لم يعد موضعَ جدلٍ ما للمفكِّر العربي الراحل محمد عابد الجابري من عظيم مساهمةٍ في تجديد الفكر العربي المعاصر، وفتح مساحات أمام التفكير في قضايا وإشكاليات عدّة. وأكثر تلك المساحات التي فتح، إنما كان في حقل الإسلاميات ودراسات التراث وتاريخ الفكر: قديمه وحديثه. وهو ينتمي إلى جيل المجدّدين الكبار في هذا الميدان، وإن انفرد منهم جمعياً بفكرة المشروع، التي شغلته طويلاً، وأخذته إلى تحرير رباعيته في نقد العقل العربي، وبتوظيف عُدّة اشتغال منهجية مستقاة من مجال الدراسات الايبيستيمولوجية، أثارت حول أعماله جدلاً في أوساط الدارسين، لكنها أحدثت - في الوقت عينه - الصدمة المعرفية الإيجابية في الوسط الفكري العربي. وقد جاء كتاب «العقلانية والنهضة في مشروع محمد عابد الجابري» (مركز دراسات الوحدة العربية)، على نحو يشتمل على البحوث والمسائل والقضايا الأظهر حضوراً في عمل الجابري، وهي ثمانية فصول، الأول، مسألة التراث والحداثة؛ والثاني، الاشتغال الايبيسيمولوجي على التراث؛ والثالث والرابع، عمل الجابري في نقد العقل العربي في وجهيه: العقل النظري والعقل العملي؛ والخامس، نقد الفكر العربي المعاصر؛ والسادس، سؤال السياسة في فكر الجابري؛ والسابع، رشدياته، أو عنايته بابن رشد تأليفاً وعرضاً وإضاءة وتوظيفاً؛ والثامن، عمله في تفسير القرآن الحكيم، من حيث منطلقاته وأدواته. يقع الكتاب في 384 صفحة.