استأنفت المليشيات الليبية المتنازعة في جنوب العاصمة الليبية طرابلس أمس، القتال والقصف العنيف سعيا للسيطرة على المطار الرئيس في المدينة في واحدة من أسوأ جولات القتال في البلاد منذ الإطاحة بمعمر القذافي عام 2011. وقتل نحو 200 شخص منذ اندلع القتال قبل أسبوعين في العاصمة وفي مدينة بنغازي بشرق البلاد، حيث استولى تحالف من المقاتلين الإسلاميين والثوار السابقين على قاعدة كبرى للجيش في المدينة. وترددت أصداء انفجارات القذائف المدفعية والمدافع المضادة للطائرات في طرابلس منذ صباح أمس بعد يوم على موافقة المليشيات على هدنة تسمح لرجال الإطفاء بإخماد حريق اندلع في أحد مخازن الوقود جراء إصابة خزانين بصاروخ. ولم تتمكن الحكومة المركزية الهشة في ليبيا وجيشها الحديث النشأة بعد ثلاث سنوات من الإطاحة بحكم القذافي من فرض سيطرتها على المليشيات المسلحة للثوار السابقين الذين باتوا صناع القرار السياسي في البلاد. وينحصر معظم القتال بجنوبطرابلس حيث تتبادل الفصائل المتنازعة صواريخ جراد وقذائف المدفعية ونيران المدافع بين المطار الذي تسيطر عليه مليشيات مقاتلي الزنتان والجيوب التي يسيطر عليها خصومهم من مليشيات مصراتة. وفي بنغازي قال سكان محليون إنه لا وجود ملحوظ للجيش أو الشرطة في المدينة أمس بعد يومين على قيام مقاتلين ينتمون لجماعة أنصار الشريعة وائتلاف الثوار السابقين المعروف بمجلس شورى بنغازي بالاستيلاء على قاعدة رئيسية للقوات الخاصة والتي أعلنت تأييدها لعملية "الكرامة" التي أطلقها اللواء المتقاعد في الجيش الليبي خليفة حفتر في منتصف مايو الماضي لمكافحة ما وصفه ب"الإرهاب"، لكن بدون أن تضع نفسها تحت قيادته. من ناحية ثانية، لقيت سيدة مصرية الجنسية مصرعها أمس جراء إصابتها برصاص داخل بيتها الواقع في محيط مستشفى الجلاء للجراحة والحوادث في مدينة بنغازي. وشهد مستشفى الجلاء اشتباكات مسلحة فجر أمس بين المواطنين المدنيين الذين تظاهروا أمام المستشفى، مطالبين قوات تابعة لتنظيم أنصار الشريعة المنضوية تحت مجلس شورى ثوار بنغازي بترك المستشفى. إلى ذلك، أوضح مسؤولون حكوميون أمس، أن اليونان ازسلت فرقاطة وسفينتين أخريين إلى ليبيا لإجلاء العاملين في سفارتها في طرابلس بالإضافة إلى بضع مئات من المواطنين الصينيين والأوروبيين. وقال رئيس جهاز الخدمة المدنية في مالطا ماريو كوتاجار أول من أمس إن الصين أجلت بضع مئات من العمال من ليبيا وتنقلهم بحرا إلى مالطا، مشيرا إلى أن حكومة مالطا ترتب لإيواء موقت للعمال وتستعد في نهاية الأمر لعملية إجلاء أكبر من ليبيا إذا استمر تفاقم الاضطرابات هناك. وأعلن الاتحاد الأوروبي أمس عن إجلاء أفراد بعثته الدبلوماسية في ليبيا بشكل موقت إلى تونس وذلك نظراً لتدهور الأوضاع الأمنية، فيما أعلنت وزارة الخارجية السويسرية في برن إغلاق السفارة السويسرية في طرابلس أمس بصورة موقتة لدواع أمنية، مشيرة إلى أن العلاقات الدبلوماسية مع ليبيا مستمرة انطلاقا من برن. كما أعلنت إسبانيا أمس إجلاء موقتا للعاملين في سفارتها في العاصمة الليبية طرابلس بعد يومين على إجلاء 37 إسبانيا وأقاربهم بناء على طلبهم في ظل الوضع الأمني المتدهور هناك. وعلى وقع هذه الفوضى، قرر البرلمان الليبي الجديد المنبثق من انتخابات 25 يونيو الماضي عقد "جلسة عاجلة" غدا في طبرق شرق ليبيا، مقدما باربع وعشرين ساعة جلسته الافتتاحية المقررة في الرابع من أغسطس، بحسب تصريحات صحفية لرئيس السن في البرلمان الجديد النائب أبو بكر بعيرة، ولكن عقب تصريح بعيرة قال رئيس المؤتمر الوطني العام المنهية ولايته نوري بوسهمين إن "على أعضاء البرلمان الموقت أن يجتمعوا الإثنين 4 أغسطس في العاصمة طرابلس ليستلموا السلطة رسميا من المؤتمر".