رويترز، ا ف ب - تفاقمت المخاوف من خطورة أزمة ديون منطقة اليورو وتداعياتها على الاقتصاد العالمي، وسط توقعات خرجت أمس عن احتمال تقدّم إسبانيا بطلب مساعدة لمصارفها، وكرّت سبحة هذا التعثر الجديد على قطاعات مصرفية في دول أخرى، إذ توقعت مصادر في الاتحاد الأوروبي وألمانيا، أن تطلب مدريد مساعدة أوروبية لمصارفها المثقلة بالمشاكل مطلع الأسبوع المقبل، لمنع تفاقم الاضطرابات في الأسواق، لتصبح بذلك رابع دولة وأكبرها تطلب المساعدة منذ تفجر أزمة ديون منطقة اليورو. وأشار مسؤولون كبار في الاتحاد، إلى أن وزراء مال دول منطقة اليورو، «سيعقدون مؤتمراً عبر الهاتف اليوم للبحث في الطلب الإسباني بالحصول على حزمة مساعدات، على رغم عدم تحديد حجمها بعد». وستصدر المجموعة الأوروبية بياناً بعد الاجتماع، ورجح أحد المسؤولين صدوره بعد الظهر. وتأتي هذه الخطوة بعدما خفضت مؤسسة «فيتش» التصنيف الائتماني للديون السيادية الإسبانية ثلاث نقاط من «إيه» إلى «بي بي بي»، ما يشير إلى انكشاف إسبانيا على القروض العقارية المتعثرة لمصارفها وللعدوى من أزمة ديون اليونان. وأكدت أن المصارف الإسبانية «تحتاج حالياً إلى ما بين 60 بليون يورو (75 بليون دولار) ومئة بليون (125 بليون دولار) لإعادة هيكلتها، وهو ضعف التقديرات السابقة». ولم تستبعد أن «يستمر الركود هذه السنة والعام المقبل». وأوضح مسؤول ألماني، أن حكومة إسبانيا «أدركت خطورة المشكلة»، مشدداً على ضرورة «التوصل إلى اتفاق قبل الانتخابات العامة اليونانية المقررة في 17 حزيران (يونيو) الجاري، التي يمكن أن تثير مخاوف في الأسواق وتؤدي إلى خروج أثينا من منطقة اليورو، في حال فازت الأحزاب المعارضة لشروط حزمة الإنقاذ التي قدمها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي لليونان». مدريدوبروكسيل وفي مدريد، أعلنت ناطقة باسم الحكومة عدم معرفتها ب «أي معلومات عن إعلان وشيك في شأن برنامج مساعدة للمصارف». وفي بروكسيل، لم يؤكد الناطق باسم المفوضية الأوروبية أمادو التافاج، «مسألةَ عقد مؤتمر عبر الهاتف لوزراء المال»، لافتاً إلى أن إسبانيا «لم تقدم أي طلب للحصول على مساعدات، ولا دلائل على تقديم طلب». ورفض ناطق باسم الحكومة الألمانية ستيفن سيبرت في مؤتمر صحافي، التعليق على المعلومات حول احتمال طلب إسبانيا المساعدة لقطاعها المصرفي، مجدداً موقف برلين من «استعداد منطقة اليورو لتقديم المساعدة في حال اقتضت الضرورة». واعتبر أن «القرار في يد الحكومة الإسبانية وحدها». ووسط هذه التطورات، اتخذت الأزمة الأوروبية منعطفاً أكثر خطورة، في حين دق رئيس مجلس الاحتياط الاتحادي الأميركي بن برنانكي في الجانب الآخر من الأطلسي، جرس الإنذار ب «اتخاذ الأزمة منحى خطيراً». واتفقت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بعد محادثات ثنائية، على أن «الانضباط المالي في الاتحاد الأوروبي لا يكفي لوحده، لإنهاء الاضطراب المستمر منذ أكثر من عامين». ورأت مركل، أن معاهدة الانضباط المالي المتفق عليها «ضرورية لكنها ليست شرطاً وحيداً». في حين شدد كاميرون، على أنها «مهمة لكن غير كافية لمكافحة الأزمة». وفي بروكسيل، أكد رئيس مجلس وزراء مال دول اليورو جان كلود يونكر، أن دول المنطقة «ستساعد في إعادة هيكلة المصارف الإسبانية في حال طُلب منها ذلك». وقال: «حان الوقت لنقول للأوروبيين، سواء رغبوا في ذلك أم لم يرغبوا، إن التكامل بات حتمياً، وعلى الزعماء، بما في ذلك اليونان، الإقرار بأن مصيرهم هو ضمن منطقة اليورو». ولم يستبعد رئيس الوزراء البرتغالي بيدرو باسوس كويلهو، «خطر احتمال انتقال الأزمة من إسبانيا إلى دول أخرى في منطقة اليورو». الأممالمتحدة وبعد المخاوف الأميركية من أزمة ديون منطقة اليورو، أعلنت الأممالمتحدة، أنها تشكل «أكبر خطر على الاقتصاد العالمي»، وافترضت أن «تفاقمها يؤدي إلى تدهور النمو العالمي». ورأت في تقرير هذه السنة عن آفاق الاقتصاد العالمي، أن «تصاعد الأزمة ربما يقترن باضطرابات شديدة في الأسواق المالية، وزيادة حادة في العزوف عن المخاطرة على مستوى العالم، ما يفضي إلى انكماش النشاط الاقتصادي في الدول المتقدمة وامتداد الأثر إلى البلدان النامية والاقتصادات التي تشهد تحولاً». وتوقع التقرير أن «يظل النمو العالمي فاتراً هذه السنة، بعد تباطؤ ملحوظ عام 2011»، مرجحاً «نمو معظم المناطق بوتيرة أقل من إمكاناتها». وأشار إلى أن «نمو الناتج العالمي سيسجل نسبة 2.5 في المئة هذه السنة، و3.1 في المئة عام 2013، في مقابل 2.7 في المئة عام 2011». ولاحظت المنظمة «استمرار أزمة البطالة في العالم، إذ لا تزال معدلات البطالة العالمية تفوق المستويات المسجلة قبل الأزمة، فيما تزداد في منطقة اليورو بوتيرة متسارعة». وعلى صعيد المؤشرات الاقتصادية في أكبر اقتصاد أوروبي، أظهرت بيانات ألمانية أمس، «تراجعاً حاداً في الصادرات والواردات الألمانية في نيسان (إبريل) الماضي، في أحدث إشارة على أن أكبر اقتصاد في منطقة اليورو بدأ يتأثر بأزمة ديون المنطقة». وأشارت بيانات مكتب الإحصاءات الاتحادي، إلى «انخفاض الواردات المعدلة موسمياً بنسبة 4.8 في المئة في نيسان، وهو الأعلى خلال عامين. وانخفضت قيمة الصادرات المعدلة موسمياً بنسبة 1.7 في المئة. وارتفع الفائض التجاري المعدل موسمياً إلى 16.1 بليون يورو من 14 بليوناً في آذار (مارس) الماضي، متجاوزاً توقعات ببلوغه 13.5 بليون يورو».