دافع رئيس الحكومة المغربية زعيم «حزب العدالة والتنمية» الإسلامي عبدالإله بن كيران، عن قرار تقليص دعم المحروقات الذي اثار جدلاً، متعهداً تنفيذ خطة جريئة غير مسبوقة في تقديم مساعدات نقدية إلى الفقراء والمعوزين والنساء المعيلات. وكشف بن كيران في مقابلة تلفزيونية حظيت بمتابعة واسعة في وقت متقدم من ليل أول من أمس، أن حكومته رصدت 170 مليون درهم (نحو 16 مليون دولار) لدعم النساء المطلقات اللاتي لا دخل لهن، على أساس منحهن رواتب شهرية تزيد على ألف درهم. وأعلن رفع مخصصات المنح الدراسية التي لم تعرف أي تغيير منذ سبعينيات القرن الماضي. وفي ما يخص دعم الدولة للمواد الاستهلاكية الأساسية، قال إن حكومته أقرت صرف مساعدات نقدية للفئات المتضررة عبر حسابات مصرفية، لكنه لم يوضح متى سيبدأ تنفيذ هذا الإجراء، مكتفياً بالإعراب عن أمله في أن يتم ذلك قبل نهاية ولاية الحكومة الحالية. ودافع عن قرار تقليص دعم المحروقات، متحدثاً عن «ضرورات» حتمت زيادة أسعار الوقود والمشتقات النفطية، موضحاً أن «الفئات الفقيرة التي أحدث من أجلها صندوق المقاصة كانت تستفيد من موارده مرات أقل من الفئات الميسورة». ويرى مراقبون أنها المرة الأولى التي استطاع فيها مسؤول حكومي الخروج من نفق التداعيات السلبية لزيادة أسعار الوقود، ليس بأقل الخسائر فحسب، بل أكثر ربحاً، خصوصاً في ضوء المخاوف التي كانت تسود قبل الإقدام على هذا الإجراء. وتسربت معلومات عن إعداد تقارير أمنية وميدانية عن ردود الفعل المحتملة إزاء قرار رفع أسعار الوقود ومشتقاته وآثاره المحتملة على البضائع والمواد الاستهلاكية والخدمات. بيد أن القيادي البارز في «الاتحاد الاشتراكي» حبيب المالكي الوزير السابق في الزراعة انتقد الإجراءات الحكومية. وقال إن حكومة بن كيران «لم تجد طريقها بعد لحل مشاكل المغاربة الاجتماعية والاقتصادية والمالية»، مؤكداً أن «المؤشرات الرقمية تفيد بأن البلاد مقبلة على أوضاع صعبة، تحديداً إزاء استشراء العجز التجاري وتفاقم معدل البطالة الذي بلغ أكثر من 30 في المئة وارتفاع الأسعار». ورأى أن رئيس الحكومة «لا يزال يتعاطى والمغاربة كزعيم حزب سياسي وليس رئيس حكومة». وكان لافتاً رغم كل التحفظات كيف أن بن كيران استطاع أن يحول قرارات غير شعبية إلى «مكاسب» لفئات عريضة من السكان، فيما أن القرارات التي أعلنها تشكل سابقة في التعاطي الحكومي والمسألة الاجتماعية التي تثقل كاهل الفئات الفقيرة في البلاد. ولم يفوت بن كيران الفرصة لإبراز التصاقه بهموم المغاربة. وقال إنه يلتقي المواطنين الذين يقصدون مقر إقامته في الحي نفسه الذي كان يقطن فيه ويستمع إلى طلباتهم ورغباتهم. واستدل على ذلك بقراءة قوائم أسعار الخضر والفواكه واسطوانات الغاز، موضحاً أن قراره اتخذ بهدف الحؤول دون خفض موازنة الاستثمار. واعتبر أن رفع أسعار المحروقات «سيكون محدوداً ولا يطاول الفئات المعوزة». وسئل عن رواتب الوزراء، فقال إنها أقل بكثير من أجور كبار الموظفين في القطاع الخاص. وكشف أن الحكومة بحثت في إجراء خفض أجورها بنسبة 10 في المئة، لكن نتائجه كانت محدودة «وسيكون مجرد مسرحية». ودافع عن منح الوزراء السابقين معاشات قائلاً: «هل تريدون من وزير سابق أن يتحول إلى حارس سيارات؟»، قبل أن يستدرك أنه يحترم ويقدر حراس السيارات كغيرهم من العاملين في مختلف المهن والقطاعات. وأبدى مزيداً من الحرص على تنفيذ خطته الإصلاحية من دون البحث إن كانت لها تداعيات على شعبية حزبه. وقال: «إذا كانت شعبية حزبي ستنهار خلال ستة أشهر أو لا تصمد حتى السنة المقبلة، فلا معنى لمثل هذه الشعبية». وكان يتحدث في هذا السياق عن موعد الاستحقاقات الانتخابية المقبلة (البلديات والجهات ومجلس المستشارين)، موضحاً أنه أبلغ العاهل المغربي الملك محمد السادس بصعوبة إجراء الانتخابات في نهاية الصيف. ورأى أن الكلام عن إمكان تنظيمها في صيف العام 2013 تقويماً داخلياً خاصاً بوزير الداخلية «لم يتم الحسم فيه رسمياً». وعرض إلى صعوبات تواجه تسريع هذا الاستحقاقات، مؤكداً أن الأمر يتطلب إقرار ما لا يقل عن 30 قانوناً تنظيمياً، في إشارة إلى قانون الجهة التي تحولت إلى مؤسسة دستورية والحسم في نمط الاقتراع والتقسيم الإداري وغيره من الإجراءات التي تتطلب وفاقاً سياسياً.