قدر تقرير اقتصادي حديث مجموع الأصول المالية الإسلامية السعودية بقيمة 94 بليون دولار، تمثّل 26 في المئة من مجموع الأصول المالية الإسلامية في دول مجلس التعاون و8.2 في المئة من مجموع الأصول المالية الإسلامية العالمية. ويسلط التقرير الذي أصدره مركز «ديلويت الشرق الأوسط» لاستشارات التمويل الإسلامية بعنوان: «تمكين إدارة المخاطر في قطاع التمويل الإسلامي في ظل حالة عدم الاستقرار» الضوء على النواحي البنيوية والحوكمة في إدارة المخاطر في التمويل الإسلامي، ويقدّم خلاصات جديدة حول الممارسات في هذا المجال التي قد تستفيد منها مجالس إدارة المؤسسات في مجال إدارة المخاطر خلال الأزمنة المضطربة. وهو يرتكز إلى استطلاع ومجموعة من دراسات الحالات التي تمّ بحثها في النصف الثاني من العام 2011، وشملت 20 مؤسسة مالية إسلامية من الشرق الأوسط وجنوب شرقي آسيا، مع أصول متراكمة تصل إلى أكثر من 50 بليون دولار. كما يتضمّن أيضاً العديد من المقابلات التي أجريت مع قادة هذا القطاع والمديرين التنفيذيين في مجال إدارة المخاطر. وأوضح مدير المركز الدكتور حاتم الطاهر أن المؤسسات التي تقدم الخدمات المالية الإسلامية تتعرض لمزيد من الضغوط للإضاءة على مسألة التعرّض للمخاطر والحوكمة. وتتواصل الإصلاحات التنظيمية العالمية والإقليمية في هذا المجال، ويبقى أن نرى مدى تأثيرها في القطاع المالي الإسلامي ودور مؤسسات الخدمات المالية الإسلامية».ويستخلص تقرير ديلويت أيضاً أنّ السعودية شهدت إطلاق واحدة من أوائل وأهم المؤسّسات في قطاع التمويل الإسلامي، إذ تأسس بنك التنمية الإسلامي في جدّة العام 1975 وهو مؤسّسة متعددة الأوجه لتمويل التنمية وقد ساهمت حتى اليوم بأكثر من 200 مليون دولار من الدعم التقني لحوالى 70 مؤسّسة مالية إسلامية حول العالم. إضافة إلى ذلك، شهدت المملكة إنشاء مؤسّسات بارزة أخرى اضطلعت بدور مهم في تقدّم التمويل الإسلامي. وتتضمّن هذه المسيرة تأسيس الرابطة الدولية للمصارف الإسلامية في العام 1977، التي تهدف إلى تشجيع وتسهيل التعاون بين المؤسسات الإسلامية الملتزمة بالشريعة، إضافة إلى المساهمة في توحيد مبادئ هذا القطاع على المستوى الدولي. أما اليوم، فتوجد في السعودية أربعة مصارف تجارية وهي: مصرف الراجحي مع مجموع أصول يصل إلى 58.8 بليون دولار، مصرف الجزيرة مع مجموع أصول يصل إلى 10.3 بليون دولار، مصرف الإنماء مع مجموع أصول يصل إلى 9.8 بليون دولار، ومصرف البلاد مع مجموع أصول يصل إلى 7.4 بليون دولار. وإلى جانب المصارف التجارية الإسلامية تطور قطاع التأمين التعاوني إلى حد كبير في السعودية في السنوات التسع الماضية. وتتضمّن البلاد حالياً أكثر من 30 شركة تأمين تعاونية مع مجموع أصول يفوق 7 بلايين دولار وأضخمها هي شركة التأمين التعاوني (التعاونية) مع مجموع أصول يصل إلى 1.9 بليون دولار. وقد تمّ إدخال مفهوم التأمين التعاوني إلى المملكة في العام 2003 بعد أن تمّ إعفاء كل شركات التأمين التقليدية من المملكة وتمرير تنظيمات التأمين التعاوني، ما أرسى قواعد توفير التأمين على قاعدة تعاونية بالتوافق مع الشريعة الإسلامية. إلا أنّه لم تصدر أيّ إرشادات مفصّلة حول ما يشكّل التأمين التعاوني، لكن من المتوافق عليه وجود اختلافات مقارنة مع نموذج «التكافل». كذلك، تعتبر سوق الصكوك في السعودية الثالث من حيث الحجم في العالم بعد ماليزيا والإمارات، وفقاً لتقرير الصكوك في السوق المالي الإسلامي الدولي إذ وصل عدد الإصدارات إلى 25 مع مجموع يقارب 17.1 بليون دولار حتى شهر كانون الاول (ديسمبر) 2011. وقد جاء أضخم إصدار فردي للصكوك من الهيئة العامة للطيران المدني في المملكة في شهر كانون الثاني (يناير) 2012 مع حجم إصدار وصل إلى 4 بلايين دولار أميركي. وتشير العديد من التوقعات والتحاليل المالية الإسلامية إلى أنّ المملكة العربية السعودية وجنوب شرقي آسيا ستهيمنان على الإصدارات شبه السيّادية العالية الجودة. أما الآن فإن المؤسسات الإسلامية المالية تتأثر بشكل كبير بالتشريعات العالمية في قطاع الخدمات المالية، ولكن ستواصل المؤسسات المالية الإسلامية وأنظمة الحوكمة تطوّرها مع إصدار التشريعات الجديدة. كما سيضطلع المسؤولون التنفيذيون في إدارة المخاطر أيضاً بدور أساسي في تنسيق عملية تطبيق إدارة المخاطر ونشاطاتها بين مجالس الرقابة على تطبيق الشريعة وغيرها من أقسام المؤسسة.