دخلت المرجعية الدينية في قم علي خط التجاذبات السياسية العراقية، ففي حين دعم المرجع محمود هاشمي شاهرودي رئيس الوزراء نوري المالكي، بناءً على «حقه الدستوري» ، أيد المرجع ناصر مكارم الشيرازي موقف آية الله علي السيستاتي باعتباره « الكلمة الفصل لحل الخلافات قبل فوات الأوان ...»، في دعوة واضحة إلى تغيير رئيس الوزراء نوري المالكي. إلى ذلك، نفي المرجع لطف الله صافي كلبايكاني ان يكون دعم المالكي لولاية ثالثة، معلنا وقوفه إلي جانب السيستاني الذي طالب ب «مرشح يحظي بموافقة كل الكتل السياسية» . الي ذلك أعلنت مجموعة من أساتذة الحوزة العلمية في النجف تأييدها السيستاني الذي «شخص مكامن الخلل في إدارة الدولة فما حدث نتيجة قيادة فاسدة لا تهتم إلا بمنافعها الشخصية والحزبية الضيقة، ولا تعبأ بمصالح الشعب المظلوم». وانتقدت المجموعة موقف شاهرودي المؤيد للمالكي وهو «جالس في بعض الدول المجاورة ويعيش عيشة رغيدة، لا يشارك الشعب آلامه ومعاناته من قتل وتشريد، ويطالب بمراعاة الاستحقاق الانتخابي في تشكيل الحكومة، كأنه يريد القول إن المرجعية العليا للشيعة ليس لها حق التدخل في ما يتعلق بهذا الشعب المظلوم. ونقول له هذه شنشنة نعرفها ونعرف دوافعها، وهي ليست سوى حقد قديم جديد علي مرجعية النجف وعلمائها، فقد أنكر بالأمس القريب ان تكون هناك حاضنة علمية في النجف. واليوم يريد أن يتدخل في هذا الأمر لا نصرة للشعب العراقي، وإنما خبثاً وحقداً علي مرجعية طالما كان لها الدور المضيء والأيادي البيضاء التي حفظت كرامة ووحدة هذا الشعب». مصدر رفيع المستوي في مكتب السيستاني قال ل «الحياة» إن المرجع «لا يتبني ولا يطرح أي مرشح لمنصب رئاسة الوزراء، ويترك الأمر للائتلاف الوطني لاختيار مرشح يلقي قبولاً لدى المكونات العراقية». وأفادت المصادر ان المالكي أبلغ إلى أمين مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني الذي زاره بداية الشهر الماضي أنه يسعي إلى إبعاد قضية الاستحقاق الانتخابي وتشكيل الحكومة عن تجاذبات المرجعية الدينية. المصادر المواكبة لهذه التجاذبات أكدت «الحياة» تأييد القيادة السياسية الإيرانية موقف السيستاني الداعي إلى تغيير في منصب رئاسة الوزراء، بعدما كانت تري في المالكي الشخصية المناسبة لشغل هذا المنصب في الظروف الراهنة ، لكنها تركت الباب مفتوحاً أمام الائتلاف الوطني لاختيار المرشح الذي يحظي بقبول كل المكونات العراقية، من دون ضغوط، إلا لتسريع اختيار المرشح المطلوب «لان التأخير يعرض العراق للمزيد من الانتكاسات السياسية والاجتماعية» . وأفادت المصادر بأن انقساماً حصل داخل ائتلاف «دولة القانون» الذي يضم حزب «الدعوة/ المقر المركزي» وحزب «الدعوة/ تنظيم العراق» ومستقلين ومنظمة بدر، إضافة الي عدد من التكتلات الصغيرة حيال موقف السيستاني، فقد أيدت منظمة بدر التي يتزعمها هادي العامري، والمستقلون بزعامة حسين الشهرستاني موقف السيستاني، في حين يصر باقي الأحزاب علي دعم ترشح المالكي لولاية ثالثة. وهناك معلومات غير مؤكدة عن اتفاق داخل «دولة القانون» علي تبادل المناصب بين خضير الخزاعي (نائب رئيس الجمهورية) والمالكي.