تلتهب حرارة سوق الانتقالات الصيفية، وتشهد أرقام فلكية تتزايد عاماً بعد عام، وتتنافس الأندية العالمية على جلب أفضل اللاعبين في ضل استقرارها الفني، إلا أن حركة التعاقدات على الصعيد المحلي غالباً ما تبدأ بالأجهزة الفنية قبل اللاعبين، وهي العادة السنوية للأندية السعودية التي لا زالت تصر على الاستغناء عن المدربين على رغم التجارب الناجحة لمدربين استمروا لأكثر من موسم مع أنديتهم، ولعل ما تحقق للفتح من إنجازات مع مدربه السابق التونسي فتحي الجبال الذي استطاع تحقيق بطولة الدوري وكأس السوبر بعد ستة مواسم قضاها مع الفتح يعطي دليلاً واضحاً على ذلك. في الموسم الماضي أشرف على أندية الدوري ال14 للمحترفين 29 مدرباً من بينهم أربعة دربوا الاتحاد ومثلهم دربوا الاتفاق، الأول احتل مركزاً متأخراً في الترتيب لا يليق بتاريخه الطويل، والثاني ودّع دوري الأقوياء وهبط لدوري «ركاء» أو كما يعرف بدوري «المظاليم»، في المقابل حققت الأندية التي استقرت على أطقمها الفني نتائج مميزة، إذ ظفر النصر ببطولة الدوري وكأس ولي العهد، مع مدربه الأوروغوياني كارينيو، وكذلك الهلال حل وصيفاً مع مدربه سامي الجابر، فيما حقق التعاون المركز الخامس مع مدربه الجزائري توفيق روابح، وجاء العروبة في المركز ال11 مع مدربه التونسي جميل بالقاسم. وعلى رغم أن المدرب النصراوي الأوروغوياني كارينيو استطاع إعادة النصر إلى منصات التتويج بعد أعوام عجاف غاب فيها «العالمي» عن تحقيق البطولات، إلا أنه وفي ظاهرة تكاد أن تكون نادرة يغادر الدوري ويستغني عنه ناديه، على خلاف ما كان في الأعوام الطويلة الماضية، فالاتحاد والهلال والشباب والفتح في الأعوام الماضية بعد تحقيقهم للبطولات جددوا الثقة بمدربيهم بحثاً عن ألقاب جديدة، غير أن النصر لم يتمسك بمدربه السابق، وفضلت إدارته تعويض رحيله بالتعاقد مع الإسباني كانيدا، وتعاقد وصيفه الهلال مع الروماني لورنت ريجيكامب عوضاً عن سامي الجابر، فيما استغنى الأهلي عن البرتغالي بيريرا وتعاقد مع السويسري غورس، وحل الروماني جوزيه موراليس بديلاً عن عمار السويح في الشباب، وعلى غير العادة سيغيب هذا الموسم مدرب الفتح فتحي الجبال عن الملاعب السعودية بعد ستة أعوام قضاها مع «النموذجي»، وسيعوض غيابه الهولندي ماكيدا، وسيقود الفيصلي هذا الموسم البلجيكي ستيفان ديمول عوضاً عن الإيطالي جيوفاني، العروبة تعاقد مع الفرنسي لوران باند بديلاً عن جميل بالقاسم، فيما تعاقد الرائد مع المقدوني كوستوف، ليقوده بع رحيل البلجيكي مارك بريس، وجاء في نجران الفرنسي دينيس لافاني بديلاً عن السوري نزار محروس، فيما تعاقد الخليج ضيف الدوري الجديد مع مدرب النهضة الموسم الماضي التونسي جلال القادري، وأبقى الضيف الثاني هجر على مدربه السابق التونسي ناصف البياوي. في المقابل لم يتبقَ من 29 مدرباً مروا على تدريب الأندية السعودية في الموسم الماضي سوى مدربين، إذ يستمر التعاون مع مدربه الجزائري توفيق روابح بعد أن قضى عامه الثالث مع فريقه، وتمسك الاتحاد بمدربه خالد القروني. 11 مدرباً تم التعاقد معهم هذا الموسم بطموحات مختلفة، منهم ثلاثة مدربين سبقوا وأن أشرفوا على أندية سعودية، و8 يخوضون التجربة الأولى في الملاعب المحلية، وغابت المدرسة الكروية الأميركية عن الأشراف الفني هذا الموسم، فيما طغت المدرسة الأوروبية ب10 مدربين وثلاثة مدربين من المغرب العربي ومدرب وطني وحيد، ومن المواسم النادرة أن يبدأ موسم جديد من دون أن يوجد مدرب سبق وأن حقق الدوري على الهرم الفني لأحد الأندية، كما يحدث هذا الموسم الذي سيشهد منافسة حامية بين ال14 مدرباً لإضافة هذا السجل لتاريخه التدريبي. في المواسم الثلاثة الماضية لا تكاد أن تلعب الجولة الثالثة من دون إقصاء مدرب، ما يجعل التساؤلات تزداد لدى المتابعين عن دقة الإدارات في اختيار ملفاتها التدريبية، ويبقى السؤال الأعرض، ماذا سيكون عليه الحال في الموسم الجديد في ظل وجود ثمانية مدربين يصلون للمرة الأولى إلى الملاعب السعودية؟