أيام قليلة باتت تفصلنا عن شهر رمضان المبارك، فالموعد السنوي قد اقترب وجميع المحطّات شدّت أوساطها مستعدّة للانطلاق إلى «معركتها» السنوية التي تتحضّر لها طيلة العام حتى تتمكّن من استقطاب النسبة الأكبر من المشاهدين. الإعلانات بدأت تتكاثر حول البرامج والمسلسلات، ولكنّ اللافت أنّ الإعلانات المكثّفة عن دراما لبنانية اقتصر على محطة ال «أل بي سي» التي بدأت تعدّ جمهورها لمسلسل تشير بوادره إلى أنّه ضخم وكبير، فيه «شيء من القوة»... لا نعرف بعد إن كانت المحطات اللبنانية الأخرى قررت تأجيل الإعلان عن مسلسلاتها اللبنانية حتّى حلول بداية شهر رمضان، وحتّى ذلك الحين قد يكون من الضروري التعرّف إلى تفاصيل أكثر عن هذا المسلسل اللبناني «الوحيد»، لذلك تحدّثت «الحياة» إلى منتج العمل ومخرجه إيلي معلوف، وإلى كاتبه طوني شمعون، ذلك الثنائي الذي استطاع تقديم أعمال لا بأس من القول انها تعيش تطوراً متواصلاً. «شيء من القوة» يقول إيلي معلوف: «هو تكملة لخطوة بدأتُ فيها منذ العام 2000 مع مسلسل «رجل من الماضي» حين قررتُ أن أعيد الى الدراما اللبنانية مكانتها التي كانت قبل الحرب في لبنان كي تنتقل من حال اللاثقة التي تغرق فيها إلى حالة الاحتراف الواعد». ويعبّر معلوف عن رفضه للموجة التي كانت سائدة سابقاً حيث كان المسؤولون عن المحطات العربية يطلبون من لبنان، على حدّ قوله، برامج المنوّعات والألعاب و «التوك شو» رافضين فكرة أن يقدّم لبنان أعمالاً درامية فعلية، «وقد استطعنا بفضل الله أن نغيّر هذه الفكرة عند المحطات العربية دافعين مسؤوليها إلى تبديل نظرتهم». اسم على مسمّى يعتبر إيلي معلوف أن «شيء من القوة» هو اسم على مسمّى وستظهر قوّته في الإخراج والإنتاج والنص والتمثيل وتعدّد المواقع... إلى ما هنالك من تفاصيل تقنية وفنية أخرى. «هذا المسلسل يجمع التناقضات مثل الحب والكره، الوداعة والجريمة... في خط أساسي يتشعّب حيناً ويلتقي أحياناً، لقد تعبتُ كثيراً على هذا المسلسل الذي تطلّب تنفيذه سنةً كاملة». ويوضح معلوف أنّه حاول أن يعيد الى المخرج دوره بعدما استولى عليه بعض الكتّاب الذين حقّقوا نجاحاتهم على حساب الإخراج، «فالمخرج لا يقتصر عمله على أن يصرخ «أكشن» عند بداية المشهد و «قطع» عند نهايته، بل هو عصب العمل والمحرّك الأوّل لكلّ الوظائف الأخرى قبل التصوير وخلاله وبعده». يلاحظ كُثر أنّ الأعمال التي قدّمها إيلي معلوف هي في تطور إن على صعيد المستوى الإخراجي أو الإنتاجي، فكلّ مسلسل يتفوّق على سابقه، فأين سيكمن عنصر التفوّق في «شيء من القوة»؟ يجيب معلوف إن «الإنتاج مدرسة وكذلك الإخراج، وحين يتوقّف الإنسان عن التعلّم ويقرر الخروج من المدرسة باعتبار أنّه بات يعرف كل شيء يكون قد انتهى»، ويضيف: «إنّ الخبرة ضرورية جدّاً في الحياة، ويجب على كل شخص أن يتعلّم من أخطائه محاولاً عدم تكرارها، وأن يركّز على نقاط قوّته محاولاً تطويرها. عنصر التفوّق في هذا المسلسل سينطلق من الخبرة التي اكتسبناها ومن الإمكانات التي وصلنا إليها». ويوضح أنّه كان مقرراً تصوير قسم من المشاهد في كوبا ولكن المشاكل التي تعرّضت لها جعلته يغيّر رأيه فكانت فكرة الذهاب إلى المكسيك قبل أن تضربها إنفلونزا الخنازير ليقرّ الرأي في النهاية على التصوير في المغرب. الوجوه المعروفة الكثيرة باتت ميزة تتمتّع بها أعمال إيلي معلوف إذ تمكّن من جمع عدد كبير من النجوم في الوقت الذي كان يعتمد المنتجون على وجهٍ أو وجهين لا أكثر. ويوضح صاحب شركة «فينيكس بيكتشرز أنترناشونال» أنّ ذلك مكلف جداً ولذلك يهرب منه المنتجون، «ولكنني قررت أن أربح أقل الآن بهدف تأسيس اسم للدراما اللبنانية. فأنا الآن أستثمر وهدفي ليس العالم العربي فحسب، بل هدفي المشاهدون في العالم كلّه، وقد بدأنا بالاقتراب من هذا الهدف بعدما تمّ قبول مسلسل «ورود ممزقة» في مسابقة «الآيمي أوورد»، وهي سابقة فريدة من نوعها في تاريخ الدراما اللبنانية». اطمئنان أبطال هذا المسلسل الجديد هم بديع أبو شقرا وبيرلا شلالا «التي سيتفاجأ بها الناس كما سيتفاجأون بأداء بريجيت ياغي»، بالإضافة إلى مازن معضّم ونقولا دانيال وكمال الحلو ومجدي مشموشي ووليد العلايلي ووفاء طربيه ورندا حشمة وأنطوان حجل وآلان زغبي... من دون نسيان ضيوف المسلسل أمثال نهلا داوود وباسم مغنية وغيرهم. إيلي معلوف مطمئن إلى وضع «شيء من القوة» خاصّة بعدما استطاع أن ينافس العام الماضي من خلال «ورود ممزقة» مسلسل «الدالي» ومسلسل «أسمهان»، مع نسبة مشاهدين عالية جداً لم تكن قريبة منها حتّى نسبة مشاهدي هذين المسلسلين في لبنان على حدّ قوله. الكاتب طوني شمعون الذي قدّم «ورود ممزقة» العام الماضي يقول عن عمله الجديد «شيء من القوة» إنّه يتحدّث عن مسألة الأخذ بالثأر على الطريقة اللبنانية، «وهذه المرّة الأولى التي يتمّ فيها التطرّق إلى هذا الموضوع وبهذا الشكل»، بالإضافة إلى قصّتَي حبّ تتمازجان مع بعضهما البعض قبل أن تتداخل مصائر أشخاص لا يعرف أحدهم الآخر في قالب «أعتقد أنّه جديد من نوعه». عن المزيج الذي يميّز قصصه فيختلط الحب والرومانسية بالجريمة والعنف والأحداث البوليسية، يقول شمعون إنّها خلطة مقصودة، «أنا لا أتوّجه إلى فئة واحدة من الجمهور، فهناك مَن يحب الرومانسية وهنالك مَن يفضّل التشويق والغموض، وأنا عليّ ككاتب أن أرضي جميع الأذواق مع العلم أنّ هذا النوع يتطلّب منّي مجهوداً مضاعفاً كي أعطي كل نوعٍ درامي حقه». هل كان يتوقّع أن يحصد «ورود ممزقة» كل هذا النجاح؟ يجيب شمعون بصراحة: «كنت أنتظر أن نحصل على ردود فعل إيجابية، ولكنني لم أكن أفكّر في أنّه سيصل إلى جائزة «الأيمي»، وفي الواقع أنا لم يكن لي دور في هذا الأمر، فالجهود كانت كلّها لإيلي معلوف الذي ترجم واتّصل وتابع الموضوع».