يؤشر قرار رئيس الحكومة نوري المالكي بإزالة صوره من كافة الساحات، على الصراع الخفي بين القيادات التقليدية في العملية السياسية وتوجهات المرجعية الدينية في النجف باعتبار الانتخابات التشريعية المقبلة انتقالة مفصلية لتغيير طبيعة الحكم من الأغلبية الإسلامية إلى نموذج الحكم المدني، بما يرجح صدور قرارات جديدة يمكن أن تتخذها مفوضية الانتخابات ضد انتشار صور التهنئة للمرشحين من عشائرهم. ودعا المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، أمس، إلى المشاركة الواسعة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وفيما أكد عدم دعمه لأي قائمة أو مرشح في الانتخابات، شدد على ضرورة «حسن اختيار الناخب» لمرشح لكي «لايندم لاحقا». وقال مكتب السيستاني في رد على سؤال حول الموقف الحيادي من الجهات المشاركة في الانتخابات ومحاولة بعض الجهات استغلاله، إن السيستاني يحث على المشاركة في الانتخابات واختيار الصالح الكفؤ، مبينا أن المرجع لا يدعم أية قائمة أو مرشح. لكن مصادر عراقية نجفية تؤكد ل «الشرق» أن المرجعية الدينية في النجف اجتمعت الجمعة الماضية مع وفد من قيادة مجلس مفوضية الانتخابات، مشددة على أهمية أجراء الانتخابات في موعدها المحدد وفي جميع أنحاء العراق بما في ذلك محافظة الأنبار. وترى هذه المصادر القريبة من مكاتب المرجعيات الدينية في النجف، بأن هذا الاجتماع مثل ضربة قاصمة لكل المحاولات الداعية لتأجيل موعد الانتخابات وإعلان الأحكام العرفية على خلفية تجاوز عناصر «داعش» لمعركة الفلوجة المرتقبة، ونقلها إلى أطراف العاصمة بغداد. وترجح هذه المصادر أن السيستاني ضرب هدفين بكرة واحدة، الأول إيقاف عمليات الجيش العراقي في الأنبار من دون الإفصاح عن ذلك صراحة، من خلال إصراره على مشاركة الأنبار في الانتخابات المقبلة وحتمية توزيع البطاقة الانتخابية حتى على النازحين من أهلها في عموم المحافظاتالعراقية، والثانية عدم تأجيل الانتخابات وتأكيده على أهمية وقوف مفوضية الانتخابات على مسافة واحدة من جميع المخالفات القانونية وردا على سؤال «الشرق» عن البدائل التي يمكن أن تعتمدها المرجعية الدينية في التدخل لإحداث التغيير المطلوب، قالت هذه المصادر «سبق لمرجعية السيستاني تشكيل ما عرف باللجنة السداسية لاختيار القائمة الانتخابية الأولى للائتلاف الوطني العراقي عام 2005، التي كان من المقرر أن تكون عراقية من جميع أطياف ومكونات الشعب العراقي، وأضافت «اليوم، ترى المرجعية الدينية أنها لن تدعم بالضرورة أي ائتلاف انتخابي إلا من خلال إعادة تشكيل الخارطة الانتخابية لظهور ائتلافات وطنية من دون تهميش أي طائفة أو مكون اجتماعي عراقي». من جانب آخر، ترى هذه المصادر النجفية أن أي حديث عن زعامة سياسية جديدة لن يتعدى نتائج صندوق الانتخابات، وهناك اكثر من تحالف نوعي تدعمه المرجعية الدينية لما بعد الإعلان عن نتائجها أبرز ما فيه دعمها لزعامة سياسية مدنية غير دينية، وتفضيلها عدم ترشيح رجال الدين لانتخابات مجلس النواب المقبل، وأن يكون الاقتراع وفقا لقناعة الناخب بما يطرح في البرامج الانتخابية لائتلافات مختلطة وليس من طائفة واحدة أو مناطقية.