شيء يحبه العرب (2): بعد شعر السياسة أمس، أكمل بشعر الغزل، وللعذريين بعض أجمله إلا أنه مشهور، فأختار بسرعة من جميل بن معمر: إذا اخدرت رجلي وكان شفاؤها / دعاء حبيب كنت أنت دعائيا وله: هي البدر حسناً والنساء كواكب / وشتان ما بين الكواكب والبدر لقد فضُلت حسناً على الناس مثلما / على ألف شهر فضلت ليلة القدر أما قيس بن الملوّح فقال: وقالوا لو تشاء سلوتَ عنها / فقلت لهم فإني لا أشاء وهو كان يعشق ليلى حتى العبادة فقال: أراني اذا صلّيت يممتُ نحوها / بوجهي ولو كان المصلّى ورائيا وله أيضاً، وعذره أنه مجنون: تمام الحج أن تقف المطايا / على ليلى وتقريها السلاما إذا الحجاج لم يقفوا بليلى / فلست أرى لحجّهم تماما قيس لم يرَ غير ليلى حتى جنَّ، وذو الرمة احتفظ بعقله وقال: ولما تلاقينا جرت من عيوننا / دموع كففنا ماءها بالأصابع وهو استخدم الأصابع لأن لم يوجد في أيامه «كلينكس». وناهض بن تومة قال: لنظرة من سليمى اليوم واحدة / أعزّ عندي من الدنيا وما فيها في مقابل هؤلاء كان عمر بن أبي ربيعة عملياً فقال: سلام عليها ما أحبّت سلامنا / فإن كرهته فالسلام على أخرى وللشريف الرضي بيت شعر في الغزل من أجمل ما قرأت هو: وتلفتت عيني فمذ خفيت / عني الطلول تلفت القلب إلا أنه كان عملياً مثل ابن أبي ربيعة فقال: خطبتني الدنيا فقلت لها إرجعي / إني أراك كثيرة الأزواج أما ابن زريق البغدادي فله: لا تعذليه فإن العذل يوجعه / قد قلت حقاً ولكن ليس يسمعه استودع الله في بغداد لي قمرا / بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه ودعته وبِودي لو يودعني / صفو الحياة وأني لا أودعه أعطيتُ ملكاً فلم أحسن سياسته / وكل من لا يسوس الملك يخلعه وقال ابن الرومي: أهي شيء لا تسأم العين منه / أم لها كل ساعة تجديد وأبو تمام وجد مخرجاً بقوله: ليس الحجاب بمقصٍ عنك لي أملا / إن السماء ترجّى حين تحتجب ووجدت أن أبا تمام والمتنبي لهما رأي واحد في النساء ولأبي تمام فضل السبق، فهو قال: فلا تحسبن هنداً لها الغدر وحدها / سجية نفسِ كل غانية هند وقال المتنبي في مثل هذا المعنى: إذا غَدَرَت حسناء وفت بعهدها / فمن عهدها ألا يكون لها عهد ووجد شاعر ظريف من أفحمتهُ وهو يقول: قلت لها يوماً وأبصرتها / ميّاسة في كفها نرجس ما أقبح الصدّ فقالت بلي / أقبح منه عاشق مفلس ولاحظت في شعر الغزل الأندلسي أن بعض شعرائهم تغزل بنساء من نصارى البلاد، وقال أحدهم: وأغيَد من بني النصارى / لولا محيّاه ما حييت يناقض في المعجزات عيسى / فذاك يحيي وذا يميت أما ابن الحداد فقال: عساك بحق عيساك / مريحة قلبي الشاكي فإن الحسن قد ولاك إحيائي وإهلاكي ولم آت الكنائس عن هوى فيهن لولاك وشعر ابن زيدون في ولادة معروف، وكذلك تهاجيهما، وأختار منه فقط: ربيب ملك كأن الله أنشأه / تبراً وقدر إنشاء الورى طينا وأيضاً: أنت والشمس ضرّتان ولكن / لك عند الغروب فضل الطلوع ومن ولادة: ترقب إذا جِن الظلام زيارتي / فإني رأيت الليل أكتم للسرِّ وبي منك ما لو كان بالشمس لم تلح / وبالبدر لم يطلع وبالنجم لم يسرِ أين نحن من الهوى في هذه الأيام الكالحة. أقول مع أحمد شوقي ما قال لأم كلثوم وقد رآها في أحد مقاهي القاهرة: يا جارة الأيك أيام الهوى ذهبت / كالحلم آها لأيام الهوى آها. [email protected]