رداً على الخبر المنشور في «الحياة»، بتاريخ 9 أيار (مايو) 2012، بعنوان: «تدشين مهرجان «الأحساء للتسوق والترفيه» في يونيو»... كثيرة تلك الأمور التي نراها تستصح هناك ولا تستقيم هنا، ولست في معرض لاستذكار الأمثلة، ولكن لنأخذ الإيجابي من الأمور عامة... نرى السياحة تصح هناك ولا تصح هنا، نراها متجلية بكامل أناقتها وبهجتها هناك في ديار الغربة وتكون لدينا مدفونة! ويظهر على السطح عراك حينما يكون الحديث عن السياحة، والغريب ظهور مطالبات بسفاسف الأمور التي بالكاد تخدم السياحة وعدم المطالبة بأشياء جذرية نزرعها من جديد. السياحة ليست إدارة مدرسية وعمالاً وشعراءً، بل هي أكبر من هذا كله، تحتاج كوادر السياحة لدينا لمختصين بها ولخبراء عملوا ثم حصدوا في شأنها الثمار. السياحة صناعة لا تقتصر على المهرجانات فقط، بل هي فن إظهار جمال الخلفية للبد وفن إظهار طبيعته ثم إدارة مرافق خدماته بالأناقة نفسها التي ترقى للفن... فهل تتسم مرافقنا الحكومية بذلك؟ أشك والواقع خير شاهد. مشكلتنا الحقيقية هي مشكلة بُنية أساسية، إذ كيفَ تُبنى السياحة لدينا والترفيه أصلاً غائب؟ لو بدأنا من أسفل الهرم لأعلاه نجد أن «اللا ترفيه» سمة تطفح بها مدننا باختلافها، ولا مبرر يشفع لذلك سوى أن كثيراً للأسف من أقطاب المجتمع تتمسك بنظرية أن الترفيه من الكماليات ثم لا توليه أي اهتمام بشكل جذري بعد ذلك! هل يُعقل أن يكون الترفيه أحد الكماليات؟ وإن كان كذلك فلماذا بعض الدول «غير النفطية» تعتمد عليه بشكل رئيس لدخلها القومي! الترفيه أساسي وليس تابعاً للمشيئة الجمعية، بل هو حاجة طبيعية فطرية في الإنسان إن لم تُلب امتلأ ذلك الإنسان بفعل الضغوط اللا منفذ لها حتى الانفجار، نعم ليس من الطبيعي بناء مدن وتذكر كل شيء أثناء التخطيط لها وبنائها ماعدا الترفيه! بهذا وبأيدينا نحن من يدفن أساس السياحة وبمعيتها مواهب يافعة، ثم نطلق لانفجار شبابنا العنان الناتج من تراكم الضغوط بلا منافذ..! لا يعني الترفيه بالضرورة شاشة سينما صغيرة في سوق معروفة، بل بتوسيع بناء المنتزهات الأنيقة مع إشراف القطاع الخاص وفتح جميع المنافذ الرياضية للجنسين وافتتاح الآثار، وإرساء ثقافة المشي والاستكشاف وإصدار مرسوم يوجب بسهولة استخراج التصاريح لتمتلئ شوارعنا بالمبدعين يعرضون إبداعهم كما يتم بالخارج وبتصريح من دون أي مضايقات، كالرسامين والقاصين وغيرهم. إن كادرنا السياحي لا يعاني بصمت فحسب، بل إنه «شبه منسي» وهلم جرا، لو عمل قطاع كهذا كما يجب له كم كان سيوفر لشبابنا من الوظائف ويسد رمقهم الفكري والإبداعي والمالي! هذا الكادر يحتاج لانتفاضة تعيد هيكلته من جديد، لأنه ليس إدارة وليس روتيناً وليس بيروقراطية، بل طبيعته تتركب من عقل وإبداع يُنتجان صناعة، والصناعة تقوم بتشغيل الشباب، وتشغيل الشباب يعود على البلد بالنواتج المربحة، ويعود «نفسياً» على السكان بآثار إيجابية هم أحوج ما يحتاجون إليها، وأقول يحتاجون وليس فقط يكملون بها حياتهم إذ إنها حاجة والحاجة ليست كمالية! [email protected]