خلصت طاولة الحوار اللبناني التي انعقدت ساعات في القصر الجمهوري امس، تلبية لدعوة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، الى تأكيد بنود تتعلق ب «التهدئة الأمنية والسياسية والإعلامية والسعي الى توافق على ثوابت وطنية وقواسم مشتركة وتثبيت دعائم الاستقرار وصون السلم الاهلي والحؤول دون اللجوء الى العنف والانزلاق بالبلاد الى الفتنة»، وجرى التشديد على «عدم السماح بإقامة منطقة عازلة في لبنان او استعمال لبنان مقراً أو ممراً او منطلقاً لتهريب السلاح والمسلحين». وقرر اقطاب الحوار استئناف جلساتهم في 25 الجاري. مصافحات وقُبَل وجمعت طاولة الحوار الأقطاب السياسيين مرة جديدة بعد انقطاع دام سنة و7 اشهر، في غياب ثلاثة اقطاب اساسيين من «قوى 14 آذار»، هم الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع (الرافض للحوار، على خلفية ان لا جديد سينتج عنه)، والنائب السابق غسان تويني الذي غيَّبه الموت قبل ايام (وقف الجميع في مستهل الجلسة دقيقة صمت حداداً)، وتغيَّب وزير المال محمد الصفدي بداعي المرض. وكان اول الواصلين الى قصر بعبدا الخبير الاستراتيجي نقولا الحاج شاهين، ثم النائب اغوب بقرادنيان، تبعه رئيس جبهة «النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط، وجلس الرجلان معاً وتبادلا الأحاديث والضحك. ثم وصل النائب جان اوغاسبيان وجلس في الصالون، وتبعه النائب ميشال فرعون وجلس قربه، ثم وصل رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية محمد رعد وجلس بينهما لفترة قصيرة، الى ان وصل رئيس الحزب «السوري القومي الاجتماعي» النائب اسعد حردان وألقى التحية على الموجودين وتبادل القبلات مع رعد. وفور وصول رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عقد خلوة مع سليمان لعشر دقائق. ووصل النائب سليمان فرنجية، وجلس حردان الى جانبه وتبادلا الحديث، ثم وصل النائب ميشال المر، الذي تبادل القبل مع فرنجية وحردان وفرعون واوغاسبيان ورعد وجنبلاط وبقرادنيان. ووصل نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري، ثم رئيس حزب «الكتائب» امين الجميل، تبعه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، فتبادل الأخيران السلام والقبل عند مدخل قاعة الحوار، وجلس بري الى جانب مكاري وتبادلا الأحاديث، فيما بقي الجميل واقفاً عند مدخل القاعة. ولدى وصول رئيس كتلة «المستقبل» النيابية فؤاد السنيورة الى القاعة، حيا جميع الحاضرين. وعقد سليمان خلوة مع بري بعد ميقاتي الذي دخل القاعة وجلس قرب فرنجية بعد تبادل القبل. وقبل دقيقتين من موعد التئام الحوار، وصل النائب طلال ارسلان، الذي سلم على أطراف «فريق 8 آذار» وقبلهم، وعلى المر الذي جذبه إليه وقبّله، فيما اقتصر سلامه باليد مع أطراف 14 آذار. وكان آخر الواصلين رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النيابي ميشال عون، الذي أجرى حديثاً مطولاً مع الجميل عند مدخل القاعة، ثم انضم اليهما بري وبقرادونيان، في وقت سجل تبادل