على رغم كثافة اللقاءات والاتصالات بين مختلف القيادات السياسية والتي تزامنت مع عودة زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري الى بيروت التي شكلت نقطة تحول في المشهد السياسي الداخلي، لم تحمل الجلسة النيابية العامة للاستحقاق الرئاسي في دورتها العاشرة أمس أي جديد من شأنه أن يحدث خرقاً في واقع الأزمة الرئاسية، إذ بقيت بعض الكتل النيابية، وفي مقدمها «تكتل التغيير والإصلاح» وكتلة «الوفاء للمقاومة»، على موقفها المقاطع للجلسات مكتفية بحضور استطلاعي لرصد المستجدات، مقابل مشاركة غير وازنة ايضاً لنواب «14 آذار» لكن من دون التمكن من عقد جلسة لعدم اكتمال النصاب الذي يتطلب ثلثي اعضاء المجلس أي 86 نائباً. وفي حين كان كثر يترقبون مشاركة الحريري الذي لم يحضر الى البرلمان لمحاذير أمنية و»لإدراكه ان النصاب لن يكتمل» على ما قال وزيرالاتصالات (النائب) بطرس حرب ل «الحياة»، فإن عدد الذين حضروا الى ساحة النجمة لم يتخط ال 60 نائباً، في ظل غياب رئيس البرلمان نبيه بري للمرة الثالثة على التوالي، اضافة الى غياب رئيس الحكومة تمام سلام، فبقيت الصورة على حالها وانضمت الجلسة الى سابقاتها ورحلت الجولة ال11 الى الثاني من أيلول (سبتمبر) المقبل. لكن الجديد الذي ميّز جلسة الأمس تقدم النائب نقولا فتوش مرة جديدة باقتراح قانون معجل مكرر الى الأمانة العامة يطلب فيه التمديد للمجلس النيابي سنتين وسبعة أشهر ويورد فيه الأسباب الموجبة للتمديد. وقال: «لست هاوي تقديم اقتراح قانون للتمديد. أعرف الدستور جيداً وأعرف أحكامه وان التمديد لا ينص عليه الدستور، لكن هناك ظروفاً استثنائية تولد أحكاماً استثنائية استناداً الى مواد الدستور، ويتبين ان الظروف الإستثنائية تعطي الحق للمجلس وحده بالتمديد لنفسه بالقانون في حال الخطر الداهم». وكان موضوع التمديد مدار بحث بين الامين العام ل»حزب الله» السيد حسن نصرالله ورئيس «اللقاء الديموقراطي» وليد جنبلاط في 27 تموز (يوليو) الماضي، اذ اكدت مصادر مطلعة على اللقاء ان نصرالله ابلغ جنبلاط «انه مع هذا الخيار». وترافق تقديم الاقتراح مع هدايا وصلت الى النواب ال 128 بمن فيهم رئيس المجلس في مكاتبهم هي عبارة عن رأس بندورة لكل منهم موضبة في علب صغيرة، أرسلها ناشطون تحت مسمّى «مجموعة لا للتمديد» تعمل في إطار جمعيات من أجل ديموقراطية الانتخابات، كرسالة رمزية استباقية تعبيراً عن رفض التمديد وتشير الى انهم سيرشقونهم بها إذا أقدموا على هذا الأمر. وعكس خيار التمديد موقف رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة في تعليق هو الاول على هذا الموضوع بقوله: «ان رأس البندورة سنأكله كلنا». وأكد لدى خروجه من المجلس النيابي:» نريد الانتخابات، وهذا القرار مبدئي ويجب ان نحاول ان نلتزم به، واذا كان ذلك متعذراً فلنكن واقعيين ونتحمل مجتمعين الموضوع لا ان يزايد كل واحد على الثاني». وسأل: «هل المشكلة مع (الرئيس) سعد الحريري، المشكلة هي مع من يعرقل العملية ويمتنع عن الحضور الى الجلسة». وقال: «الرئيس الحريري سعادته هي في ان يستطيع اجراء الانتخابات، ولا اعتقد ان اياً من اعضاء المجلس يرغب في التمديد، فهذه وكالة أعطاها الشعب اللبناني للنواب من أجل تمثيله، ويجب طبعاً إجراء الانتخابات. اضطررنا لأن نمدد خلال السنتين الماضيتين وتحملنا هذه المسؤولية مجتمعين وهذه الاسباب ما زالت قائمة، ونعتقد ان الاولولية هي لانتخاب رئيس الجمهورية واجراء الانتخابات النيابية، وعندما يكون ذلك متعذراً الآن قد يقتضي ان نلجأ الى هذا الاسلوب مع عدم محبتنا له، ولكن يجب ان نكون واقعيين». أما حرب فأعلن في تصريح من المجلس «رفضه ان يبقى لبنان رهينة لمصالح اقليمية او محلية او شخصية». ورأى «ان ما يجب ان ننتبه له هو ان تعطيل انتخاب رئاسة الجمهورية وابقاء الجسم اللبناني بلا رأس، في مواجهة مجموعة من العواصف التي تهدد وجود لبنان وأمنه وحريات اللبنانيين ومستقبلهم، هو من اكبر الاخطار. وهذا الامر يدعوني الى محاولة التفتيش عن حل سنبحثه في وقت قريب مع الرئيس بري للخروج من الدوامة التي ندور بها. هناك معطيات وأفكار سنبحثها لكسر الجمود وإيجاد ثغرة في الجدار الذي يعطل البلد».وأشار الى ان: «التمديد للمجلس هو نتيجة تعطيل انتخابات الرئاسة، من هنا اقول للغيارى، الذين لا يريدون التمديد، تفضلوا الى المجلس لانتخاب رئيس الجمهورية». وأمل بأن «يشكل وجود الرئيس الحريري مناخاً يسمح بانطلاق الحوار مجدداً لعلنا نتوافق على كيفية اخراج البلد من مأزق عدم انتخاب رئيس الجمهورية». جعجع: ما يجري جريمة في حق الرئاسة اعتبر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ان عودة رئيس تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري «إيجابية على صعيد الشارع السّني والوطني ولكنها قد لا تُغيّر في موضوع رئاسة الجمهورية باعتبار أن العرقلة ليست من قوى 14 آذار ولكن من الفريق الآخر». ورأى في دردشة مع الاعلاميين خلال متابعة الجلسة العاشرة للانتخابات الرئاسية، أن «الحريري لن يستطيع إقناع (رئيس تكتل الاصلاح والتغيير) العماد ميشال عون بتسهيل العملية الانتخابية الرئاسية، فحتى البطريرك بشارة الراعي عجز عن ذلك». واعتبر ان «ما يجري جريمة في حق موقع الرئاسة وكأننا نلغي هذا الموقع بيدنا بهذا الاستهتار في وقت ان العالم العربي بأمس الحاجة الى هذا الموقع المسيحي». وأشار الى ان «مرشحنا ليس انا او لا احد، مرشحنا مرشح وعلى الفريق الآخر القبول بالحديث عن خيارات اخرى، فنحن مستعدون وجرى تواصل خلف الكواليس لمحاولة بلورة استعدادنا».