لاحت أمس بوادر أزمة قضائية في مصر تهدد مصير الانتخابات الرئاسية التي يبدأ تصويت المغتربين فيها غداً، إذ قضت محكمة القضاء الإداري ببطلان قرار اللجنة المشرفة على الانتخابات إحالة قانون يمنع ترشح رموز النظام السابق على المحكمة الدستورية العليا، لكن اللجنة رفضت الحكم واعتبرته «غير ملزم لها». وخرج المجلس العسكري الحاكم ليجدد التزامه «إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها المقرر»، مؤكداً وقوفه «على مسافة واحدة من جميع المرشحين من دون تفضيل لأحد أو رغبة في إقصاء آخر». وأعلن رفضه «جميع أشكال التجاوز والتطاول والادعاءات المشبوهة بتزوير الانتخابات الرئاسية»، مجدداً حرصه على «تسليم السلطة إلى الرئيس المنتخب بإرادة الشعب في نهاية الفترة الانتقالية». وأعرب المجلس في بيان، أصدره تعقيباً على قرار اللجنة الرئاسية تعليق عملها احتجاجاً على اتهامات برلمانية لها، عن «تقديره وثقته الكاملة في قضاء مصر الشامخ واللجنة العليا للانتخابات الرئاسية وأعضائها»، مؤكداً «ضرورة التزام السلطات كافة بأحكام الدستور والقانون ومراعاة عدم تدخل سلطة في أعمال سلطة أخرى»، وداعيا «كل سلطات الدولة التشريعية والقضائية والتنفيذية إلى التعاون والتكاتف والاعتصام بالثوابت الوطنية حتى نتمكن سوياً من تحقيق طموحات شعبنا في الانتقال الديموقراطي للسلطة والعبور بالوطن إلى بر الأمان». لكن المجلس لم يعلق مباشرة على حكم القضاء الإداري الذي طعنت فيه هيئة قضايا الدولة الممثلة للحكومة. وقال مصدر قضائي ل «الحياة» إن المحكمة الإدارية العليا ستجتمع اليوم للبت في الطعن. وقالت محكمة القضاء الإداري في حكمها إن «لجنة الانتخابات الرئاسية تجاوزت صلاحياتها كلجنة إدارية بحتة، بإحالتها القانون على المحكمة الدستورية للبت في مدى دستوريته». وانتقدت أيضاً المادة 28 من الإعلان الدستوري التي تحصن قرارات اللجنة ضد التقاضي، معتبرة أنها «تحمل ردة قانونية من عصر الاستبداد». وأشارت إلى أن «تحصين قرارات اللجنة جاء في حدود عملها وفي نطاق ضيق لا يجوز التوسع فيه، ومن ثم فإنه لا يجوز لها أن تتعدى هذه الاختصاصات أو سلب اختصاصات محجوزة لسلطات الدولة التشريعية والقضائية متدثرة بهذا النص من دون رقابة، والقول بغير ذلك يجعل منها لجنة أسطورية فوق الرقابة، وهو ما لا يقبل به أحد». لكن نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا تهاني الجبالي رفضت الحكم القضائي. وقالت إن «القضاء الإداري غير مختص بالأساس في الفصل في هذه الدعوى، وهذا الحكم غير ملزم لنا... ولا يقدم ولا يؤخر في اختصاص المحكمة الدستورية بالنظر في مدى دستورية قانون العزل السياسي». وأكدت أن «قانون العزل في حوزة المحكمة الدستورية وهي التي ستفصل أولاً في مدى أحقية لجنة الرئاسة في إحالته علينا من عدمه وكذلك في مدى دستوريته من عدمه». ومن شأن هذا الحكم في حال أخذت به لجنة الانتخابات شطب الفريق أحمد شفيق آخر رؤساء حكومات الرئيس السابق حسني مبارك من لائحة المرشحين. ووصفت حملة شفيق أمس ما تردد عن استبعاده من الانتخابات بأنه «تصفية حسابات سياسية». وأكدت أنه «مستمر حتى النهاية، ولم يطرأ أي تعديل على موقفه القانوني». وشددت على أن «الجهة الوحيدة المعنية بأن تقرر من هم المرشحين هي لجنة الانتخابات الرئاسية التي أغلقت باب الانسحابات وأعلنت الكشف النهائي للمرشحين منذ فترة».