أحاديث بين جنبلاط وأرسلان، وعندما دخل سليمان القاعة، قبل ثلاث دقائق من موعد التئام طاولة الحوار، ألقى التحية على الجميع، وطال السلام مع جنبلاط، وتبادل بضع كلمات مع رعد. وجلس الأطراف حول طاولة مستطيلة الشكل وترأسها سليمان، الذي استهل الجلسة بمداخلة استغرقت 40 دقيقة، تلتها مداخلة لميقاتي، ثم فتح النقاش وقدمت 6 مداخلات، ثم استراحة قصيرة، ثم 5 مداخلات متبقية. ورفعت الجلسة قرابة الثالثة بعد الظهر، ولم يتبعها غداء جامع. وكان اول المغادرين عون، الذي صرح بأن «الأجواء جيدة جداً، وجرى الاتفاق على كل شيء»، ووصف بري الحوار ب «الجدي». إعلان بعبدا وتضمن البيان الختامي ملخصاً للكلمة التي ألقاها سليمان في مستهل الجلسة، عن «الحاجة الملحّة التي دفعته للمبادرة للدعوة الى استئناف أعمال هيئة الحوار، والتي جاءت لتؤكدها الأحداث المؤسفة الأخيرة، وخصوصاً في الشمال وتداعياتها السلبيّة اقتصادياً في وقت يتحضّر فيه لبنان لموسم الاصطياف ولزيارة البابا الرسميّة لأراضيه منتصف أيلول (سبتمبر) المقبل، وهو البلد الذي يتوجّب على اللبنانيين المحافظة عليه كرسالة حريّة وعيش مشترك وحوار». واضاف البيان: «بعدما استعرض سليمان ما حققته الهيئة من إيجابيات في جلساتها السابقة، ولا سيَما منها مواكبة استحقاقات السنوات الأربع المنصرمة، في أجواء ديموقراطية وهادئة، تطرّق إلى الاعتبارات التي أدّت إلى توقّف أعمالها، مؤكداً ضرورة تذليل العقبات التي تقف في وجه نجاحها في تنفيذ قراراتها السابقة، وفي المضيّ بأعمالها بثبات لغاية تحقيق كامل الأهداف الوطنية التي أنشئت من أجلها. ولفت إلى التطورات الداخلية والإقليمية والدولية منذ توقّف الحوار». وأوضح البيان انه جرت «مناقشة عامة لبنود جدول الأعمال كما طرحها رئيس الجمهورية، والاستماع إلى آراء ومواقف أفرقاء هيئة الحوار بمواضيع مختلفة وطارئة تستلزم اهتماماً ومعالجات فورية». وأورد البيان النقاط والمقررات التي جرى «التوافق» عليها، وهي: 1- التزام نهج الحوار والتهدئة الأمنية والسياسية والإعلامية والسعي للتوافق على ثوابت وقواسم مشتركة. 2- التزام العمل على تثبيت دعائم الاستقرار وصون السلم الأهلي والحؤول دون اللجوء إلى العنف والانزلاق بالبلاد إلى الفتنة، وتعميق البحث حول السبل السياسية الكفيلة بتحقيق هذا الهدف. 3- دعوة المواطنين بكل فئاتهم للوعي، والتيقن بأن اللجوء إلى السلاح والعنف مهما تكن الهواجس والاحتقانات، يؤدّي إلى خسارة محتّمة وضرر لجميع الأطراف ويهدّد أرزاق الناس ومستقبلهم ومستقبل الأجيال الطالعة. 4- العمل على تعزيز مؤسسات الدولة وتشجيع ثقافة الاحتكام إلى القانون والمؤسسات الشرعية لحل أي خلاف أو إشكال طارئ. 5- دعم الجيش على الصعيدين المعنوي والمادي بصفته المؤسسة الضامنة للسلم الأهلي والمجسدة للوحدة الوطنية، وتكريس الجهد اللازم لتمكينه وسائر القوى الأمنية الشرعية من التعامل مع الحالات الأمنية الطارئة وفقاً لخطة انتشار تسمح بفرض سلطة الدولة والأمن والاستقرار. 