يؤكد بعض الذين يواكبون الحوار الجاري بين رئيس كتلة «المستقبل» النيابية رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة وبين وزير المال علي حسن خليل بتشجيع من رئيس «جبهة النضال الوطني» وليد جنبلاط بغية التوصل الى مقاربة مشتركة تدفع الى إقرار سلسلة الرتب والرواتب للعاملين في القطاع العام والمعلمين في جلسة تشريعية يدعو إليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ان التوافق عليها بات يستدعي قراراً سياسياً. ويعزو هؤلاء السبب الى أنه لم تعد هناك جدوى للمراوحة في التوافق على الواردات المالية المطلوبة لتمويل السلسلة لتأتي متوازنة مع النفقات المترتبة على صرفها، خصوصاً أن الأطراف المعنيين خاضوا نقاشاً وافياً حول الأرقام، وبالتالي لم يعد من مبرر لإجراء جولة جديدة من المشاورات طالما أن المواقف منها باتت واضحة ومعروفة. وكان عقد ليل أول من أمس لقاء بين السنيورة والنائب في كتلة «المستقبل» جمال الجراح وبين وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور في حضور المرشح الرئاسي هنري حلو وأمين السر العام في الحزب التقدمي الاشتراكي ظافر ناصر، إضافة الى النائب في حزب «القوات اللبنانية» جورج عدوان. وأعقب هذا اللقاء لقاء موسع بانضمام الوزير خليل الى المجتمعين ولم يشارك فيه النائب حلو. وانتهى كما علمت «الحياة» الى طرح السنيورة تصوراً متكاملاً لإخراج سلسلة الرتب من المراوحة. وتضمن الاقتراح زيادة 1 في المئة على الضريبة على القيمة المضافة وخفض 10 في المئة من الكلفة الإجمالية لسلسلة الرتب وإعطاء 4 درجات للمستفيدين منها بدلاً من ست درجات وصرف مستحقاتها دفعة واحدة من دون تقسيط. ووعد خليل بدرس الاقتراح مع الرئيس بري والأطراف في قوى 8 آذار على أن يأتي بجواب نهائي. وقال كما نقل عنه إنه لا يأخذ على عاتقه الزيادة المقترحة على الضريبة على القيمة المضافة، لأن لدى حلفائه اعتراضاً عليها، لكن لا مانع من أن يصوت بعض النواب الأعضاء في كتلة الرئيس بري عليها. ورد السنيورة بأن هناك ضرورة لعدم حصر التصويت على هذه الزيادة بقوى 14 آذار ونواب «اللقاء الديموقراطي»، داعياً الى إشراك العدد الأكبر من الكتل النيابية في التصويت عليها، لأن هناك ضرورة لإقرارها للحد من الأخطار الاقتصادية على الوضع المالي في البلد في ظل الركود الاقتصادي الذي يمر فيه. واعتبر السنيورة انه بهذه الزيادة يمكن تأمين مبلغ 1850 بليون ليرة لتمويل النفقات المترتبة على صرف السلسلة من دون إقحام البلد في مغامرة اقتصادية لا يستطيع أي طرف الانجرار إليها. وكشف أحد المشاركين في الاجتماع الموسع ل «الحياة» أن «المستقبل» ليست في وارد الاعتراض على تطويع عشرة آلاف عنصر لمصلحة القوى الأمنية على رغم ما يترتب عليه من زيادة في الإنفاق. وأكد أن «جبهة النضال الوطني» ليست بعيدة من الاقتراح الذي تقدمت به كتلة «المستقبل» بشأن السلسلة على أن يوضع في سلة واحدة لإقرارها في الجلسة التشريعية. وقال إن جنبلاط سيتحرك قريباً باتجاه بري للعمل من أجل التوصل الى مقاربة مشتركة حول سلسلة الرتب، مع أن إقرارها بات في حاجة الى قرار سياسي يضع حداً لتمديد المشاورات التي لن تقدم أو تؤخر بعد أن أصبحت المواقف واضحة ولن يعدل منها استمرار التواصل. وأكد