انتهت جلسة «هيئة الحوار الوطني اللبناني» الثانية، في المرحلة الجديدة من أعمالها، أمس، الى تجديد الالتزام بالتهدئة الأمنية والسياسية والإعلامية ودعم الجيش وتحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية والدولية، بعد 4 ساعات ونصف الساعة من النقاش حول البند الوحيد على جدول أعمالها المتعلق بالإستراتيجية الدفاعية وسلاح «حزب الله» والمقاومة. وكرر أعضاء الهيئة مواقفهم المعروفة من هاتين المسألتين، في نقاش طويل اعتبره رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط بأنه كان أفضل من الجلسة السابقة قبل أسبوعين، بحسب ما قال ل «الحياة». واعتبره البعض الآخر «هادئاً» فيما رأى بعض المصادر أنه كان في بعض جوانبه «غير مريح» لأنه أعاد الانقسام حول مسألة السلاح الى أصله. إلا أن رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي ترأس هيئة الحوار أبلغ أقطابها بعد نقاش أن لديه تصوراً حول الإستراتيجية الدفاعية والسلاح سيطرحه في الجلسة المقبلة التي تقررت في 24 تموز (يوليو) المقبل، بعدما قدم عرضاً حول أهمية الحوار وضرورة البحث في جدول الأعمال المتعلق بالإستراتيجية الدفاعية والسلاح، قاطعاً الطريق على طرح أي موضوع آخر. وقالت مصادر رسمية إن تصور سليمان جاهز وسيستفيد من المداخلات التي طُرحت أمس من أجل تعزيزه، ويجيب عن الأسئلة المتعلقة بكيفية الإفادة من سلاح المقاومة ومتى يستعمل وكيف ولماذا، ليكون منطلقاً للمناقشة. وإذ اكتفى سليمان بالتأكيد لأقطاب الحوار أن سلاح المقاومة لا يناقش لمجرد المناقشة وأن الإستراتيجية الدفاعية تشمل أيضاً كيفية حماية الموارد الطبيعية والنفط اللبناني في البحر، فإن البيان الصادر عن الهيئة كلف حكومة الرئيس نجيب ميقاتي تنفيذ قرارات الحوار السابقة في ما يخص إزالة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، بعدما أسهب رئيس البرلمان نبيه بري في الحديث عنه في مداخلة طويلة منبهاً الى أوضاع المخيمات الاجتماعية والحياتية وإلى محاولات لجرها الى صدام مع الدولة اللبنانية. وفيما اقترح بري تشكيل لجنة وزارية – برلمانية لهذا الغرض، فضل ممثلو قوى 14 آذار الاكتفاء بالطلب الى الحكومة تنفيذ قرارات الحوار السابقة في شأن السلاح الفلسطيني. واكتفى البيان الختامي بالإشارة الى إنشاء اللجان اللازمة لمعالجة القضايا الحياتية بالتعاون مع المنظمات الدولية والسلاح خارج المخيمات. وبينما جدد بيان الهيئة تأكيد عدم جواز اقتناء أو استعمال السلاح في الداخل ورفع الغطاء عنه، والحفاظ على دينامية الحوار، بقي الانقسام بين قوى 14 آذار وبين قوى 8 آذار حول مسألة سلاح «حزب الله» والمقاومة، وبرز في معظم المداخلات، وأبرزها مداخلتي كل من رئيس كتلة «المستقبل» النيابية رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة ورئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد. وركزت مداخلات قوى 14 آذار والسنيورة على التزام إعلان بعبدا الصادر عن اجتماع الحوار السابق وعلى أن سلاح «حزب الله» تحول من سلاح موجه ضد إسرائيل الى سلاح إقليمي وفق تصريحات مسؤولين إيرانيين، وأنه بات سلاحاً في حالة تفريخ أسلحة هنا وهناك يستعمل لأكثر من غرض سياسي مع ازدياد التعدي على القانون، داعياً الى حصره في يد السلطة الشرعية، وإمرة الدولة، وفق جدول زمني. وانتهى السنيورة الى الدعوة الى حكومة إنقاذ وطني من لا منتمين الى التيارين اللذين يشكلان الانقسام العمودي في البلد. وفيما لم يرد أي من الحاضرين على مطالبة السنيورة بتغيير الحكومة بمن فيهم الرئيس ميقاتي، فإن النائب رعد أدلى بمداخلة طويلة تناولت دور المقاومة في تحرير الأرض قبل عام 2000 وبعده في رد العدوان الإسرائيلي وسانده في موقفه بعدم تعارض وجود المقاومة مع الدستور واتفاق الطائف النائب اسعد حردان وآخرون من قوى 8 آذار. ولفت رعد، بحسب مصادر المجتمعين، الى هواجس البعض من استخدام سلاح المقاومة في الداخل، مشيراً الى أن هذا حصل مرة في 7 أيار (مايو) 2008 لأنه حصل اعتداء على المقاومة. ودعا الى أن يجري البحث في الضمانات حيال بعض المخاوف، على أساس وحدة الموقف اللبناني وليس بالتصعيد وصب الزيت على النار. وعلق السنيورة على طرح مسألة مزارع شبعا بالقول إن «كل الأطراف من إسرائيل الى النظام السوري الى الأطراف اللبنانية كانت ترفض التوصل الى حل مسألة مزارع شبعا، وعلى رغم الاتفاق على ترسيم وتحديد الحدود، (في قرارات الحوار السابقة)، لم ينفذ شيء ولو تمكنا من تحقيق خطوة عام 2006 في خصوص مزارع شبعا لكان الأمر أُنجز ولكننا الآن في 2012 ولم يتم إنجاز شيء. كانت هناك مصلحة متقاطعة لكل الأطراف بعدم حل المسألة لكي تبقى موضوعاً قابلاً للتحريك كل ما أراد طرف ذلك». وفي الخلاصة ذكر أحد المشاركين في الحوار أن قوى 8 آذار وافقت على وجوب تنفيذ قرارات الحوار السابقة لكن آلية التنفيذ بقيت في عهدة الحكومة. فيما وافق الرئيس سليمان على وجوب بحث السلاح تحت سقف الدستور والطائف وحفظ العيش المشترك، على أن يدلي بتصوره في هذا الشأن في الاجتماع المقبل، ما يشكل وعداً يتيح استمرارية الحوار.