عمان - أ ف ب - واصل الغزيون أمس البحث عن جثث شهدائهم تحت أنقاض المنازل المدمرة خلال ساعات التهدئة ال72 التي تنتهي في الثامنة من صباح اليوم، فيما نشطت الديبلوماسية الفلسطينية وتواصلت الاتصالات الإقليمية لتثبيت الهدنة في غزة التي شهدت أمس تظاهرة حاشدة دعماً «للمقاومة وللوفد المفاوض» الذي يجرى مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل في القاهرة. وبحث عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني مع وزيرة الخارجية الأوروبية كاثرين آشتون الجهود المبذولة لتثبيت الهدنة، مؤكداً في اتصال هاتفي بينهما أمس أهمية دور الاتحاد الأوروبي في «ضمان وقف نهائي للقتال، والمساعدة في التعامل مع الأوضاع الإنسانية الكارثية التي خلفها على البنية التحتية والخدمات هناك» وفق بيان للديوان الملكي الأردني. وأشار الملك الى مشروع قرار تقدم به الأردن الثلثاء الماضي نيابة عن المجموعة العربية في مجلس الأمن لرفع الحصار عن غزة وخطة لإعادة إعمار القطاع. وكان العاهل الأردني بحث الأربعاء في اتصال هاتفي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس الجهود المبذولة لإدامة وقف إطلاق النار وضرورة أن «يمهد ذلك إلى استئناف العملية السلمية وفق حل الدولتين». كما ناقش الملك مع عباس «أهمية التنسيق بين الأطراف العربية في هذه المرحلة لإيصال رسالة موحدة وواضحة للمجتمع الدولي حول ضرورة الوصول الى وقف نهائي للعدوان على الأشقاء في القطاع». وشدد على ضرورة أن «يمهد ذلك لاستئناف المفاوضات التي تعالج جميع قضايا الوضع النهائي وفق حل الدولتين». والتقى الرئيس الفلسطيني أمس السفير السويسري في الأراضي الفلسطينية بول غارنييه، الذي أبلغ عباس بأن بلاده عينت سفيراً خاصاً لمتابعة الاتصالات مع الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف بهدف عقد مؤتمر لها في أسرع وقت ممكن لبحث الأوضاع في الأراضي الفلسطينية. وكان عباس طلب من سويسرا في بداية الحرب الإسرائيلية على غزة العمل على عقد مؤتمر للدول المتعاقدة السامية الموقعة على اتفاقات جنيف بهدف توفير حماية دولية للشعب الفلسطيني. وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات إن المساعي الفلسطينية تتركز في هذه المرحلة على خلق جهد دولي لحل القضية الفلسطينية برمتها وليس فقط رفع الحصار عن قطاع غزة. وقال إن الحصار لا يقتصر على غزة وإنما يشمل الضفة الغربية والقدس، وإن على العالم التحرك في هذه المرحلة لإيجاد حل سياسي ينهي مرة وإلى الأبد معاناة الشعب الفلسطيني، ويحول دون تكرار العدوان الإسرائيلي على غزة. وكان عريقات عقد سلسلة اجتماعات مع مسؤولين دوليين بينهم السفير رونالد شتاينجر رئيس قسم الأمن الإنساني في وزارة الخارجية السويسرية، وطالب «بتفعيل ميثاق جنيف الرابع» الخاص بحماية السكان المدنيين زمن الحرب. كما التقى عريقات منسق الأممالمتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط روبرت سيري، وطالبه ب «توضيح موقفه من البيان غير المسؤول الصادر عنه، والبيان الصادر عن الأمين العام بان كي مون حيث تبنى كلا البيانين الرواية الإسرائيلية وادعاء الحكومة الإسرائيلية خطف الجندي الإسرائيلي»، مؤكداً حق فلسطين «التوقيع على ميثاق روما والانضمام لمحكمة الجنايات الدولية». كما بحث عريقات مع المبعوث الأوروبي الخاص كريستيان برغر موقف الاتحاد من العدوان الإسرائيلي، وآلية فك الحصار، وإعادة