خاتم الزواج ليس أمراً مشروطاً لإكمال عقد القران في أي من الكتب الدينية، لكنه بات جزءاً أساسياً من الزفاف في كثير من المجتمعات: يتبادله الزوجان عربون «حب أبدي» يجمعهما. يضعه كل منهما في الإصبع الرابع من اليد اليسرى (وفي بعض المجتمعات في اليد اليمنى وفي الإصبع الثالث) حيث يُفترض أن يبقى مدى العمر ليُذكّر كلاً منهما ب «نصفه الآخر». وعلى رغم أن ظاهرة وضع خاتم الزواج بين العامة من الشعب لم تنتشر في أوروبا سوى في القرن العشرين، إلاّ أنّ شرائح معيّنة في المجتمعات الغربية ما زالت ترفض مجاراة هذه الظاهرة في ما يبدو «انطلاقاً من تقاليد طبقية». وفي حين باتت العادة تبادل الزوجين الخاتمين يوم عقد قرانهما، إلاّ أنّ بعض أعضاء الطبقة الارستقراطية في بريطانيا ما زال يرى أن على الرجال يجب ألا يضعوا خاتماً. وسلّط تصريح لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الضوء على هذا الأمر عندما كشف لمجموعة من النساء (من مجلة «غلامور») أنه «لم يرتدِ أبداً ساعة أو خاتم زواج»، موضحاً أنه «لم يعتد» على وضع مثل هذه الأشياء في يديه. كاميرون لم يكشف سبب «عدم اعتياده» وضع ساعة أو خاتم في يده، إلاّ أن الصحف البريطانية أفردت مقالات كثيرة في الأيام الماضية لتسليط الضوء على ذلك، كاشفة ما لم يكن معروفاً لدى كثيرين في خصوص امتناع شريحة من المجتمع، وتحديداً الارستقراطية أو فوق المتوسطة، عن مجاراة بقية عامة الشعب في وضع خاتم زواج. ويقول بيتر يورك، مؤلف «كرّاس سلون رينجر»، إن كلام رئيس الوزراء البريطاني عن رفضه ارتداء خاتم زواج يُظهر نوعاً من «الرمز» الطبقي، موضحاً أن «هناك مجموعة من الناس من الطبقة العليا (في المجتمع) تعتقد أنه كلّما قلّلت من هذه الأمور (الزينة) كان ذلك أفضل». ويتفق الكاتب أندرو براون مع هذا الرأي، ويوضح في مقالة له أن «الرجال الإنكليز من الطبقة التقليدية المتوسطة أو فوق المتوسطة يعتقدون أن ارتداء الرجال مجوهرات يدل على انعدام الذوق». ويتابع أن «الطبقة الإنكليزية العالية (الثرية) هي طبقة محافظة جداً عندما يتعلق الأمر بالثياب، وعدم وضع الرجال خواتم زواج هو جزء من ذلك». لكن يستثنى من ذلك النساء الارستقراطيات اللواتي يضعن خواتم أو مجوهرات قديمة يتم توارثها عادة من أفراد العائلة المتوفين منذ عقود طويلة (وربما قرون). ولا يُعرف أن سامنثا، زوجة كاميرون، أبدت أي اعتراض على رفضه وضع خاتم زواج يُعبّر عن «حبهما الأبدي» المفترض. ويمكن أن يكون ذلك مرتبطاً بكونها تنتمي أيضاً إلى الطبقة الارستقراطية (أمها بارونة) التي لا تحبّذ أن يضع الرجال مجوهرات. معلوم أن الأمير ويليام، حفيد الملكة اليزابيث الثانية، اختار بدوره ألاّ يرتدي خاتم زواج بعد عقد قرانه على كاثرين (كيت) ميدلتون، دوقة كيمبريدج. وهو حذا بذلك حذو جدّه دوق أدنبرة، زوج الملكة، الذي لا يضع خاتم زواج، في حين أن الأمير تشارلز، ولي العهد البريطاني، اختار عندما تزوّج من دوقة كورنول عام 2005 أن يرتدي خاتماً مماثلاً لخاتم زوجته. الاّ أن عدم وضع خاتم زواج لا يقتصر على «الارستقراطيين» في المجتمع البريطاني، إذ إن رئيسي الوزراء السابقين، توني بلير وغوردون براون، لم يُعرف عنهما ارتداء خاتم زواج أيضاً خلال فترة توليهما الحكم، على رغم أنهما لا يتحدران من سلالات ارستقراطية. ومن المعروف أن وضع الرجل خاتم الزواج في بريطانيا لم ينتشر إلاّ بعد الحرب العالمية الثانية، عندما صار الرجال «عملة نادرة»، نتيجة وفاة مئات الآلاف منهم في جبهات القتال. وترافق ذلك مع برزو دور النساء في المجتمع، حيث بتن يطالبن بحريات أكبر نتيجة جهودهن في دعم آلة الحرب البريطانية في ظلّ غياب الرجال. ويبدو أن عادة وضع الرجل الخاتم انتشرت نتيجة إصرار النساء، انطلاقاً من خشية بعضهن أن تحاول نساء أخريات «سرقة عملتها النادرة»، اي زوجها، عندما يخرج للعمل، على أن يضع الخاتم حداً لمن تود من النساء التودّد إليه بنيّة الزواج. ومع مرور الوقت بات الخاتم علامة على «حب أبدي» يجمع الرجل بزوجته ولا يُفترض أن ينزعه أي منهما. ولكن بما أن الخاتم يمكن أن يُنزع من اليد في أي وقت كان، لجأ بعض «المغرمين» إلى حد الجنون ببعضهما بعضاً إلى التفتيش عن طريقة تُثبت أن حبّهما سيكون «أبدياً»، فانتشرت «موضة» الوشم (تاتو) الذي يحل محل الخاتم في إصبع اليد أو يتم وضعه في أماكن أخرى من الجسد. وميزة الوشم عن الخاتم هي بالطبع أن الأول – بعكس الثاني - لا يسهل نزعه.