انتقدت صحيفة «هآرتس» ما وصفته ب «ملاحقة» اليساريين ومنظمات الحقوق المدنية بعد أن ابلغ مسؤول «سلطة الخدمة الوطنية المدنية» في إسرائيل سار شالوم جيربي منظمة «بتسيلم» الحقوقية بأنه تم وضعها على القائمة السوداء كجهة توظيف. وكتب جيربي في رسالته: «اشعر انه علي ان امارس صلاحياتي وأوقف المساعدات الحكومية التي تقدم لمنظمة تعمل ضد الدولة وضد الجنود الذين قدموا حياتهم ببطولة لحماية سلامة ورفاه جميع المواطنين». واتهم «بتسيلم» بنشر الاكاذيب والتشهير وتهديد امن الدولة ونشر معلومات تشجع اعداء اسرائيل وتؤدي الى اعمال معادية للسامية ضد اليهود في انحاء العالم. واعتبرت المنظمة تلك الخطوة هجوماً على «الديموقراطية الاسرائيلية»، وطلبت من انصارها التوقيع على عريضة على الانترنت لدعم حرية التعبير والديموقراطية. ويقول ييزهار بير من مركز كيشيف لحماية الديموقراطية في اسرائيل ان التعبير عن معارضة أصبح أصعب الآن اكثر من أي وقت مضى في بلد يفاخر بأنه الديموقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط. وتعرض القلائل الذين علت اصواتهم بمعارضة الحرب على غزة، للتهديد أو وصفوا بالخيانة. فبعد ان اتهم معلق صحيفة «هآرتس» جدعون ليفي طياري القوات المسلحة بارتكاب اعمال وصفها ب «الأشد وحشية وبشاعة» ضد «الضعفاء والعجزة في غزة»، قامت الصحيفة بتعيين حراس شخصيين لحمايته، فيما اقدم القراء على الغاء اشتراكاتهم، واصبح الناس يوقفونه في الشارع لاهانته، كما وصفه النائب الحكومي ياريف ليفين بأنه كاذب «وبوق للعدو»، داعياً لمحاكمته بتهمة الخيانة. وصرح ليفي لوكالة «فرانس برس» من مكتبه الضيق في الصحيفة في تل ابيب بعيداً من المقاهي التي يخشى ان يلقى فيها الاهانات: «لم اواجه في حياتي مطلقاً مثل رد الفعل العدائي هذا». وأضاف: «لا احد هنا يهتم بالمعاناة في غزة، والأكثر من هذا فإنك اذا تجرأت على الاعراب عن التعاطف، تصبح خائناً». ويشتكي بعض الاسرائيليين الذين انتقدوا الحرب حتى على صفحاتهم الخاصة على موقع «فايسبوك من تعرضهم الى النبذ. وجرى وقف ممرضة من عرب اسرائيل عن العمل فترة قصيرة، بينما قال آخرون من عرب اسرائيل انهم طردوا من وظائفهم. ويقول ستيفن بيك من رابطة الحقوق المدنية في اسرائيل ردا على سؤال عن غياب الاحتجاجات: «تنتشر المضايقات التي اجبرت الكثيرين على الابتعاد عن التظاهر». وشبه الجو الحالي بالذي سبق مباشرة اغتيال رئيس الوزراء الحائز على جائزة «نوبل» للسلام اسحق رابين برصاص متطرف يهودي عام 1995. وقال ان «الامور التي تصدم بدرجة كبيرة في ذلك الوقت أصبحت عادية الآن ... الآن بدأت الامور تتجه بقوة الى مستوى جديد من التطرف». وأضاف: «السؤال الآن: هل ستتطور هذه الحالة لتؤدي الى امر ما، أم انها ستختفي». والاجابات معقدة فبالنسبة الى بير، فإن الامر متجذر في تصاعد اليمين المتدين والمجتمعات المغالية في التشدد، وحركة المستوطنين اليهود القوية، والاحتلال المستمر للضفة الغربية. واوضح ان «الجزء المتشدد اختطف من المجتمع الاسرائيلي دولة اسرائيل».