أثارت الرسالة التي وجهها المندوب السوري لدى الأممالمتحدة بشار الجعفري إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والتي اتهم فيها لبنان باحتضان «عناصر إرهابية من تنظيم القاعدة والإخوان المسلمين ممن يعبثون بأمن سورية ويقوضون خطة بان»، مروحة واسعة من ردود الفعل اللبنانية المستنكرة على مختلف المستويات. وكان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أكد ليل أول من أمس، أن الحكومة «تقوم بواجبها كاملاً في مكافحة عمليات الإرهاب من أي نوع كان، وفي مراقبة الحدود اللبنانية وضبط الوضع الأمني ومعالجة الثغرات الأمنية التي تحصل»، مذكراً ب «التجاوزات التي تحصل أيضاً من الجانب السوري للحدود». واصفاً كلام الجعفري بأنه «تأجيج للخلافات في وقت نسعى عبر القنوات الديبلوماسية والأمنية إلى تخفيف الانقسام الحاصل ومعالجة الإشكالات التي تحصل بهدوء وروية وبما يحفظ حسن العلاقات بين البلدين والشعبين». مكاري لرد حكومي حازم واعتبر نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري أن «محاولات سورية لزعزعة استقرار لبنان واختلاق المبررات لتنفيذ أعمال عدوانية ضده باتت أكثر وضوحاً مع رسالة الجعفري». ولفت إلى أن «تقاطع الرسالة مع تصريحات أطراف في طرابلس تستنجد بالجيش السوري، ومواقف وزراء لبنانيين، يفضح النيات السورية». وشدد على أن الرسالة «تستدعي موقفاً واضحاً وصريحاً وحازماً من رئيسي الجمهورية والحكومة، ومن الحكومة مجتمعة، إزاء هذا التصعيد السوري الخطير، لا سيما أن الادعاءات السورية تشكل تحدياً لتأكيدات الرئيسين بالذات في شأن عدم وجود تنظيم القاعدة في لبنان». حرب: للتمويه عما يجري في سورية ورأى النائب بطرس حرب (من قوى 14 آذار) في تصريح، أنه «يبدو أن قراراً سورياً اتخذ بالتمويه على ما يجري في سورية ومحاولة حصر انتباه العالم في لبنان من خلال تحويله إلى مكب للصراع الحاصل في سورية وإيهام المجتمع الدولي بأن ثورة الشعب السوري في وجه النظام المستبد والظالم ليست إلا عمليات إرهابية تقوم بها جمعيات متطرفة عنفية». وقال حرب: «من هذه الزاوية نفهم ما يجري في طرابلس والغيرة المفاجئة والمتناغمة لحلفاء سورية في لبنان في دعم هذه النظرية عبر تأكيد وجود تنظيم «القاعدة» في لبنان وعملية الاغتيالات التي تخطط لها، علماً أن وزير الداخلية رد على تأكيد وزير الدفاع وجود هذه المنظمة في لبنان، بأن لا وجود أو تنظيم لهذه المنظمة في لبنان». وحيا رد ميقاتي متمنياً «ألا تكون هذه الصرخة يتيمة». واعتبر النائب مروان حمادة (14 آذار) أن «المؤامرة تكتمل الآن فصولاً ووجوهاً وبدأ السباق فعلياً بين المسعى اللبناني نحو التهدئة وبين تعميم العنف الأسدي داخل سورية وخارجها وتحديداً في لبنان». ولاحظ حمادة «كذباً وتلفيقاً في رسالة الجعفري يتزايد يوماً بعد آخر، فبعد التهويل بالاغتيالات التي ستصيب 8 آذار وشخصيات من 14 آذار جرى تنبيهها أي التهويل على الجميع ليجلسوا في بيوتهم ولا يتدخلوا في السياسة، جرى التهويل بافتعال أحداث جديدة تعم كل لبنان وتحريك إعلامي معين حول المخيمات الفلسطينية التي لم تكن يوماً أهدأ مما هي عليه اليوم، وأيضاً التهويل بأن المدن اللبنانية سيعمها العنف الواحدة تلو الأخرى». وتوقف عند «استغلال أحداث طرابلس»، لافتاً إلى «أن الشرارة الأولى صدرت عن جهاز أمني حليف للنظام الأسدي والقتال الأول في الشوارع وقع كما قال الرئيس سعد الحريري بين زمر وشلل مسلحة تحديداً من حزب الله». واستنكر «الصمت المريب للحكومة أمام شيء خطير وكأنها ضالعة في مؤامرة تشبه مؤامرة 1976». ووصف عضو كتلة «المستقبل» النيابية جان أوغاسبيان موقف ميقاتي من رسالة الجعفري بأنه «موقف مسؤول، لكن عليه أن يكون أكثر تحديداً وأكثر جرأة». ورأى أن هناك «مسعى سورياً اليوم لتحريك آخر ورقة