6- دعم سلطة القضاء تمكيناً من فرض أحكام القانون بصورة عادلة وبلا تمييز. 7- الدعوة الى تنفيذ خطة نهوض اقتصادي واجتماعي في مختلف المناطق. 8- دعوة جميع القوى السياسية وقادة الفكر والرأي الى الابتعاد عن حدّة الخطاب السياسي والإعلامي وعن كل ما يثير الخلافات والتشنج والتحريض الطائفي والمذهبي، بما يحقّق الوحدة الوطنية ويعزّز المنعة الداخلية في مواجهة الأخطار الخارجية، ولا سيَما منها الخطر الذي يمثّله العدو الإسرائيلي، وبما ينعكس إيجاباً على الرأي العام وعلى القطاعات الاقتصادية والسياحية والأوضاع الاجتماعية. 9- تأكيد ضرورة التزام ميثاق الشرف الذي سبق أن صدر عن هيئة الحوار الوطني لضبط التخاطب السياسي والإعلامي، بما يساهم في خلق بيئة حاضنة ومؤاتية للتهدئة ولتكريس لبنان كمركز لحوار الحضارات والديانات والثقافات. 10- تأكيد الثقة بلبنان كوطن نهائي وبصيغة العيش المشترك وبضرورة التمسّك بالمبادئ الواردة في مقدمة الدستور بصفتها مبادئ تأسيسية ثابتة. 11- التمسك باتفاق الطائف ومواصلة تنفيذ كامل بنوده. 12- تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليمية والدولية وتجنيبه الانعكاسات السلبية للتوتّرات والأزمات الإقليمية، حرصاً على مصلحته العليا ووحدته الوطنية وسلمه الأهلي، ما عدا ما يتعلق بواجب التزام قرارات الشرعية الدولية والإجماع العربي والقضية الفلسطينية المحقّة، بما في ذلك حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أرضهم وديارهم وعدم توطينهم. 13- الحرص تالياً على ضبط الأوضاع على طول الحدود اللبنانية-السورية وعدم السماح بإقامة منطقة عازلة في لبنان، وباستعمال لبنان مقرّاً أو ممراً أو منطلقاً لتهريب السلاح والمسلحين، ويبقى الحق في التضامن الإنساني والتعبير السياسي والإعلامي مكفول تحت سقف الدستور والقانون . 14- التزام القرارات الدولية، بما في ذلك القرار1701. 15- مواصلة دراسة السبل الكفيلة بوضع الآليّات لتنفيذ القرارات السابقة التي جرى التوافق عليها في طاولة وهيئة الحوار الوطني. 16- تحديد الساعة الحادية عشرة قبل ظهر الإثنين في 25 الجاري موعداً للجلسة المقبلة لهيئة الحوار الوطني لمواصلة البحث في بنود جدول أعمالها. 17- اعتبار هذا البيان مثابة «إعلان بعبدا» يلتزمه جميع الأطراف، وتبلّغ نسخة منه إلى الجامعة العربية والاممالمتحدة. وقائع من النقاش: ممثلو «8 آذار» تجنبوا السلاح ونظراؤهم في 14 لاحظوا ابتعاداً من صلب المشكلة حصلت «الحياة» على وقائع من نقاش «هيئة الحوار الوطني» أمس في بعبدا، وجاءت كالآتي: افتتح رئيس الجمهورية ميشال سليمان الجلسة مشيداً بمآثر عميد الصحافة اللبنانية غسان تويني، ومنوّهاً بدوره الداعم للحوار، ونبذه للأحقاد. وتوقف في عرضه للاحداث أمام مقتل زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن في باكستان وتصاعد العمليات في أفغانستان وبداية انسحاب القوات الغربية منها، وإعادة انتخاب فلاديمير بوتين رئيساً لروسيا واجتماعات الدول الخمس زائداً واحداً المخصصة للبحث