شغف مناصري فرق كرة القدم في الجزائر لا يضاهيه شغف آخر. يشجعون فريقهم في الربح والخسارة ويقفون معه في السراء والضراء. بدأت الحكاية منذ سنوات طويلة. أبطالها شباب في مقتبل العمر يقدمون أغاني من طراز خاص يصدحون بها في الملاعب ويخلقون أجواء رائعة أينما حلوا في العاصمة الجزائرية أو في ملاعب الولايات الأخرى. وغالباً ما يلتقي مناصرو فريق مولودية الجزائر في حي «باب الوادي العتيق» في قلب العاصمة القديمة ويطلق عليهم اسم «الشناوة» لأن عددهم كبير وهم منتشرون في ولايات عديدة خارج العاصمة. وسبب انتشارهم هو أن فريق «المولودية العاصمية» ولد قبل استقلال الجزائر وكان مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بجيش «جبهة التحرير الوطني». ويعد «الشناوة» أغانيهم في مقاهي «باب الوادي» فيؤلفونها ويعطونها نكهة رياضية، وتحمل شعار «المولودية» التي تتميز بالزي الأخضر والأحمر, وشعارهم «الخضراء حبي»، ويغلب على الأغاني طابع الفولكلور الشعبي، وهي مستوحاة من العمق الجزائري وواقع شباب حاولوا الهجرة إلى ما وراء البحار ففشلوا ووجدوا ضالتهم في تشجيع «الخضراء والحمراء» مطلّقين حلم الهجرة بالثلاث. عشق سيد علي (20 سنةً) للمولودية بدأ منذ كان صغيراً يرافق والده إلى الملاعب ويشجع معه. ويقول ل «الحياة»: «هناك بدأ عشقي للفريق وصرت أرافقه أينما ذهب ليؤدي مباراة في البطولة أوالكأس». وصار سيد علي اليوم عضواً اساسياً في فرقة «باليرمو» التي تؤلف الأغاني الشعبية للفرق الرياضية وبحسب الحدث الكروي، فتحمل أحياناً أسماء اللاعبين وأحياناً أخرى تشجع الفريق كله على نيل البطولة والكأس، فيما تعالج في حالات أخرى قضية يتخبط فيها الفريق دعماً له. وفي الجهة المقابلة من منطقة «باب الوادي» وتحديداً في حي «سوسطارة» يجتمع أنصار الفريق «الغريم» وهو ثاني أعرق الفرق «اتحاد الجزائر». ووجد هؤلاء الشباب في مقهى الفنان عمر الزاهي ملجأ يجتمعون فيه يومياً، فيتدربون على الإيقاعات وكتابة كلمات بسيطة، ولكن قادرة على تحريك مدرجات ملعب «عمر حمادي» بحماستها، فحيثما لعب الفريق تتبعه «فرقة ميلانو» المعروفة بتسمية «المسامعية» لتشجيعه والغناء له. و»المسامعية» تسمية من اللهجة الجزائرية تطلق على مطربي الأعراس ولقب بها أنصار «اتحاد العاصمة» لأنهم يتميزون ببراعة الآداء والكلمات الهادفة والسريعة. ففي غضون دقائق تجهز الكلمات وتتحول إلى إيقاعات رياضية تستخدم فيها فرقة «ميلانو» الطبل والمزمار وآلة الساكسوفون. ويقول أحد أعضاء فرقة «ميلانو» محمد رضا سياح ( 22 سنة ) ل «الحياة»: «في كل موسم تؤلف «ميلانو» أغاني جديدة بناء على أهداف الفريق في الموسم الرياضي». ويضيف: «عندما يحقق الفريق أهدافاً ويتقدم إلى المراتب الأولى نؤلف له أغاني تشجعه على تحقيق البطولة وكأس الجمهورية». واللافت أن مناصري الفريقين يتمتعان بشعبية كبيرة في أحياء العاصمة الجزائرية، وغالباً ما يتصدون لأعمال الشغب التي تشهدها الملاعب أحياناً. وعلى سبيل المثال، وقع شجار بين مشجعي «اتحاد العاصمة» و»مولودية سعيدة» في المباراة الأخيرة سقط ضحيته جرحى عدة، فاندفعت فرقتا «ميلانو» و»باليرمو» وعلى رغم اختلافهما، لتأليف أغان موحدة من أجل «الروح الرياضية في الملاعب». ويقول الدكتور محمد بوداود الأستاذ في علوم الرياضة في جامعة دالي براهيم إن: « «الشناوة» و «المسامعية « يعتبرون اللاعب رقم 12 في فريق كرة القدم لأنهم يدفعون بالفريق للفوز دائماً كما انهم يشجعون على الاستمتاع بلعبة كرة قدم لا تخرج عن إطار المستطيل الأخضر وتخلق أجواء من الفرجة أيضاً».