إلى رشدها مع مسلسلين مصريين ناضجين. أتابع ما يكتب عن المسلسلات ومحاولات الترويج السمجة لأفكار أكثر سماجة، ولفتني قبل أيام عدة كتابة المراسل الفني علي العبدالله في الزميلة «الجزيرة» عن وضع اسم الفنان أحمد الصالح بعد اسم فنانتين مبتدئتين في مسلسل محلي، وهي لقطة صحافية جميلة منه، وهي مؤشر يقول لكم كيف ومن أين تدار الدراما الخليجية. أحمد الصالح خدم الدراما الخليجية والعربية لعقود من الزمن، وتأتي اثنتان في عمر أحفاده ويوضع اسمهما قبله! ليستا نجمتان، ولا مبدعتان، ولا «مكسرين الدنيا»، إنهما فقط دميتان مصبوغتان فارغتان. لا يمكن في الدراما المصرية أو السورية أو حتى الكويتية الأعرق خليجياً أن يحدث مثل ذلك، وإذا حدث وكان دور الفنان العريق ثانوياً، أو مشاركته محدودة، أو كان الشباب أكثر نجومية منه يشار له بإشارة خاصة تسبق اسمه، توضح احترام الفريق والمنتج له، وتشي بمعرفة أصحاب العمل للتاريخ الفني، أو على الأقل تؤكد علاقتهم بالفن أكثر من علاقتهم بأشياء أخرى. [email protected] mohamdalyami@