يملكها النظام السوري، وهي الساحة اللبنانية، والأخطر أنّ وزيراً لبنانياً (غصن) يؤكد وجود «القاعدة» في لبنان، فيما وزير الداخلية مروان شربل ينفي وجودها، النظام السوري في مأزق، والسلاح يدخل إلى لبنان بكثرة وهناك تأجيج للصراع المذهبي». واعتبر عضو الكتلة نفسها أحمد فتفت أن ما قاله الجعفري «مضحك ومبك وسخيف ومحاولة لزجّ كل لبنان كخط خلفي للمعارك التي يخوضها الجيش السوري ضد شعبه وللتغطية على المذابح الكبيرة التي نشهدها». وأكد أن الأخبار عن كل المناطق التي ذكرها «كالقلمون وعيون السمك ومنطقة السفيرة في الضنية كلها أخبار كاذبة، إذ لا توجد مراكز تدريب ولا أي وجود للقاعدة»، معتبراً أن الموضوع «يحرج الحكومة وتحديداً الرئيس ميقاتي ووزارات الدفاع والداخلية والخارجية، وعلى هؤلاء أن يردوا على الجعفري». واتهم «الميليشيا المتواجدة في جبل محسن بأنها قصفت طرابلس بوجود ضباط سوريين وبعض عناصر حزب الله». وقال: «مستعدون لأكثر من مساءلة محلية أو دولية، ونريد طرابلس مدينة خالية من السلاح». الجماعة الإسلامية واعتبر نائب «الجماعة الإسلامية» عماد الحوت «أن النظام السوري المأزوم والمدان من الرأي العام المحلي والدولي بسبب الجرائم التي يرتكبها بحق شعبه، يسعى لنقل الأزمة السورية إلى خارجها للتغطية على جرائمه وتصوير أنه مستهدف من خلايا إرهابية، محاولاً بذلك أخذ التفويض باستكمال مجازره تحت مبرر محاربة الإرهاب المزعوم». ولفت بيان للجماعة المذكورة الى أنّ «إيراد المؤسسات الخيرية والمشافي في الرسالة يهدف إلى تشويه صورة العمل الخيري، ومحاصرة النازحين وتحويل حياتهم إلى جحيم لقتلهم مرتين». وأثنت الجماعة على رد ميقاتي. ونفت بلدية القلمون «جملة وتفصيلاً كلام الجعفري الذي يدعي فيه أنه يوجد في البلدة اللبنانية 50 عنصراً مسلحاً». وأوردت البلدية في بيان أنه «لا يوجد في البلدة أي عنصر مسلح لا من «القاعدة» ولا من سواها من التنظيمات الإرهابية لا ماضياً ولا حاضراً». وأشارت إلى أن البلدة «تقوم بواجبها الإنساني تجاه النازحين من بلد شقيق والذي تكفله حقوق الأممالمتحدة بتقديم المساعدات الغذائية والطبية التي سبق لها وأن قامت بهذا العمل الإنساني عندما استقبلت واستضافت مئات العائلات التي نزحت من الجنوب اللبناني أثناء عدوان اسرائيل صيف 2006». في المقابل، وصف عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية علي المقداد ما جرى في طرابلس بأنه «خطير للغاية»، داعياً الجميع إلى «التحلي بالبصيرة والصبر وأن يتوجهوا جميعاً لمواجهة مخططات العدو التي تستهدف الجميع». ورأى أن ما يجري في سورية «مخطط لدولٍ غربية وعربية يهدف لتدمير سورية الممانعة وتقسيمها إلى أربع دويلات»، مشيراً إلى «دور البعض في لبنان في هذا الأمر بجعل لبنان مقراً وممراً لتهريب الأسلحة إلى سورية بكميات كبيرة وبعضها أسلحة متطورة». شكر يرد على ميقاتي ورأى الأمين القطري ل «حزب البعث العربي الاشتراكي» في لبنان فايز شكر أن رد ميقاتي على الجعفري «يجافي الحقيقة ولا يخدم مصلحة البلد، خصوصاً أن ما يجري في طرابلس مشروع فتنة أعدته دوائر غربية بأدوات في القوى الظلامية وبمشاركة مجموعة 14 آذار، ويستهدف بالدرجة الأولى ضرب مشروع الدولة وتحويل طرابلس إلى محمية خارج سيطرة الجيش تمهيداً لإعلان خلافة تكفيرية تكون منطلقاً ومقراً لعمليات إرهابية ضد سورية، وأن حادث اعتقال شادي المولوي ليس إلا ذريعة لتغطية هذا الهدف المشبوه». وإذ اعتبر أن «النائب وليد جنبلاط شريك كامل في تصنيع الفتنة وإثارتها»، حذره ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع والرئيس السابق للحكومة سعد الحريري «من خطورة ما تحيكه أيديهم على اللبنانيين ومستقبل البلد، فالبلد لا يحكم بهذه الطريقة وهم سيكونون أول المتضررين وسيتأذون أكثر من غيرهم».