كشف أعضاء في الوفد الفلسطيني ل «الحياة» تفاصيل الساعات الأخيرة من انهيار مفاوضات القاهرة التي استمرت ثلاثة اسابيع متواصلة. وقال رئيس الوفد عزام الأحمد ان الوفد الاسرائيلي أوقف المحادثات عند الرابعة عصراً، وغادر بعد تلقيه تعليمات من رئاسة الحكومة بعد اطلاق ثلاثة صواريخ من قطاع غزة على اسرائيل. واوضح ان المفاوضات بدأت في العاشرة والنصف صباحاً لاستكمال مفاوضات مكثقة جارية من اليوم السابق. واضاف ان الوفد الاسرائيلي رفض في اليومين الأخيرين التزحزح عن مطالبه، وان الجانب الفلسطيني قدم عشرات الصياغات، لكن الوفد الاسرائيلي كان يعيدها ومعها صياغات جديدة غير مقبولة. وقال الاحمد ان الوفد الفلسطيني حاول انقاذ الموقف، وأعد ورقة سريعة قدمها الى الوسيط المصري تمثل من حيث الجوهر الورقة المصرية الاساسية مع تعديلات طفيفة لا تتعدى تعديل عشر كلمات ليعرضها على الجانب الاسرائيلي، لكن الأخير لم يرد وذهب الى الخيار العسكري. وكشف عضو في الوفد من حركة «الجهاد الاسلامي» ان الورقة الفلسطينية المقترحة تضمنت فتح المعابر وفق الاتفاقات الموقعة بين منظمة التحرير واسرائيل، وتأجيل لمدة شهر لبحث قضايا المطار والميناء والاجراءات العقابية الاسرائيلية التي اتخذت بحق ناشطي حركة «حماس» في الضفة الغربية عقب خطف وقتل المستوطنين الثلاثة في 12 حزيران (يوليو) الماضي، والاسرى وجثث الجنود. وتضمنت المبادرة ايضا جملة غامضة تنص على ان يجري بعد شهر بحث شروط تثبيت التهدئة لارضاء الوفد الاسرائيلي الذي كان يطالب بإدراج بند ينص على بحث نزع سلاح الفصائل في قطاع غزة. وقال عضو الوفد: «لكن الجانب الاسرائيلي لم يرد على المبادرة الفلسطينية، وذهب الى خيار الحرب». وقال عضو الوفد من حركة «حماس» عزت الرشق ان الجانب الاسرائيلي وضع في كل بند في الاتفاق المقترح جملة تبقي يده العليا في كل شأن من شؤون الحركة والاعمار في غزة. واضاف: «ربط الجانب الاسرائيلي بيده كل حركة للأفراد والبضائع من تصدير واستيراد وصيد بحري وزراعة في المنطقة الحدودية». واضاف: «الاتفاق كان يعني شيئاً واحداً هو ان نعود الى اهلنا في غزة ونقول لهم كل حركة من مواطن او تاجر او صياد او مزارع في حاجة الى اذن اسرائيلي». وتابع ان «اسرائيل ارادت توقيع الفلسطينيين على وثيقة استسلام، وهو ما اوصل المفاوضات الى طريق مسدود». وقال ان الجانب المصري لم يضع اي لوم على الوفد الفلسطيني، وانه اصيب بإحباط من المماطلة الاسرائيلية. وتعهدت مصر مواصلة الاتصالات مع الجانبين من اجل تثبيت التهدئة. وقالت مصادر في «حماس» ان الجانب الفلسطيني لن يمدد التهدئة، ولن يعطي الجانب الاسرائيلي تهدئة مجانية، لكنه لن يطلق النار الا اذا تعرض لاطلاق نار. واضافت: «في حال توقفت اسرائيل عن هجماتها على غزة، فإن لا مصلحة لنا في القطاع بالعودة الى الحرب، لذلك لن نبادر الى القيام بهجمات، وسنفتح الطريق امام حكومة الوفاق الوطني لتتولى اعادة الاعمار والحركة على المعابر». وتابعت: «هناك سيناريوات أخرى، منها قيام مصر بدعوة الجانبين الى وقف النار، او قيام مجلس الامن بإصدار قرار بهذا الشأن، وفي جميع الحالات، فإننا لن نبادر الى شن هجمات الا اذا تعرضنا لذلك». ولم تستبعد قيام اسرائيل بحرب استنزاف على قطاع غزة، لكنه قال ان لدى الحركة اسلحة رادعة في حال تعرضت الى هجمات. كما لم يستبعد التعرض الى هجوم بري، لكنه قال ان احتمالات هذا الهجوم غير كبيرة نظراً الى التجربة القاسية التي تعرض اليها جيش الاحتلال على الارض في هذه الحرب. وأبدى جميع اعضاء الوفد الفلسطيني استعداده للعودة الى القاهرة مجدداً في حال تلقي دعوة الى مواصلة التفاوض. وقال عضو في الوفد من «حماس»: «بالتأكيد سنعود الى القاهرة اذا تلقينا دعوة من مصر، سنأتي ونفحص مجدداً أي تغيير في الموقف الاسرائيلي، لكن كل التقديرات يشير الى ان الجانب الاسرائيلي لا يريد التوصل الى اتفاق تهدئة وانما يريد اتفاق استسلام من جانب غزة، وهو ما لن يحدث أبداً».