ما هي إلا ساعات معدودات وتُشرق شمس الخيرات من جديد، وينفجر فجر الأجر، ويبدأ السباق ولكنه سباق من نوع خاص إنه «سباق نحو الجنان» والتنافس حبا لله وطمعاً في ما عنده، وخوفاً من عقابه، وعلى كل متسابق أن يضبط ساعته ويحرص على وقته فهناك ضيفٌ مقبل... نعم... رمضان آتٍ بعد ساعات قليلة... بلغني الله وإياكم أيامه وتقبل مني ومنكم صيامه وقيامه... فالدقيقة في هذا السباق لها ثمن بل الثانية، فكل لحظة نعيشها هي أمل في الفوز، وربما خسرت السباق بفارق ثانية واحدة فلا تضيعها فتندم، يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليم، فليكن قلبك أسرع القلوب إلى الله تعالى والدار الآخرة! فأبواب الخير مفتوحة في شهر الخيرات والأجور مُضاعفة، فلا تُضيع النخيل! فإن من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخلة في الجنة. فكيف نستقبل هذا الضيف المقبل؟ وبأي شعور؟! في كل عام لنا لُقيا محببةٍ يهتز كل كياني حين ألقاهُ بالعين والقلب، بالأذانِ أرقبه وكيف لا... وأنا بالروح أحياه ألقاه شهراً، ولكن في نهايته يمضي كطيفِ خيالٍ قد لمحناه «اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربك الله، هلال رشد وخير». هكذا كان يستقبل «صلى الله عليه وسلم» هلال رمضان، لقد كان الحبيب صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بمقدم هذا الشهر الكريم، فيقول: «أتاكم شهر رمضان، شهر مبارك، فرض الله عليكم صيامه...»، ليستعدوا لاغتنامه، فلنبادر بالاستعداد لاغتنامه، ولنجدد العهد مع الله... ونشد العزم على الاستقامة على طريق الحق، الصراط المستقيم، وهو الدين القويم من غير تعويج عنهُ يمنةً ولا يسرةً، ويشمل ذلك فعل الطاعات كلها الظاهرة والباطنة، وترك المنهيات كلها كذلك، يقول الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا )، فصلت /30. ولننجز شيئاً جديداً في رمضان. عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «دخل رمضان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر من حُرمها فقد حُرم الخير كله! ولا يُحرمُ خيرها إلا محروم». إن بلوغ رمضان نعمة كُبرى لا يقدرها حق قدرها إلا الصالحون المشمرون، وموسم عظيم من مواسم العبادة، كيف لا وهو أفضل شهور العام، ذلك الشهر الذي تفتح فيه أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب النار، وتصفد فيه الشياطين، أي فضل عظيم أكرمنا به المولى عز وجل، واسع الكرم والجود سبحانه، إن هذا الشهر فرصة كبرى لتلافي وعلاج الكثير من الأخطاء والزلات والعيش مع سُنة المصطفى صلى الله عليه وسلم صدقاً «قولاً وعملاً» علّ الله أن يتداركنا برحمته ويختم لنا بالحسنى، صعد صلى الله عليه وسلم المنبر فقال: «آمين، آمين، آمين»، قيل يا رسول الله إنك صعدت المنبر فقلت «آمين، آمين، آمين»، فقال: إن جبريل عليه السلام أتاني فقال: من أدرك شهر رمضان، فلم يغفر له، فدخل النار، «فأبعده الله» قل: آمين، فقلت: «آمين». فتنبه رحمك الله، يقول الله تعالى: (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ )، لقد كان صلى الله عليه وسلم يتحدث عن الجنة كثيراً، وكان يتكلم عن الجنة طويلاً ومقصدة رضى الله تعالى، يُنادي صلى الله عليه وسلم من على منبره الصحابة فيقول: «هل من مشمر للجنة، إن الجنة والذي نفسي بيده لقصرٌ منيف، ونور يتلألأ، ونهرٌ يضطرب... فهل من مشمر للجنة؟ قال الصحابة: نحن يا رسول الله، قال: «قولوا إن شاء الله»، ونحن نقول: ونحن يا رسول الله. [email protected]