في الملف النووي الإيراني، وانتخاب فرنسوا هولاند رئيساً لفرنسا، والأوضاع المستجدة في عدد من الدول العربية في ضوء انتقال السلطة فيها تحت تأثير حراك الربيع العربي والثورات التي شهدتها وأدت إلى تسلّم الإسلاميين مقاليد السلطة في هذه الدول، والأحداث في سورية. ونوّه بالبيانات الصادرة عن الأزهر الشريف حول أصول الحكم والعلاقات بين الأديان، مشيراً إلى التوتر القائم بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران ومحاولة اغتيال السفير السعودي (عادل جبير) في الولاياتالمتحدة، والقمة العربية في العراق وعدم الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية الذي بات يدعو إسرائيل للارتياح رغم السياسة العدوانية التي تتبعها. وتوقف سليمان أمام الحوار القائم بين حركتي «فتح» و«حماس» بعدما خرجت الأخيرة بهدوء من دمشق، والفيتو الأميركي على انضمام فلسطين إلى الاممالمتحدة، وتوقف واشنطن عن دفع حصتها المتوجبة عليها لمنظمة «الأونيسكو»، والاختلاف الحاصل بين تركيا وإسرائيل، ومؤتمر دعم أصدقاء سورية الذي لم يشارك فيه لبنان كما لم يشارك في المؤتمر الذي استضافته طهران من أجل سورية. وتحدث عن الظروف التي أدت إلى سقوط حكومة الرئيس سعد الحريري ومجيء حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وكيف تم التوصل إلى المخرَج الذي أدى إلى تسديد حصة لبنان من المحكمة الدولية، إضافة إلى الاتصالات الجارية للضغط على إسرائيل للانسحاب من تلال كفرشوبا ومزارع شبعا والجزء اللبناني من بلدة الغجر، مشيراً إلى الهدوء الذي يعم الجنوب بما فيه منطقة جنوب الليطاني «بفضل تعاون الجيش ويونيفيل ودورهما في حفظ الاستقرار». ولفت سليمان إلى أن الاقتصاد اللبناني «بدأ يعاني من انكماش كبير وأن المؤسسات أخذت تشكو من تأثيره عليها». وقال: «ما زلنا نشهد تبادل الاتهامات وتصعيداً في المواقف ونسمع دعوات لنواب وهيئات المجتمع المدني في طرابلسوبيروت تطالب بجعلهما مدينتين منزوعتي من السلاح». وشدد سليمان على ضرورة تنشيط الأداء الحكومي «لإخراج البلد من الشلل الذي هو فيه الآن»، ورأى أن «هناك أهمية للحوار وعلينا أن نسأل أنفسنا لماذا العودة إليه وهل من بديل منه؟ وماذا حققت طاولة الحوار حتى الآن؟». كما توقف أمام تزايد حوادث الخطف مركزاً على خطف القيادي في حزب «البعث» شبلي العيسمي من أمام منزله في عاليه من جهة، وعلى تصاعد التظاهرات المطلبية وتدني مستوى الخدمات في عدد من الإدارات، إضافة إلى تجدد الحوادث من حين إلى آخر في المخيمات الفلسطينية، خصوصاً في عين الحلوة، وكذلك الاشتباكات في طرابلس وطريق الجديدة، والخطف المتبادل الذي حصل أخيراً في عكار والجهود الآيلة إلى الإفراج عن المخطوفين ال11 في حلب. وحذر سليمان من أن البلد «أخذ يقترب من حافة الخطر وهذا ما يدعونا للحوار كمدخل وحيد لوقف ما يهددنا جميعاً من دون استثناء». وقال إن المجتمع الدولي «ومعه معظم الدول العربية، لا يخفي مخاوفه الكبيرة على البلد وقلقه من استمرار حال الاضطراب، ناهيك بأن هذا الخوف ينسحب على اللبنانيين وتحديداً من يقيم منهم في الخارج وهم يترددون الآن في المجيء إلى لبنان وهذا ما يهدد الوضع الاقتصادي. وإذا كان اللبناني يتوجس من العودة إلى بلده فهل يتجرأ الأجنبي أو العربي على المجيء؟ لذلك علينا نحن أن نقلب الصورة وأن نتوصل في الحوار إلى ما يدعو كل هؤلاء إلى الارتياح والطمأنينة». ميقاتي وقال الرئيس ميقاتي إن «لقاءنا يُعقد في ظروف دقيقة يمر بها لبنان والمنطقة، تزيدها حراجة التطورات التي تحصل في غير دولة عربية، ما يدفعنا الى مضاعفة الجهد لإبقاء وطننا بعيداً من تداعيات ما يحصل، وهو أمر لن يتحقق إلا بتعزيز وحدتنا والعمل بالمبادئ والثوابت التي ارساها اتفاق الطائف». وأقر ميقاتي بأن «عناوين الاختلاف بيننا كثيرة، ولكن إذا لم نلتق ونتحاور، بصراحة ومسؤولية وثقة، كيف يمكن أن نحل مشاكلنا؟». وسأل «بعيداً من المزايدة، ما البديل عن الحوار والتفاهم والاتفاق؟ هل بالسلاح نصل الى الحلول المرتجاة وقد جربناه ولم يعط نتيجة سوى تدمير بلدنا ومقومات اقتصادنا وهجرة المزيد من أبنائنا؟». وأكد أن تاريخ لبنان «قام على تسويات وطنية لأزمات مصيرية واجهها منذ ما قبل الاستقلال وبعده، وبالتالي لا يمكن لأي فريق أن يفرض رأيه على آخر بالقوة سواء كانت معنوية أم مادية أم بقوة السلاح... ولا يمكن في المقابل تهميش أي فئة والتعاطي معها من فوق، أو إخضاعها لمنطق الأكثرية العددية، فالقهر يولد حقداً ثم عنفاً وتطرفاً واقتتالاً ومآسي... وحده الحوار والنقاش المتساوي يحقق العدالة والتوافق والمساواة». ورأى أنها «ساعة الحقيقة التي تحركت عقاربها من جديد عبر طاولة الحوار هذه، وتحمّل المسؤولية واجب، لكن أي مسؤولية ليست مجزأة، بل هي مسؤولية جماعية. ونحن نسعى الى تعزيز الثقة بالدولة، لكن متى كانت اليد الواحدة قادرة على التصفيق، ومتى كان الانكفاء والامتناع والمقاطعة خيارات صحيحة؟». وأوضح أن اتفاق الطائف «الأساس الحقيقي لبناء الدولة القادرة التي تشكل مطلب الجميع، وننادي بتطبيقه كاملاً وعدم تعليق مفاعيله لاختبار طروحات أخرى على أهميتها، نتمسك بتنفيذ قرارات مؤتمرات الحوار السابقة، ونعتبر أن لا تراجع عن التزامها، لكن هل وفرنا - جميعنا في الموالاة والمعارضة - الظروف المؤاتية لتنفيذ هذه القرارات؟ وهل حصّنا جبهتنا الداخلية لفرض إرادتنا الواحدة على ضغوط الخارج؟». أضاف: «نادينا بسياسة «النأي بالنفس» حيال ما يجري حولنا من أحداث لا سيما في سورية، وقوبل خيارنا بدعم وتأييد من الداخل أو الخارج، فهل من خيار أفضل يحافظ على خصوصية لبنان ومصالحه واقتصاده، ويحمي وحدة اللبنانيين المنقسمين في مقاربتهم لما يجري في سورية، ويمنع الفتنة، ويبقي لبنان خارج المحاور وصراع النفوذ الخارجي؟ إن خيار النأي بالنفس لا يجعلنا في منأى عن شظايا ما يحصل في سورية لا سيما منها اختطاف مواطنين لبنانيين والاعتداء على الجسم الإعلامي واستهداف لبنانيين على الحدود، وتهريب الأسلحة من لبنان الى سورية. من هنا واجبنا جميعاً أن نتعاون لدرء هذه الشظايا عن وطننا. ما يحصل في طرابلس يتطلب تعاون الجميع لمعالجته وكذلك ما يحصل في عرسال وعكار». رعد وحردان وتجنب النائب محمد رعد (حزب الله) في كلمته أي حديث عن سلاح المقاومة أو الاستراتيجية الدفاعية للبنان، مركزاً على الاحتقان المذهبي والطائفي «الذي يساهم في تسعير الاختلاف في لبنان»، ومحملاً المسؤولية ل «تيار المستقبل» في «التصعيد والشحن الإعلامي وفي تغطيته للفجور الإعلامي وفي تهريب السلاح إلى سورية وتوفير الدعم المالي للمعارضة». وحمّل رعد «المستقبل» مسؤولية الوضع «الخطير» الذي يمر فيه البلد، ورأى أن « الحل لا يكون إلا بتفعيل دور المؤسسات من خلال الحكومة الحالية». وقال إن من يطالب برحيلها «هم الذين يراهنون على سقوط النظام السوري ويصرون على التدخل في شؤونه الداخلية بخلاف ما نصت عليه الاتفاقيات بين البلدين، ويدفعون إلى توتير الأجواء في طرابلس وعكار وأخيراً في الطريق الجديدة ويوقدون حملات التحريض ضد الجيش وقيادته في محاولة مكشوفة من أجل التصويب على الحكومة وإظهار عجزها». كما اتهم «المستقبل» بأنه «يغذي التحركات في الشارع، خصوصاً في الشمال ظناً منه أنه قادر على إسقاط الحكومة، خصوصاً أنه يتبع في مواقفه خطاباً طائفياً ومذهبياً»، داعياً إياه إلى التهدئة وعدم التدخل في الشأن السوري، وإلى «الكفّ عن التحريض من أجل خلق مناخات تشبه المناخ الذي ساد البلد قبل اندلاع الحرب الأهلية عام 1975». وانتقد النائب اسعد حردان «تركيز قوى 14 آذار على ترحيل الحكومة»، معتبراً أن التصعيد في الخطاب السياسي ناجم عن الانقسام السياسي في البلد، و»من نخدم حين تطالبون بإطاحة الحكومة في وقت لا يجوز ربط ذلك بالتهدئة والحوار»، ورأى أن 14 آذار «المعنية بالإشكالات الأمنية التي تحصل، تحمل نفسها مسؤولية هذه الأحداث لأنها تهدف من ورائها إلى إسقاط الحكومة، بدلاً من أن يكون موقفها الحفاظ على المؤسسات والدولة والجيش». مكاري وشكر نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري لرئيس الجمهورية ما تطرق إليه في بداية الجلسة، وقال: «ما سمعناه من الذين سبقونا إلى الكلام، خصوصاً المنتمين إلى قوى 8 آذار لا علاقة له بجدول أعمال الحوار ولا يمت بصلة إلى مسألة السلاح غير الشرعي، لأنه من اختصاص الحكومة، وما قالوه هو بمثابة شهادة على ما نقوله من أن هذه الحكومة فاشلة وعاجزة». ودعا مكاري من تحدثوا من 8 آذار، إلى التوجه إلى الحكومة لحل مشكلاتهم «خصوصاً أنهم شركاء فيها بدلاًَ من أن تأتوا إلى هنا وتطرحوها وبدلاً من أن تحددوا موقفكم من جدول الأعمال المطروح من الرئيس سليمان». وسأل ميقاتي: «سمعنا الكثير من الاتهامات الموجهة إلى «المستقبل» سواء في خصوص توزيع السلاح في الشمال أم تهريبه إلى سورية، فهل اتخذت الحكومة قرارها بإزالة البؤر الأمنية وجمع السلاح في طرابلس ولقي هذا القرار معارضة منا؟ كنا أول من أكد دعمه للجيش وسارعنا إلى رفع الغطاء السياسي عن المخلين بالأمن، نحن لم نقصّر بواجباتنا لحماية السلم الأهلي والاستقرار، لكن هل يطلب منا أن نقوم بما هو مطلوب من الحكومة؟». وقال أن «الأطراف المسيحيين في 14 آذار كانوا أول من اعترض على معادلة الشعب والجيش والمقاومة وقلنا هذا الكلام في حكومة الرئيس السنيورة ومن ثم في حكومة الرئيس سعد الحريري، لم نغير موقفنا وكنا أول من حذر من هذه المعادلة الذهبية، والمسلمون في 14 آذار انضموا إلينا بعد أحداث 7 أيار. لذلك جئنا اليوم تلبية لدعوة رئيس الجمهورية لنسمع من الفريق الآخر كلاماً عن السلاح علماً اننا سمعنا بالأمس كلاماً من النائب رعد يرفض بحث سلاح حزب الله». ورأى مكاري أن «ما يحصل الآن نتيجة فلتان السلاح وكنا أول من دعم سلاح المقاومة ونوّهنا بدورها في تحرير الجنوب لكن بعد التحرير أصبح هذا السلاح عبئاً على البلد»، لافتاً الى ان الفريق الآخر لم يتطرق الى السلاح، تحدثتم عن كل شيء إلا عما هو متعلق بجدول الأعمال»، متمنياً على «رعد والآخرين أن يسمعونا ما لديهم حول السلاح». أوغاسبيان وفرعون وسأل النائب جان أوغاسابيان عن أسباب «إصرار الذين سبقوننا في الكلام وهم من 8 آذار على عدم المجيء على ذكر مسألة سلاح حزب الله». وقال: «جئنا إلى هنا لنتحاور على أساس جدول الأعمال الذي وضعه الرئيس سليمان، لكنهم تحدثوا في كل شيء إلا عنه مع أن البنود الواردة هي صلب المشكلة»، وسأل عن الاتهامات التي توجه ل «المستقبل» بأنه يقف وراء توزيع السلاح في طرابلسوبيروت وعكار، وقال: «هل كل هذا لصرف الأنظار عن المشكلة الرئيسة أي سلاح حزب الله؟ وهل نحن من عطل عمل المؤسسات؟ وهل نحن الذين رفضنا إنزال الجيش في طرابلس وترددنا في رفع الغطاء السياسي عن المخلين بالأمن؟».واستغرب اتهام 8 آذار «المستقبل» بأن لديه خطاباً مذهبياً ويقوم بتوتير الأجواء وبتسليح المعارضة في سورية، وقال: «هل توجه إلينا كل هذه الاتهامات بما فيها أن لدينا خطاباً يذكركم بالأجواء التي سادت لبنان قبل اندلاع الحرب الأهلية؟». وقال إن خطاب 14 آذار «واضح ونملك رؤية حول معالجة موضوع السلاح غير الشرعي واستخدامه في الاختلافات الداخلية لكن الفريق الآخر يرفض تناوله مع أنه أدرج في صلب جدول الأعمال»، مشيراً إلى أن «من يريد الاستقرار في البلد يقوم بإقصاء شريحة كبيرة من اللبنانيين وربما نصفهم على الأقل ويقف وراء إبعاد سعد الحريري ومواصلة اتهام تياره بالتخوين والعمالة للغرب». وسأل: «هل الحل يكون في هذه الحكومة المهترئة والعاجزة؟ وكيف يمكن تفعيل المؤسسات وأنتم قلتم فيها كلاماً أشد وأعنف من كلامنا، إضافة إلى أنكم تتحدثون عن السلم الأهلي والشراكة وتطلبون منا التهدئة وكأننا نحن قمنا بالانقلاب». وقال النائب ميشال فرعون «تجاوبنا مع كل الدعوات إلى التوافق ومع دعوة الرئيس سليمان إلى الحوار لأنه رئيس توافقي، لكننا نشارك في الحوار من دون حماسة نظراً إلى ما حصل في جولة 2006 حيث لم تنفذ النقاط التي اتفق عليها وعادت لتكون نقاطاً خلافية وصولاً إلى أحداث 7 أيار 2008 التي نسفت التوافق بالسلاح، مروراً باتفاق الدوحة الذي حصل الانقلاب عليه