خرجت مدينة الموصل ثاني أكبر مدن العراق والواقعة في شمال البلاد عن سلطة القوات الحكومية أمس وباتت تحت سيطرة مجموعات من المسلحين، بحسب ما أفادت مصادر أمنية مسؤولة. والموصل (350 كلم شمال بغداد)، عاصمة محافظة نينوى، ثاني مدينة تخسر القوات الحكومية السيطرة عليها منذ بداية العام الحالي بعد مدينة الفلوجة الواقعة في محافظة الأنبار. وقال ضابط رفيع المستوى في الشرطة برتبة عميد إن هؤلاء المسلحين ينتمون إلى تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش). وتابع أن «مقر قيادة عمليات نينوى ومبنى المحافظة ومكافحة الإرهاب وقناتي سما الموصل ونينوى الغد، والدوائر والمؤسسات الحكومية والمصارف بيد «داعش»، وتم اقتحام سجون الدواسمة والفيصلية وبادوش، وهناك إطلاق سراح لمئات من المعتقلين». وتشهد الموصل حركة نزوح كثيفة باتجاه إقليم كردستان المجاور الذي يتمتع بحكم ذاتي. وقال رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي في مؤتمر صحافي في بغداد إن القوات العراقية تخلت عن أسلحتها، وهربت القيادات وتركوا الأسلحة والمدرعات والمواقع لُقمة سائغة بيد الإرهاب. حتى مطار الموصل وبعض الطائرات ومواقع القيادة كلها سقطت، ومخازن الأسلحة، والسجون تم اقتحامها وإطلاق سراح المجرمين. ما حصل هو كارثة بكل المقاييس». وأضاف «التعاون مطلوب، ولا بد من تجاوز الخلافات هذه الأيام لأن هناك غزواً خارجياً للعراق، وهذا يتطلب وحدة وطنية تصل إلى مستوى التحديات»، مشيرا إلى أنه «من المؤمل أن يكون هناك اجتماع اليوم للقيادات السياسية للخط الأول في البلد». وتابع النجيفي «تكلمت مع السفير الأمريكي قبل ساعة، وطلبت منه أن يكون للولايات المتحدة دور، ووعدوا ببحث الأمر بصورة مستعجلة» من دون أن يحدد طبيعة هذا الدور. وأعلن رئيس الحكومة العراقية القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي «حالة الإنذار القصوى، وحالة الطوارئ في العراق» على خلفية سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) على مدينة الموصل. ودعا المالكي، في بيان صحفي بعد انتهاء جلسة لمجلس الوزراء، إلى التعبئة الشعبية والسياسية لمواجهة «داعش»، كما دعا الأممالمتحدة والجامعة العربية إلى دعم جهود العراق في مواجهة التنظيم، وحث المالكي دول الجوار إلى قطع خطوط الإمدادات عن «الإرهابيين». أعلن رئيس وزراء إقليم كردستان، نيجيرفان بارزاني أن «حكومة الإقليم حاولت التنسيق مع الحكومة العراقية على مدار اليومين الماضيين، ولكن الحكومة الاتحادية رفضت التنسيق، ولم تستجب لتلك المحاولات، وسقطت مدينة الموصل صباح اليوم». وقالت مصادر كردية إن قوات البيشمركة الكردية استعادت ناحية ربيعة وقرية أم خباري التي كان مسلحون سيطروا عليها الليلة الماضية بعد طرد القوات العراقية المتمركزة هناك. وقال قائد قوات البيشمركة في منطقة زمار غرب الموصل إن «قوات البيشمركة اضطرت إلى التدخل بعد أن سيطرت الجماعات المسلحة على معظم مناطق الموصل وربيعة، واقتربت من المدن والبلدات والقرى الكردية في المنطقة». وأضاف: «قواتنا دخلت مع ساعات الصباح إلى ناحية ربيعة، واستعادت الناحية من الجماعات المسلحة». وناحية ربيعة تبعد حوالي 120 كلم غرب مدينة الموصل، وتقع على مسافة كيلومترين من الحدود السورية، وهي واقعة بين مدينة دهوك في إقليم كردستان وقضاء سنجار التابع لمحافظة نينوى ومركزها مدينة الموصل. وكانت الناحية تحت سيطرة القوات العراقية، وكانت تتمركز فيها ثلاثة ألوية من الجيش العراقي والشرطة الاتحادية. من جهته، أفاد مدير ناحية سنون التابعة لقضاء سنجار بأن «قوات البيشمركة المتمركز في الناحية قد استعادت قرية أم خباري (العربية الواقعة بين ربيعة وبين ناحية سنون، والمحاذية للقرى الكردية التابعة لناحية سنون) بعد أن سيطر عليها مسلحون وأحرقوا مركز الشرطة في القرية». وكان رئيس مجلس محافظة نينوى قد طلب ليلة أمس من رئيس إقليم كردستان إرسال قوات البيشمركة الكردية للدفاع عن مدينة الموصل. أفاد مصدر محلي في محافظة نينوى العراقية بأن المبالغ المودعة في بنوك ومصارف المحافظة التي تقدر ب 500 مليار دينار عراقي (حوالي 429 مليون دولار)، من الممكن أن يستولي عليها عناصر «داعش». وقال المصدر لموقع «شفق نيوز» الإخباري إن مجموع المبالغ المالية الموجودة في البنوك والمصارف الحكومية والأهلية في عموم محافظة نينوى تقدر ب 500 مليار دينار عراقي. وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته أن هناك مخاوف من استيلاء عناصر تنظيم «داعش» على تلك المبالغ. وأعلنت الحكومة العراقية في بيان أنها ستسلح كل مواطن يتطوع «لدحر الإرهاب»، معلنة التعبئة العامة في البلاد، وذلك إثر الإعلان عن سقوط محافظة نينوى في أيدي جماعات متمردة. كما أعلنت الحكومة برئاسة نوري المالكي في بيانها عن إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية، وعن إعادة رسم خططها الأمنية أيضاً.