عادت بي الذاكرة الى أول مباراة خاضها المنتخب السعودي في كأس العالم التي أقيمت عام 1994 بأميركا أمام المنتخب الهولندي الذي كان مدججاً بترسانة من لاعبيه المشاهير آنذاك: ريكارد، مدرب المنتخب السعودي حالياً، وخولييت وكويمان. وكان منتخبنا يزخر بنجوم الجيل الذهبي: ماجد عبدالله، ومحمد عبدالجواد، ومحمد الدعيع، وفهد الهريفي، ومعهم جيل شاب مميز آنذاك: سعيد العويران، وخالد مسعد، وفؤاد أنور، وفهد الغشيان، وسامي الجابر، وحمزة إدريس. كان أفضل المتفائلين يتوقع هزيمة المنتخب السعودي بفارق ثلاثة أهداف على الأقل. بدأت المباراة قبيل الفجر بتوقيت السعودية وسهرت المملكة كلها لتتابع المباراة التاريخية. المنتخب السعودي كان صامداً في بداية المباراة، وكان الكل خائفاً من الهجوم «البرتقالي»، ولكن تسير الأمور تحت السيطرة حتى حصل «الأخضر» على خطأ غير مباشر، يتصدى له «الموسيقار» الهريفي، ويرسل «كرة» الى رأس فؤاد أنور ليبعثها الى قلب شباك منتخب «الطاحونة» البرتقالية ليعلن عن أول هدف سعودي عربي في مسابقات كأس العالم. على الجانب الآخر من المدرجات لمح مخرج المباراة رجلاً أنيقاً يقفز بين المشاهدين في المنصة الرئيسية، ثم يتدارك الأمر، ويعود بسرعة لمكانه بين الضيوف الرسميين، للحظات نسي هذا الرجل «الكبير» مقاماً مكانته كأمير في بلاده، وقفز كأي مشجع عاشق لمنتخب بلاده، كان ذلك هو أمير الشباب والرياضة آنذاك، فيصل بن فهد رحمه الله. لم تكن تلك القفزة عادية في تاريخ الرياضة السعودية، بل كانت «مشهدية» لا تنسى في مسيرة «الأخضر»، الذي صنع منه فيصل بن فهد منتخباً يقارع الكبار، وبين البداية المتواضعة التي عاشها المنتخب السعودي في بداياته، وبين هذا المشهد الذي قفز فيه الأمير «فرحاً» مسيرة عُمر كان فيه فيصل بن فهد محركاً وداعماً ومفكراً لا مثيل له. وبعد سنوات من هذا «المشهد» غادر فيصل بن فهد الدنيا بعد أن أكمل إنجازه، وحقق مراده، وترك إرثاً لا ينسى، وبدأ المنتخب السعودي رحلة «الهبوط» التدريجي مع احترامنا لجهود جميع من خلفوه. تذكرت مشهد فؤاد أنور وهو ينطلق فرحاً في أميركا بعد تسجيل أول هدف في كأس العالم، و«قفزة» فيصل بن فهد رحمه الله، وأنا أقرأ تصريحات لاعب الوسط الإسباني تشافي هيرنانديز المثيرة للجدل، التي تهكم فيها على المنتخب السعودي في معرض حديثه لصحيفة «الباييس» الإسبانية عند سؤاله عن أيهما أقوى كأس العالم أم كأس الأمم الأوروبية؟ فأجاب لاعب وسط برشلونة: «كأس الأمم الأوروبية أقوى من كأس العالم بكثير نظراً إلى عدم وجود منتخبات متواضعة مثل السعودية وهندوراس». من جانبه، استغرب مدرب المنتخب السعودي الأول لكرة القدم الهولندي فرانك ريكارد تصريح لاعب وسط المنتخب الإسباني. وقال: «أتمنى أن تكون هناك مباراة ودية للمنتخب السعودي أمام المنتخب الإسباني لكي آخذ حقي من تشافي». ولكن هل يكفي رد ريكارد؟ الغريب أن تصريحات هذا اللاعب البرشلوني «المغرور» ليست هي الأولى ضد الكرة السعودية ولن تكون الأخيرة، ومع ذلك لم نسمع أي استهجان من المسؤولين عن كرة القدم السعودية لهذه التصريحات المسيئة، وعلى ما يبدو ان معظمهم من محبي «برشلونة»، أو أنهم لا يملكون الشجاعة الكافية للرد على اللاعب الشهير. والأغرب أن وسائل الإعلام السعودية لا تزال تنشر صور هذا اللاعب، وتتغزل به من دون أي إحساس بالإهانات التي يوجهها هذا اللاعب لمنتخبنا وبلادنا. ولا أملك هنا سوى أن أنادي وأقول: وافيصلاه..! ولكن للأسف لا حياة لمن أنادي. [email protected] hishamkaaki@