تصاعدت المعارك في العاصمة الليبية طرابلس أمس، وتركزت في مناطق غرب المدينة وجنوبها، مع تجدد المحاولات التي يشنها تحالف «الثوار الإسلاميين» للسيطرة على المطار في إطار حملة بدأت قبل ثلاثة أسابيع. وبدا أن «الإسلاميين» دخلوا في سباق مع الوقت للحسم، لقطع الطريق على خصومهم الذين يسعون إلى سحب «الشرعية الثورية» منهم، عبر قرارات محتملة يتخذها البرلمان الجديد الذي يعقد جلسة ثانية في طبرق اليوم. وسمع دوي تراشق كثيف بالمدفعية في العاصمة الليبية مع محاولة «الثوار» التقدم في اتجاه المطار من محور قصر بن غشير حيث دمروا آليات مصفحة تابعة لخصومهم في كتائب «القعقاع» و «الصواعق» و «المدني» (عمادهم مقاتلون من الزنتان – غرب البلاد). كما دارت اشتباكات عنيفة في حي أبو سليم وأمام مقر وزارة الداخلية حيث سجلت إصابات في صفوف الإسلاميين الذين انضم إليهم في تلك الجبهة للمرة الأولى، مقاتلون من «كتيبة ثوار طرابلس». كما طاولت الاشتباكات منطقة طريق المطار - السواني حيث تواجهت قوات من مصراتة مع مقاتلين من الزنتان انسحبوا من «معسكر حمزة» سابقاً. ووزع الإسلاميون صوراً لمقاتليهم في منطقتي «النقلية» و «الفروسية» (رئاسة الأركان) لإثبات حصارهم المنطقتين، وأعلنوا أسر قائدين عسكريين وعدداً من المقاتلين في صفوف الكتائب المناهضة لهم، ومعظم الأسرى من الزنتان، إضافة إلى أسير من ترهونة وآخرين من قبائل التبو. واعترف الإسلاميون بفقدان خمسة قتلى في صفوفهم، إضافة إلى 31 جريحاً نصفهم في حال خطرة. وفي وقت استقدم مقاتلو الزنتان مزيداً من التعزيزات إلى طرابلس، لم تتوافر معلومات عن خسائر في الأرواح في صفوف المدنيين نتيجة المعارك أمس، علماً أن الحكومة الليبية الموقتة أعلنت أن أكثر من 22 مدنياً قتلوا، وأكثر من 72 آخرين جرحوا في اشتباكات السبت. وتصاعدت سحابة من الدخان الأسود فوق مدينة طرابلس نتيجة حريق مستمر في خزان رابع للوقود أصيب بصاروخ السبت، بعدما كانت خزانات أخرى احترقت منتصف الأسبوع الماضي بعد إصابتها بالقصف. وفي بنغازي (شرق) استمر الهدوء النسبي بعد أيام من المعارك تمكن خلالها «تحالف الإسلاميين» من السيطرة على كبرى القواعد العسكرية لخصومهم في المدينة. ودفعت أعمال العنف الأخيرة الكثير من العواصم الغربية إلى إجلاء مواطنيها وديبلوماسييها. وكانت بريطانيا وبولندا أحدث دولتين تعلنان إغلاق سفارتيهما فيما اكتفت رومانيا بدعوة رعاياها إلى المغادرة فوراً. وأرسلت لندن بارجة إلى ليبيا للمساهمة في إجلاء البريطانيين ورعايا دول أخرى، علماً أن حوالى 200 بريطاني موجودون في ليبيا حالياً. ويعقد البرلمان الليبي الجديد جلسة ثانية في طبرق (شرق) اليوم، وسط أجواء من الجدل حول شرعية جلساته في وقت شدد رئيس المؤتمر الوطني (البرلمان المنتهية ولايته) نوري بوسهمين على ضرورة حصول عملية تسليم وتسلم بين المجلسين في العاصمة طرابلس، على أن تنقل جلسات البرلمان الجديد إلى بنغازي. غير أن كثراً من النواب الذين توجهوا إلى طبرق، اعتبروا أن إجراءات التسلم شكلية ولا ضرورة لها في ظل انعدام الأمن في المدينتين. ويسعى تحالف من الليبيراليين والفيديراليين في البرلمان الجديد، إلى إعلان طرابلس وبنغازي مدينتين خارج سيطرة الدولة، بغية استدعاء تدخل خارجي أو ضغط دولي على عواصم يتهمونها بدعم الحملة العسكرية للإسلاميين.