الشعوب العربية لا تعرف عدوها من صديقها، شعوب تنسى بسرعة جميع الأحداث المؤلمة متسامحة بطبيعتها المعهودة. العالم أصبح يتنافس على هذه الشعوب لتسويق صناعته المختلفة ومنها «صناعة الدراما»، فالقائمون على بعض القنوات الخاصة يتنافسون على كل ما هو محظور لتحقيق الربح المادي منها، وذلك لأن هذه الشعوب ليس لها رأي فيما تشاهد، فبعد الدراما المكسيكية والأرجنتينية إلى الدراما التركية، وآخرها الدراما الإيرانية. هنا نكتشف عدم وجود دور رقابي لوزارات الإعلام في الدول العربية للقنوات الخاصة، وضعف الدور الذي يقوم به الإعلاميون في التصدي لما هو مخالف للدين الإسلامي في الدراما التجارية التي هزت الأمة الإسلامية وكرامتها، وذلك بعرض الأفلام والمسلسلات الإيرانية التي تجسد شخصيات الأنبياء، كشخصية النبي عيسى عليه السلام، وسيدنا يوسف عليه السلام، وسيدنا سليمان عليه السلام، وشخصية مريم عليها السلام، وكل هذا تمهيد للوصول إلى تمثيل فلم النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وهذا يذكرني بحادثة مشابهة منذ ما يقارب 40 عاماً، إذ تم الاتفاق بين الشركة العربية للإنتاج السينمائي العالمي والمخرج مصطفى العقاد لتصوير فيلم يتحدث عن حياة وتعاليم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك استناداً إلى قصة وضعها وأقرها الأزهر والمجلس الشيعي الأعلى، وشارك في صياغتها الكاتب والروائي والأديب المصري عبدالحميد السحار والكاتب المصري توفيق الحكيم والكاتب والشاعر والمفكر الإسلامي عبدالرحمن الشرقاوي، وقد تم عرض هذا الموضوع على المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة فقرر تحريم إخراج فيلم عن النبي صلى الله عليه وسلم، وتحريم تمثيل الصحابة رضي الله عنهم، وذلك في المادة السادسة من قراره المتخذ في دورته ال13 المنعقدة خلال المدة من 1 شعبان 1391ه إلى 13 شعبان1391 ه. وهذا نص المادة المذكورة: «يقرر المجلس التأسيسي بالإجماع تحريم إخراج فيلم محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لما فيه من تمثيله صلى الله عليه وسلم بآلة التصوير الكاميرا، مشيرة إليه وإلى موضعه وحركاته وسائر شؤونه بالتحديد، وتمثيل بعض الصحابة رضي الله عنهم في مواقف عديدة، ومشاهد مختلفة، وهو محرم بالإجماع. وإضافة إلى ذلك، فقد قررت هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية منع تمثيل الصحابة رضي الله عنهم، والنبي صلى الله عليه وسلم من باب أولى، وذلك بقرارها رقم 13 وتاريخ 16/4/1393ه». وعلى رغم صدور الفتاوى السابقة بتحريم تجسيد الأنبياء والصحابة، فقد عرضت بعض القنوات العربية أفلاماً ومسلسلات عن الأنبياء، فأين نحن كشعوب مسلمة؟ وأين الرقابة من ذلك؟ هل أصبحنا نطبق المثل الذي يقول: «يقول لا أسمع لا أرى لا أتكلم». وهذا باختصار ما أعطى إيران الفرصة السانحة لدخول البلاد العربية بطريقة جديدة، وهي إنتاج أفلام تحكي سيرة الأنبياء عليهم السلام وما «زاد الطين بله» قبول الجمهور العربي لها. وأخيراً نقول: إن الطريق الذي يسير فيه الإعلام العربي الخاص هو: «تديني كم؟ واعمل مابدا لك!». فلاح عامرالدهمشي [email protected]