انتشر في الآونة الأخيرة مصطلح المسؤولية الاجتماعية، وهي بادرة طيبة انتهجها القطاع الخاص تجاه مختلف مناشط المجتمع، وقد يكون الإطار العام للموضوع جيداً، لكنه يصطدم بتنفيذ أقل جودة وأضيق فائدة. المسؤولية الاجتماعية تقتضي بأن نعرف حاجات المجتمع جيداً، ونقدم له ما يحتاجه، لا ما هو ترف له، أو أقل حاجة له! من منا لم يرَ صورة ذلك الطالب الصغير من تعليم الطائف الذي كانت دموعه بعد هزيمة فريقه في الدورة الرياضية المدرسية أصدق من كل شيء، وتجعلنا نتساءل: ماذا قدمنا لهذا الطفل، وغيره من أقرانه؟ لنحافظ عليهم من أخطار حولهم، ونمنحهم مناهج حلوة في الحياة. ذلك الطالب كانت دموعه ولاء ما بعده لحلم كاد يصافحه، ولاء لم تلوثه ملايين الاحتراف، ولا فلاشات الإعلام، ولا الصيت، والجاه. كان من المفترض في وزارة التربية، والرئاسة العامة لرعاية الشباب أن تضع تلك الصورة في بوستر كبير، وتصنع منها برنامج عمل حقيقي بعيد عن الخطط، وبيوت الخبرة، واللجان، برنامج عمل يكفكف تلك الدموع، ويجعل منها سلماً للعلياء. دموع ذلك الطالب كانت في مباراة عادية لكنها أخبرت كم هم صغارنا كباراً، اذا هم تحملوا المسؤولية، وكم هم المسؤولون صغار، إذا تركوا هذه المسؤولية! في الغرب تحرص كل مدينة أن ترقب دور النادي في المجتمع، وضخه للملايين على اللاعبين، والأجهزة الفنية يلزمه في المقابل ضخ لأنشطة تفيد فئات أخرى في المجتمع، لتحقيق العدالة، والشمولية بين الرياضة والمجتمع، ليس معقولاً أن تتفرج المدن على عبث الأندية بالمال وتقف متفرجة، لا بد للأندية من برنامج عمل على الواقع يظهر حرصها على التنمية في إطار مسؤولياتها. المواهب عندنا كثيرة، لكن ما هي آليات اكتشافها ورعايتها، وتنميتها، ومنحها كل المناخات الصالحة. كيف للوالدين أن يسلموا ابنهم للنادي، وهم على ثقة بأنه ينتظره مستقبل أجمل؟ هل من بحوث أظهرت علاقة التفوق الدراسي بالتحاق الطلاب البراعم، والناشئين، والشباب بالأندية؟ هل من تعاون مع وزارة التربية لضمان أجواء تعليمية خاصة لرعاية المواهب الرياضية، وعدم تأثرها بالمنافسات والمعسكرات؟ الأسئلة كثيرة، والحلول سهلة، لكن لا أحد يريد أن نسأل، ولا أحد يريد الإجابة! ويبقى الأمر حينها معلقاً حتى يأذن الله بالفرج! [email protected]