قرأت قبل أيام؛ تحقيقاً صحفياً عن السياحة الداخلية ، في إحدى الصحف المحلية، ثم اطلعت على تعليقات القراء عليه؛ في موقعها الإلكتروني ، فرأيت أن جميعهم؛ أظهروا التذمر والسخط من واقع السياحة في بلادنا، وأشاد أغلبهم بأحوال السياحة في بعض البلاد العربية والأجنبية. والحق أن ما قالوه فيه صحة ومغالطة، فالصحيح أن السياحة لدينا؛ تواجهها عقبات عديدة، ومشاكل عدة، والتي من أعظمها: ارتفاع أسعار الشقق والفنادق ، لكن حجة أصحابها في تبرئة ذلك؛ هو حاجتهم إلى التعويض السريع ؛ عن الركود الذي يواجهونه في غير الموسم. وأما المغالطة؛ فقولهم إن السياحة خارج البلاد أرخص، وأسعارها أنقص؛ وهم غير مصيبين في ذلك، إذ لو تمت المقارنة الصحيحة في التكلفة بين السياحتين؛ لعلمنا أيهما الأوفر ، وماهو الأفضل والأنسب، بل كلنا يعلم أن السياحة الخارجية، تحتاج إلى ميزانية كبيرة ؛ وهي التي تقوم على استغلال السائح وابتزازه، ونهب مالديه من مال ، بدءاً من وصوله إليهم، وحتى المغادرة. إن السياحة في بعض الدول الخارجية؛ سياحة رديئة ملوثة مشبوهة ،فيها حرية مطلقة، لا تنطلق من قيم نبيلة، ولا ثقافة رصينة ؛ فهي سياحة غير آمنة على دين السائح وعرضه وسلامته وسمعته وسمعة بلاده،إذ تعتمد بعضها؛ على توفير أماكن موبوءة باللهو المفسد، والفعل الفاسد، والتي تجذب الشواذ من السائحين. بينما السياحة في المملكة؛ سياحة آمنة من النصب والاستغلال ، وسياحة محافظة وبريئة من المنكرات، والأمور المخلة ، والأوضاع المفسدة، وهي سياحة نقية نظيفة محترمة ، تقوم على توفر الأجواء اللطيفة، والمناظر الطبيعية المنتشرة في بعض المناطق والمحافظات، وهي سياحة سهلة الوصول للأماكن الأثرية، وسياحة وفيرة من المجمعات التجارية الضخمة، وملاهي الأطفال الحديثة. إلا إننا نتمنى من الهيئة العامة للسياحة؛ القيام بواجباتها، والنهوض بدورها ؛ في دفع وتسهيل حركة القطاع السياحي، وذلك من خلال: الدعاية والترويج الإعلامي للمواقع الجميلة في أنحاء المملكة، والاهتمام بتدريب العاملين في المرافق السياحية؛ على فنيات الجذب السياحي، ومهارات التعامل الراقي. كما ينبغي العمل على استغلال الجزر المهجورة، وفتح الشواطئ الرملية المحجوزة، والمناطق الجبلية المحصورة، كما نرجو الاهتمام بالفئة الشبابية؛ التي نراها محرومة من البرامج السياحية ؛ والتي يحتاجونها، ويميلون إليها. كذلك نحن بحاجة إلى إقامة فعاليات وعروض سياحية مخفضة (صيفية وشتوية) ؛ بالقرب من المواقع الترفيهية، وزيادة مناشط المخيمات الدعوية، والتي نفع الله بها خلق كثير، لكنها أوقفت مع الأسف في الأعوام الأخيرة بمحافظة جدة، وقد كانت بوابة مطلوبة، ونافذة مرغوبة؛ ازدحمت بالناس ، وامتلأت بالمناشط الجميلة، والبرامج الراقية. السياحة الناجحة مهمة وطنية، لها مقومات واضحة, ولها منهج وثقافة، ولن تنجح في استقطاب الناس؛ إلا إذا كان وراءها مسؤولين مخلصين، وكانت تسير وفق تخطيط صالح،وفيها عمل دؤوب، وجهد متميز، وعطاء متواصل، وكل موسم صيف وأنتم في خير وسعادة.