أن خليل لم يتطرق الى مشروع الموازنة للعام الحالي وإنما ركز على ضرورة الإسراع في إعداده للعام المقبل، مع أن هذا الأمر يحتاج الى إنجاز قطع حساب للعام 2013. وأوضح أن حديث خليل عن إعداده لموازنة العام 2015 فتح الباب أمام السؤال عن ضرورة تشريع الإنفاق من العام 2006 حتى اليوم وقوننته في جلسة نيابية على أن يبقى الإنفاق، لتعذر إقرار الموازنات لهذه الأعوام، خاضعاً لرقابة ديوان المحاسبة مع أن القسم الأكبر منه أنفق على دفع الرواتب والأجور وتغطية العجز في مؤسسة كهرباء لبنان وتأمين المستحقات لخدمة الدين العام. واعتبر أن موقف بعض الأطراف الرافض تشريع الإنفاق استُهلك ولم يعد من فائدة لاستخدامه ورقة للمزايدة، خصوصاً أن قطع الحساب للعام 2013 يستدعي تسوية الإنفاق كأساس لإعداد مشروع قانون الموازنة للعام 2015 لإقراره في مجلس الوزراء وإحالته الى المجلس النيابي لمناقشته والتصديق عليه. وبعد ظهر امس، اجتمع الوزير خليل مع وفد «هيئة التنسيق النقابية» في وزارة المال – وسط بيروت، وأعلن خليل بعد اللقاء في مؤتمر صحافي انه «لا تزال هناك تباينات حول السلسلة وهي ليست ضيقة، ويحتاج الأمر الى المزيد من النقاش، صحيح ان النقاش مفتوح وإيجابي، لكن هناك وجهتا نظر بالنسبة الى مسألة الدرجات». وقال ان «هيئة التنسيق لديها ملاحظات والرئيس بري قال اننا مستعدون بعد الاتفاق على السلسلة لحسم نسبة 10 في المئة من كلفتها، والطروحات الآن حول رفع نسبة الحسم، وقلنا انه لا يصح الأخذ بيد وانتزاع المكاسب بيد اخرى، ونحن كقوى سياسية معنية بالسلسلة لا يمكننا تحمل، امام الهيئة ولا البلد، تبعات كل هذه المسائل، والبلد يحتاج منا الى تضحية معينة، ولا من فريق يقبل ان يتحمل كل المسؤولية، نحن حريصون على مواصلة النقاش ولا يجب الدوران في حلقة مفرغة». وشدد على وجوب حسم الخيارات وقال إن «الرئيس بري جاهز للدعوة الى جلسة نيابية خلال ساعات وبعد الاتفاق على السلسلة يمكن اضافة اي مواضع اخرى يتم الاتفاق عليها، النقاش يجب ان يكون داخل المجلس النيابي من قبل كل الكتل بعيداً عن المزايدات والتحديات، كل واحد لديه وجهة نظر والنقاش النظري لا يكفي، دعونا نذهب الى المجلس وإذا اتفقنا خلال اسبوع او 10 ايام ننجز العملية وإن شاء الله نصل الى تفاهم بأسرع وقت ممكن». واعتبر عضو هيئة التنسيق حنا غريب في تصريح بعد مغادرة خليل قاعة الصحافيين ان خلاصة النقاش انه «لا يزال في المربع الاول». وقال: «للتوضيح ما يناقش بين المعنيين والسقف المطروح، هيئة التنسيق ضده ولا علاقة لها به، هذا سقف لا يضمن الحقوق الكاملة للموظفين والعمال والمياومين». وانتقد مسألة تقسيط السلسلة وزيادة 1 في المئة على الضريبة على القيمة المضافة وقال: «ما نطالب به حقنا، اي 121 في المئة، الكل يعترف به ولا يدفعونه في حين دفع لقطاع آخر، لأساتذة الجامعة اللبنانية ومن بعدهم الى القضاة ومن دون تقسيط، وبقي الموظفون والقطاع العسكري والإداري ما يطرح عليهم لا يشكل الحد الادنى». وأكد ان الهيئة متمسكة بموقفها وهي، رداً على المماطلة والتسويف، مستمرة في مقاطعة اعمال تصحيح مسابقات الامتحانات الرسمية وتنفيذ الاضراب العام الاربعاء المقبل والاعتصام في ساحة رياض الصلح ولن نيأس، صامدون وموحدون».