افتتح البرلمان الليبي الجديد جلساته في مدينة طبرق (شرق) أمس، بحضور 157 نائباً (من أصل 188) وعدد من الضيوف المحليين والأجانب. وقاطع الجلسة 31 نائباً، لبوا دعوة نوري بوسهمين رئيس المؤتمر الوطني (البرلمان المنتهية ولايته) الى الاجتماع في العاصمة طرابلس، بعدما بات متعذراً عقد جلسة برلمانية تضم الجميع في بنغازي كما كان مقرراً في الأساس. وعلى رغم الآمال التي علقت على انعقاده، بدا البرلمان الجديد منشغلاً بالشكليات وتوزيع المناصب. وبعد مراسم أداء النواب القسم، توالى الحضور على إلقاء الخطابات الداعية الى نبذ الخلافات والالتفاف حول «الشرعية» المتمثلة في المجلس المنتخب. وفي الجلسة الرسمية وعلى هامشها، غابت التصورات الموحدة لإيجاد حل للأزمة المتمثلة في الاقتتال الذي اشتدت حدته في العاصمة طرابلس أمس، كما بدا أن البرلمان الجديد بعيد عن التوصل الى اتفاق على شخصية وطنية ترأسه، إذ انهمك الحضور بالتجاذبات المتعلقة بالمحاصصة في تولي المناصب القيادية في المجلس الجديد، كما أبلغت «الحياة» مصادر من داخل مقر الاجتماع في طبرق. في المقابل، اجتمع النواب ال31 المقاطعون ل «جلسة طبرق»، في مقر المؤتمر الوطني في طرابلس. وقال ل «الحياة» النائب عبد الرؤوف المناعي إنه فضل المقاطعة، متهماً المجتمعين في طبرق بأنهم «حفتريون»، في إشارة الى اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي يشن حملة ضد الإسلاميين انتهت بفشل قواته في السيطرة على بنغازي وانحسار نفوذه في طبرق ومدن مجاورة. كذلك أبلغ النائب فتحي باش آغا «الحياة»، أنه رفض التوجه إلى طبرق التزاماً منه ب «الأصول الدستورية المتمثلة في دعوة بوسهمين إلى عقد جلسة التسليم والتسلم في طرابلس»، بعد تعذر انعقادها في بنغازي، نظراً إلى «أعذار واهية اختلقها البعض بأن المدينة باتت تحت سيطرة الإسلاميين». وكان ملفتاً في الوقت ذاته عقد المجالس البلدية المنتخبة في المنطقة الغربية اجتماعاً موسعاً طالبت في مؤتمر صحافي على أثره بحل كتائب «القعقاع» و «الصواعق» و «المدني» وقوات أمن المطار، وهي الفصائل التي تخوض حرباً مع «تحالف الثوار الإسلاميين» دخلت أسبوعها الرابع. وطالبت هذه المجالس بتولي «الثوار مهمة أمن طرابلس وخروج كل القوى العسكرية من العاصمة». واستنكرت المجالس «موقف الحكومة المريب» حيال الأزمة وانحيازها ضد «الثوار»، وشددت على رفض أي تدخل أجنبي ومعاقبة من يطالب به، إضافة إلى رفع شكاوى قضائية ضد ما وصفته ب «قنوات الفتنة» المنحازة ضد «الثوار». ومع انعقاد جلسة البرلمان في طبرق، ارتفعت امس وتيرة القصف على الأحياء السكنية في طرابلس، التي عاشت أوقاتاً صعبة تحت القصف المستمر منذ ليل الأحد. وانهمرت قذائف وصواريخ على منطقة جنزور (أحد معاقل الإسلاميين) وألحقت دماراً بالمنازل وتسببت في تشريد السكان، من دون توافر معلومات على الفور عن حجم الخسائر البشرية. وكانت الشوارع شبه خالية، خصوصاً في غرب طرابلس وجنوبها، حيث أقفلت المحال أبوابها. وبدت منطقة السراج الأكثر تضرراً بالقصف، حيث لوحظ فيها دمار كبير بعد اشتباكات عنيفة بالأسلحة المتوسطة. وزاد من تفاقم الأزمة وسط أجواء النزوح والهلع، انقطاع الكهرباء لساعات طويلة وتقطع وسائل الاتصالات وخدمات الإنترنت. ودفعت هذه الحال الكثير من السكان الى محاولة اللجوء الى تونس المجاورة، حيث اكتظ معبر رأس جدير الحدودي بالراغبين في مغادرة ليبيا من مواطنين وأجانب.