يتصدّر «هآرتس»، مفخرة الصحافة الإسرائيليّة، في عددها يوم أمس الجمعة، عنوان يقول: «ليفني تحثّ ليكود وكاديما على الاتّحاد ضدّ الحريديم». أمّا الهدف من ذلك، كما تريده قائدة المعارضة، ف «الوصول إلى اتّفاق سلام مع الفلسطينيّين وإحداث تحوّل اجتماعيّ». وتشرح تسيبي ليفني، في المقابلة التي أجرتها الصحيفة معها، أنّ بنيامين نتانياهو يرشو القوى الدينيّة المتطرّفة من أجل «أن يتجنّب اتّخاذ قرار حول العمليّة السلميّة»، كما حول المسائل الاجتماعيّة. أمّا افتتاحيّة العدد، التي تعبّر عادةً عن رأي «هآرتس»، فعنوانها: «الوقت يعمل ضدّ إسرائيل كدولة يهوديّة ديموقراطيّة». وهي تختتم بالعبارة التالية: «يقوم نتانياهو ومستشاروه بعمل جيّد حين يُسقطون تكتيكاتهم الجامدة ويوجّهون طاقاتهم نحو حلّ الدولتين لشعبين». ويسأل المعلّق آري شافيت عمّن يكون «نِك كليغ الإسرائيليّ؟»، قاصداً الوجه الصاعد لليبراليّين الديموقراطيّين في بريطانيا، آخذاً على نتانياهو أنّه سلّم البلد للأحزاب الدينيّة المتطرّفة. وإذ ينتقد شافيت سائر القادة في بلاده، يطالب ب «نك كليغ الاسرائيليّ» الذي «ينشئ فريقاً يستمدّ قيمته من وضع نخبة جديدة في الخدمة العامّة لا من ترويج ذاته». وعلى عادته يذهب جدعون ليفي أبعد، فيكتب بعنوان «الصديق»، عن إيلي فيزيل «صديق إسرائيل»، ساخراً من أنّ من يملك صديقاً كهذا لا حاجة به إلى أعداء. ويقول جدعون بالحرف: «بعد انقضاء 43 سنة على الاحتلال [قاصداً احتلال الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة في 1967]، لا يزال هؤلاء الناس يعملون على إدامة الاحتلال»، مطالباً فيزيل بأن يفعل عكس ما يفعله في العادة. فهو «كناجٍ شهير من المحرقة، وحائز جائزة نوبل ومسموع الصوت في الأماكن المؤثّرة»، مدعوّ إلى مطالبة أوباما بالتشدّد مع الدولة العبريّة، لا بالتراخي حيالها. أمّا أميرة هاس فتذهب، بدورها، أبعد فأبعد، إذ تكتب تحت عنوان «لماذا لن تسمح إسرائيل لسكّان غزّة باستيراد البقدونس؟»، هازئة من الحصار بذريعة المخاطر الأمنيّة. وهي أنهت مقالها مستشهدة بفقرة كتبها القاضي تامار فيلدمان: «من الصعب أن نتخيّل كيف يكون نشر لائحة بمنتجات كالأدوية والموادّ الغذائيّة وسلع النظافة الصحّيّة (...) ضارّاً بأمن الدولة». وتسخر «هآرتس»، على صدر صفحتها الأولى، من نائب وزير الخارجيّة دانيال أيالون ومن وزارة الخارجيّة. فهو دعا ديبلوماسيّين وإعلاميّين من الداخل والخارج الى مؤتمر صحافيّ تقدّم فيه الوزارة آخر تقاريرها عن «التحريض» الإعلاميّ الفلسطينيّ على إسرائيل. لكنْ، وكما يضيف المراسل باراك رافيد، «وجد المراسلون الذين حضروا حدثاً سورياليّاً، إذ سُلّمت وزارة الخارجيّة التي يصدر التقرير عنها إلى منظّمة سياسيّة غير حكوميّة لليمين المتطرّف». وفي صفحة الرأي نُشر مقال للنائب العربيّ محمّد دراوشة يرى فيه أنّ «المواطن العربيّ [في إسرائيل] الذي يملك عمقاً استراتيجيّاً في المنطقة، أهمّ الشركاء في الجهد المبذول لبناء مجتمع إسرائيليّ قائم على الشراكة». كذلك كتب في الصفحة ذاتها يوسي ساريد، القطب التاريخيّ لليسار الصهيونيّ، عن ضرورة مواجهة القوى الدينيّة المتطرّفة ومن يقفون وراءها. وطبعاً نقع، إلى تلك العيّنات، على آراء مختلفة تماماً، تدافع عن نتانياهو والقوى الدينيّة المتطرّفة، كما تتمسّك بحصار غزّة وبالاحتلال عموماً. بالمقارنة مع ما هو جارٍ عندنا، وفيما يقرع البعض طبول الحرب، يستحقّ هذا التعدّد، وهذا الإعلان الصريح عن الضعف والقصور، أن يجعلنا نخاف. القوّة التي يبديها أحمدي نجاد تستحقّ أن تضاعف أثر الخوف علينا.