وما سبقه من وضع خطوط حمر على الجيش لإنهاء الوضع في مخيم نهر البارد، وإلى منع البحث بالسلاح وفرض معادلة الجيش والشعب والمقاومة التي وافق عليها البعض على أساس أن تجري مناقشة الاستراتيجية الدفاعية التي حال موقف 8 آذار دون مواصلة بحثها. وإذا كانت السلطة ستقوم على هذا الأساس فإنها تناقض أسس العيش المشترك والأفضل أن نغير مقدمة الدستور التي تقول بلاشرعية أي سلطة تناقض العيش المشترك». وأضاف: «لدينا شكوك في إمكان نجاح الحوار حول السلاح والأجوبة عند من نفذ الانقلاب على الدوحة. وأنتم تطرحون ضرورة تغطية الجيش ليقوم بمهماته. هذا أمر لا يحتاج إلى حوار. الحكومة يفترض أن تؤمنه، نتحدث هنا في أمور لا علاقة لها بالاستراتيجية الدفاعية والسلاح. والأفضل أن نحدد نقطة واضحة للبحث هي أنه لمنع الانفجار في البلد يحتاج الأمر لبت موضوع الحكومة العاجزة وتفاقم الوضع الأمني». السنيورة وشكر السنيورة لرئيس الجمهورية مبادرته، معتبراً «أن الحوار هو الوسيلة الوحيدة المتاحة لمعالجة القضايا الخلافية في مجتمع ديموقراطي». وقال: «لكن إذا كانت هناك أهمية للحوار كوسيلة فيفترض أن يستطيع كل طرف من الأطراف أن يبدي وجهة نظره بحرية انطلاقاً من احترام الرأي الآخر وليس من خلال التشكيك أو التخوين كما قرأنا صباح اليوم في الصحف حيث اعتبر احدهم أن مجرد طرح موضوع سلاح المقاومة فهذا يعني انه خضوع لأجندة خارجية». وقال السنيورة: «لا ادري كيف يمكن أن نتحاور وينجح الحوار وهناك من يتهم الآخرين ويخونهم؟ وأود الإشارة إلى أن للحوار صدقية وتكون من خلال تنفيذ ما اتفقنا عليه أي الالتزام بالمحكمة ونزع السلاح الفلسطيني ومعالجته وتحديد الحدود مع سورية... نرى انه لم يتم الالتزام بذلك بل كل ما يعمل هو لوضع العراقيل أمام تنفيذ ما اتفق عليه وضرب صدقية الحوار». واكد انه «بقي موضوع وحيد على طاولة الحوار للحديث به وهو ليس الاستراتيجية الدفاعية، بل سلاح المقاومة الذي قام بتفريخ أسلحة اخرى حوله وبدأ يظهر سلاح آخر بسببه، هذا الأمر لم يعد بالإمكان معالجته والتعايش معه إذا لم تتم مقاربة هذه المشكلة لوضع حل لها بشكل صريح وجدي، فهذا السلاح بات موجوداً في جبل محسن وذات الفريق يستخدم سلاحه بين جبل محسن وباب التبانة لإبقاء التوتر قائماً ولتحريك الجروح وتحريك التوترات والاشتباكات وإشغال الأطراف وفرض المعادلات، هذا السلاح استخدم في 7 أيار في بيروت ثم بعد اتفاق الدوحة عبر حركة الانقلاب من خلال يوم القمصان السود، هذا السلاح الذي نفذ انقلاباً أتى بالحكومة الراهنة التي أثبتت فشلها بكل الملفات». وأضاف: «هي تقول باعتماد سياسة النأي بالنفس التي لا يمكن أن تكون صالحة لكل المناسبات، أنا لو كنت رئيساً للحكومة لاعتمدت سياسة النأي بالنفس لكن لا يجوز النأي بالنفس أمام اتهامات توجه للبنان بإيواء الإرهاب، ويتم السكوت عنها ولا أمام قتل المواطنين واختراق الحدود والسيادة، الحل يكون بتغيير الحكومة التي أثبتت فشلها من خلال ممارسات وزراء أوقعوا البلاد في مخاطر متعددة».