قبل ساعات من بدء أولى جولات الاقتراع في انتخابات الرئاسة المصرية التي يبدأ المغتربون التصويت فيها غداً، أربك القضاء الإداري المشهد السياسي بإصداره حكماً يوقف تنفيذ قرار لجنة انتخابات الرئاسة إحالة تعديلات قانونية تمنع ترشح رموز نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك على المحكمة الدستورية العليا، ما يهدد مستقبل المرشح أحمد شفيق الذي أعادته اللجنة إلى السباق قبل لحظات من إعلان اللائحة النهائية المرشحين. وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إن لجنة الانتخابات الرئاسية «تجاوزت صلاحياتها كلجنة إدارية بحتة، بإحالتها القانون على المحكمة الدستورية للبت في مدى دستوريته». ووقفت المحكمة في صف المطالبين بإلغاء المادة 28 من الإعلان الدستوري التي تحصن قرارات اللجنة الرئاسية، إذ وجهت نقداً لاذعاً إلى هذه المادة معتبرة أنها «تحمل ردة قانونية من عصر الاستبداد». وشددت على أن «الأصل العام هو عدم تحصين أي عمل إداري من رقابة القضاء، وأصبح ذلك مقررا في ضمير الفكر الدستوري وهو ما أورده الإعلان الدستوري في المادة 21 التي حظرت تحصين أي عمل من رقابة القضاء... والمبادئ الدستورية المستقرة جرمت تحصين أية قرارات إدارية ومحاولة جعلها بمنأى عن رقابة القضاء». وأشارت إلى أن «تحصين قرارات اللجنة جاء في حدود عملها وفي نطاق ضيق لا يجوز التوسع فيه، والمادة 28 من الإعلان الدستوري حددت اختصاصات اللجنة على سبيل الحصر واليقين، ومن ثم فإنه لا يجوز لها أن تتعدى هذه الاختصاصات أو سلب اختصاصات محجوزة لسلطات الدولة التشريعية والقضائية متدثرة بهذا النص من دون رقابة، والقول بغير ذلك يجعل منها لجنة أسطورية فوق الرقابة، وهو ما لا يقبل به أحد». ورأت أن «ما أقدمت عليه اللجنة بإحالة تعديلات قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية يخرج عن الاختصاص المعقود لها بموجب الإعلان الدستوري ويمثل تجاوزاً لصلاحياتها واختصاصاتها وتدخلاً من جانبها في اختصاصات السلطة القضائية، فضلاً عن كونه مخالفاً لقانون المحكمة الدستورية العليا». وشددت على أن «التشكيل القضائي الكامل للجنة لا يسبغ عليها وصف الهيئة ذات الاختصاص القضائي، وهي لجنة إدارية ليست ذات اختصاص قضائي». وقدمت هيئة قضايا الدولة طعناً على حكم القضاء الإداري أمس. وقال مصدر قضائي ل «الحياة» إن «المحكمة الإدارية العليا ستجتمع اليوم للفصل في الطعن»، لافتاً إلى أن «قرار المحكمة الإدارية العليا سيحمل أحد أمرين، إما تأييد الحكم السابق ومن ثم سندخل في معضلة قانونية وأزمة مع لجنة الرئاسة لا سيما أن شفيق اكتسب مركزاً قانونياً، أو إلغاء الحكم السابق ومن ثم تمر الأمور». ومن المقرر أن تجتمع اللجنة المشرفة على الانتخابات الرئاسية اليوم للبحث في هذه الأزمة. وأكد المجلس العسكري الحاكم أمس «تقديره وثقته الكاملة في قضاء مصر الشامخ واللجنة العليا للانتخابات الرئاسية وأعضائها»، مؤكداً «ضرورة التزام السلطات كافة بأحكام الدستور والقانون ومراعاة عدم تدخل سلطة في أعمال سلطة أخرى». ودعا في بيان إلى «الالتزام بتنفيذ الانتخابات الرئاسية في توقيتاتها المحددة»، مؤكداً «وقوف المجلس على مسافة واحدة من جميع المرشحين من دون تفضيل لأحد أو رغبة في إقصاء آخر». وأعلن رفضه «جميع أشكال التجاوز والتطاول والادعاءات المشبوهة بتزوير الانتخابات الرئاسية»، مجدداً «حرصه على تسليم السلطة إلى الرئيس المنتخب بإرادة الشعب بنهاية الفترة الانتقالية». وقال إن «مصر تمر بمرحلة بالغة الأهمية والدقة». ووصفت حملة شفيق ما تردد عن استبعاده بأنه «تصفية حسابات سياسية». وقالت في بيان أمس إن «قيام حملات مضادة لعدد من المرشحين الخصوم بترديد إشاعات عن استبعاد شفيق من قائمة المرشحين هو تصفية حسابات سياسية في مواجهة المواقف الواضحة التي يتبناها الفريق شفيق ضد خطاب التطرف وحال التردي التي نعيشها». وأكدت أن شفيق «مستمر حتى النهاية، ولم يطرأ أي تعديل على موقفه القانوني»، مضيفة أن «الجهة الوحيدة المعنية بأن تقرر من هم المرشحين هي لجنة الانتخابات الرئاسية التي أغلقت باب الانسحابات وأعلنت الكشف النهائي للمرشحين منذ فترة». وانتقدت «توريط القضاء في صراعات السياسة واستصدار الأحكام بغير الأسانيد». في المقابل، أكد النائب عصام سلطان صاحب مشروع التعديلات التي تحظر ترشح رموز نظام مبارك أنه توجه إلى اللجنة العليا للانتخابات لإعلانها بحكم محكمة القضاء الإداري ببطلان قرارها إحالة القانون على المحكمة الدستورية، بعد مرور أكثر من 5 ساعات بلا تحرك من اللجنة. وهدد في بيان أمس باللجوء إلى محكمة الجنايات ضد لجنة الانتخابات إذا لم تنفذ الحكم. وطالب اللجنة بتنفيذ الحكم فوراً واستبعاد شفيق، قائلاً إن «حكم المحكمة واضح، ولا يحتاج إلى كل هذا التأخير، والآثار التي يجب وقفها أو إزالتها فوراً هي استبعاد أحمد شفيق من قائمة المرشحين، وأوضح الحكم في حيثياته هذه النقطة تحديداً». وأكد أن «الحكم واجب التنفيذ الفوري بمسودته وبغير إعلان، حتى لو تم الطعن عليه أمام الإدارية العليا، فالطعن لا يوقف التنفيذ».