إعمار القطاع غزة، متطلعاً الى عقد مؤتمر المانحين الشهر المقبل في النروج «والحاجة الماسة لتوفير كل أشكال المساعدات الإنسانية والدعم والحماية لأبناء الشعب الفلسطيني بأي ثمن». وطالب عريقات المفوض العام لوكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» بيير كريهنبول خلال لقائه معه «فضح الجرائم الإسرائيلية، بخاصة استهداف إسرائيل مدارس الوكالة» وقتل عشرات النازحين إليها. إلى ذلك، ذكر الناطق باسم «حماس» سامي أبو زهري في بيان، أن «تمديد التهدئة 72 ساعة إضافية لم يكن مطروحاً للنقاش، والأخبار عن تمديدها عارية من الصحة»، فيما قال نائب رئيس المكتب السياسي ل «حماس» إسماعيل هنية، إن الحركة «على قناعة بأننا مع الأشقاء المصريين والعرب في خندق مشترك من أجل إنهاء الحصار كلياً عن غزة وأهلها الأوفياء». من جهة أخرى، نفى أبو زهري «مزاعم» القناة العاشرة الإسرائيلية بأن الحركة مولت المعتقل حسام القواسمة الذي وصف بأنه رئيس خلية خطف المستوطنين الثلاثة، ووصفها بأنها «ادعاءات مفبركة»، مؤكداً أن الحركة في غزة «لا تعرف الاسم المذكور وتنفي نفياً قاطعاً أن تكون قدمت له أي تمويل». واعتبر أن إيراد هذه المعلومات «يهدف إلى محاولة إرباك المشهد الإعلامي والالتفاف على النقمة العالمية من المجازر الإسرائيلية». ووفقاً للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ارتفع عدد الشهداء إلى 1976، بينهم 1643 مدنياً، من ضمنهم 463 طفلاً، و249 امرأة، إضافة الى 7920 جريحاً، بينهم 2111 طفلاً. ودعا المركز المفوض السامي لحقوق الإنسان إلى زيارة قطاع غزة على نحو السرعة والوقوف أما مسؤولياته الأممية، والاطلاع على «حجم التدمير المنهجي والمنظم لآلة الحرب الإسرائيلية». وطالب المجلس «بالإسراع في تشكيل وبدء عمل لجنة التحقيق الأممية المستقلة التي قرر تشكيلها في جلسته الخاصة» في 23 من الشهر الماضي للتحقيق في الجرائم الإسرائيلية. الى ذلك، شارك آلاف الفلسطينيين أمس في تظاهرة دعت إليها حركة «حماس» في غزة دعماً «للمقاومة وللوفد المفاوض» الذي يجرى مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل في القاهرة. وتجمع أنصار «حماس» المشاركين في التظاهرة التي انطلقت من مساجد القطاع بعد صلاة الظهر باتجاه ميدان الجندي المجهول في مدينة غزة. وحمل المشاركون رايات «حماس» الخضراء مرددين هتافات كان أبرزها «المقاومة المقاومة». وفي كلمة في المسيرة، قال مشير المصري النائب عن «حماس» في المجلس التشريعي: «جاءت هذه الجماهير لتقول للوفد المفاوض لا تعودوا إلا بشروطنا». وتابع: «نؤكد في موقف واحد أن الحرب لم تضع أوزارها بعد. مقاتلونا في الميدان لم يغادروا الثغور المتقدمة وما زالت صواريخنا موجهة إلى تل أبيب وأبعد من ذلك». وحذر من أنه «إذا لم يستجب (رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين) نتانياهو لمطالبنا فنحن له بالمرصاد». ونصح سكان المستوطنات المحاذية لقطاع غزة «بألا يعودوا إلى منازلهم (...) إذا لم يستجب نتانياهو إلى مطالبنا». وأكد أن «المقاومة بعد مضي شهر من الحرب بخير ولم تفقد من ترسانتها إلا قليلاً». وشدد أيضاً على أن «العدو لا يملك إلا خياراً وحيداً وهو الاستجابة لهذه الشروط والمطالب العادلة»، مؤكداً أن «ما فشل العدو الصهيوني في تحقيقه على أرض المعركة لن يناله في المفاوضات السياسية». وتابع: «انتصرنا في المعركة العسكرية وسننتصر في المعركة السياسية».