استؤنفت في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا أمس، مفاوضات السلام في جنوب السودان التي ترعاها الهيئة الحكومية لتنمية دول شرق أفريقيا (إيغاد) بين حكومة جوبا والمتمردين، وذلك بعد توقف دام أكثر من شهر. وعُقدت الجلسة الافتتاحية بحضور مفوض السلم والأمن في «إيغاد»، السفير تولدي قبرمدهن، وممثلين عن الاتحاد الأفريقي والامم المتحدة ومبعوثون دوليين، إضافة إلى ممثلين عن الأطراف الرئيسية في النزاع. ورأى مفوض السلم والأمن في «إيغاد» أن «الوقت مناسب جداً لحل الأزمة بصورة نهائية»، داعياً طرفي الصراع إلى المساهمة في عملية السلام. من جانب آخر، قال رئيس فريق الوساطة وزير الخارجية الإثيوبي السابق، وسفيرها الحالي في الصين، سيوم مسفن إن «جنوب السودان يواجه أزمة إنسانية فعلية، وبالتالي لا يمكننا إضاعة الوقت في مزيد من المحادثات». وتأتي المفاوضات في ظل تباعد المواقف بين جوبا والمعارضة المسلحة بشأن أجندتها، إذ ترفض الأولى مبدأ منقاشة تشكيل حكومة انتقالية، من دون أن يكون الرئيس الجنوبي سلفاكير ميارديت على رأسها، إلى جانب مناقشة قضية نظام الحكم، بينما تتمسك المعارضة بالبحث في تلك النقاط كأولوية للوصول إلى اتفاق سلام. وقال الناطق الرسمي باسم وفد المتمردين حسين مارنوت إن وفده يملك تفويضاً كاملاً لتوقيع اتفاق سلام دائم لإنهاء الحرب المشتعلة منذ 7 أشهر، مؤكداً على إرادة حقيقة لتحقيق سلام عادل في الجنوب. وشدد على أنهم سيركزون، لدى مناقشة الترتيبات الأمنية مع جوبا، على مسألة انسحاب الجيش الأوغندي. وذكر مارنوت أن جدول أعمال المفاوضات سيتطرق إلى قضايا وقف النار الدائم، فضلاً عن الشؤون الإنسانية، مشيراً إلى تمسكهم بمناقشة قضية نظام الحكم، إضافةً لمناقشة تكوين حكومة وحدة وطنية انتقالية، لا يكون الرئيس سلفاكير على رأسها، على اعتبار أنه فقد الأهلية كونه أحد طرفي النزاع. وسيبحث المجتمعون قضايا الإصلاحات المطلوبة في هيكل الدولة، والدستور الدائم، والمصالحة الوطنية. وأضاف مارنوت أن «هذه قضايا طويلة، لكن إذا استُؤنف التفاوض، وأظهرت جوبا إرادةً حقيقة، يمكن أن تُحدث الجولة الحالية اختراقاً». في المقابل، أكد الناطق باسم الرئاسة في جنوب السودان اتينج ويك استعداد الحكومة للوصول إلى اتفاق سلام مع المتمردين. وأعلن رفض الحكومة القاطع مناقشة قضية نظام الحكم، على اعتبار أنه أمر يقرره الشعب، إلى جانب مناقشة مسألة الحكومة الانتقالية، في غياب الرئيس سلفاكير عن السلطة. وأضاف: «كل الأنظمة التي تنشد الديمقراطية تتجه نحو صناديق الاقتراع». ومن المرجح أن يفضي تباعد المواقف بين الحكومة والمتمردين، وغياب ضغط المجتمع الدولي عليهما، وانشغاله بما يجري في مناطق ساخنة أخرى في العالم، إلى عدم حدوث اختراق في الجولة الحالية. كما أنه بات من الواضح أن الهيئة الحكومية للتنمية في شرق افريقيا (ايغاد) استنفدت كل وسائل الضغط التي تملكها على الطرفين، باستثناء العقوبات، التي ربما تفشل في تنفيذها، في ظل تأرجح حياد المنظمة، ودخول بعض دولها كلاعب أساسي في أزمة جنوب السودان.