فيما كان مشهد الجلسة السابعة لانتخاب رئيس جديد للبنان أمس، تكراراً للجلسات السابقة، من دون أن تطرأ اي مفاجأة تحرك الجمود الذي طبع الملف الرئاسي، فإن سلسلة الرتب والرواتب المدرجة على جدول الجلسة التشريعية اليوم المخصصة لدرسها والبت بها، خطفت الأجواء في ساحة النجمة مرة أخرى، إضافة إلى عرض رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، في مقابلة تلفزيونية ليل أول من امس، مقايضة الرئاسة بأمن رئيس تيار «المستقبل» الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري، الذي أثار ردود فعل قوية من غالبية نواب «14 آذار» ونواب «المستقبل» خصوصاً. وركز النواب على مسألتين: الأمن السياسي للحريري إذا كان عون في موقع المسؤولية، وضرورة إجراء انتخابات وفق قانون جديد في مواعيدها. وعلى الأمن السياسي رد نواب «المستقبل» بموقف واحد، بأن «الأمن السياسي لا يؤمّنه شخص بل المؤسسات المعنية». وفي حين أكدت مصادر نيابية ل «الحياة» أن جلسة امس كانت تحضيرية لجلسة السلسلة التي لم يحسم مصير انعقادها اليوم، لأن الخلل يكمن في إخفاق المعنيين بإيجاد توازن بين الواردات والنفقات، إذ إن النفقات أكبر من الواردات، شهد مكتب رئيس المجلس النيابي نبيه بري حركة مشاورات مكثفة للبحث في ملف السلسلة، بدأت بين بري ورئيس الحكومة تمام سلام، وتلاها لقاء جمع بري مع النائب بهية الحريري في حضور وزير المال علي حسن خليل، أعقبه اجتماع موسع ضم إضافة إلى بري وحسن خليل والحريري، رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة ووزير التربية الياس بو صعب والنواب إبراهيم كنعان وجمال الجراح وجورج عدوان. وتمحور الاجتماع، الذي تناول أرقام السلسلة وإمكان التفاهم قبل جلسة اليوم، وفق مصادر نيابية، حول 3 عقد هي: موضوع الTVA، الدرجات الست للأساتذة، ونسبة الزيادة للعسكريين. إلا أن الاقتراح بإعطائهم ثلاث درجات فقط، وزيادة الضريبة على القيمة المضافة 1في المئة التي يطالب بها «المستقبل» و«14 آذار»، أو الزيادة 15 في المئة على الكماليات كما يطالب «التيار الوطني الحر»، لا تزال عالقة. أما في مسألة رتب العسكريين، فتم التوافق على زيادة طفيفة عليها، لا تتعدى رقماً معيناً، والمشاورات مستمرة. وأوضح السنيورة بعد الاجتماع أنه «لا تزال الأمور قيد المناقشة حول السلسلة»، لافتاً إلى أن «من الممكن أن لا يكون هناك إقرار للسلسلة في جلسة الغد(اليوم)». وقال: «عام 1998 أقرت السلسلة بكاملها وتم التداول فيها بين كل الكتل وجرى إقرارها بمادة وحيدة». وأوضح «أننا ملتزمون اقرار السلسلة لكن على أساس العدالة بين الأسلاك وخفض حجم الإنفاق وان تكون فيها الواردات التي تؤمن التوازن». وقال وزير المال: «سجلنا تقدماً ملموساً في موضوع أرقام السلسلة التي كانت موضع نقاش سواء في موضوع الواردات أم في موضوع النفقات، واقتربنا جداً من التوازن الذي تأمن برأينا وسيستكمل الرئيس السنيورة نقاشه على مستوى فريق 14 آذار». وعن الكلام عن موافقة بري على خفض درجات السلسلة، نفى خليل هذا الأمر، مؤكداً أن «بري لم يتحدث عن تخفيض». وكان خليل أوضح قبل الاجتماع، أنه «التقى عدداً من المعنيين والنواب في موضوع السلسلة، وهناك أصول يفترض على الجميع احترامها ودراسة ورؤية واقعية في موضوع السلسلة أعدتها وزارة المال، لكن في النهاية القرار يعود للهيئة العامة للمجلس النيابي والأمر أصبح ملكه». وقال: «يجب أن نصل إلى نتيجة ونقفل ملف السلسلة، وأنا برأيي هناك إمكان كبير لذلك وهناك إيرادات، وهي ليست من جيبي، يفترض أن تصدر في قوانين عن المجلس النيابي». وأكد «أن الأولوية تفرض البت برقم كلفة السلسلة، أما بالنسبة إلى جلسة غد، فبرأيي أنها على قياس الجلسة التشريعية الماضية وأنا جاهز لمناقشة كل المواضيع». وقال: «أنا اتعاطى بإيجابية مع الجميع ونحن في دولة تقع في عجز، ولكن كلما عززنا الواردات يكون الوضع أفضل». أما الوزير بو صعب، فلفت الى أن «الرئيس بري أعطى العديد من الطروحات لإنقاذ السلسلة»، آملاً بالتوصل إلى نتيجة قبل الجلسة». ورأى أنه «إذا لم نستطع الدخول إلى إقرار السلسلة هناك مشكلة أكبر من السلسلة»، مؤكداً أن «الإيرادات للسلسلة باتت موجودة ومؤمنة». وشدد على «أننا مصرون على الدرجات الست ومتمسكون بمطلبنا وإذا واصلنا لخلاف عليها، على الجميع أن يصوت عليها»، وقال: «لا نقبل بالثلاث درجات ويجب أن نتفق قبل الدخول إلى المجلس»، موضحا أن «المفاوضات ما زالت مستمرة والجميع يعمل على هذا الأساس». وفيما أعلن الرئيس نجيب ميقاتي لدى مغادرته المجلس «أن لا شيء نهائياً بعد في شأن السلسلة، والأمور لا تزال ضمن دائرة الأخذ والرد». وأكدت النائب الحريري أن «المحادثات مستمرة في شأن السلسلة». وأوضح كنعان، أن «الاجتماع الذي عقد لنقاش السلسلة كان فيه ممثلون عن كل الكتل النيابية وقد توصلنا إلى توازن دقيق جداً بين الواردات والإنفاقات، الاجتماع حضره وزير المال وممثلون عن كل الكتل، وهذا الاتفاق لا يسمح أن نختلف على الأرقام أو أن يكون هناك أي تهديد أو أي انعكاس سلبي على الاقتصاد أو الخزينة، خصوصا أننا أخذنا أرقاماً في أسوأ تقدير». ولفت إلى أن «الإيرادات لم تعد بين يدينا والمسألة هي مسألة خيارات». وقال: «في موضوع الحقوق أو التمويل والإيرادات حصل اتفاق، وباب النقاش ما زال مفتوحاً في موضوع يتعلق بالإيرادات مع الرئيس السنيورة وكتلته وما يتعلق بالضريبة على القيمة المضافة». ورأى أن «لا سبب لعدم إقرار السلسة غداً حتى لو بقي بند لم نتفق عليه فيمكن أن نصوت عليه»، منوهاً «بكل الجهد الذي وضع مع الرئيس بري ووزارة المال المتعاونة والنائب بهية الحريري. ونحن بانتظار جواب نهائي وأتمنى أن يكون إيجاباً لنعقد جلسة نيابية نقر فيها السلسلة». جلسة الانتخاب وكان بري أرجأ جلسة انتخاب الرئيس إلى الأربعاء في 2 تموز (يوليو) المقبل بسبب عدم اكتمال النصاب وهي الفترة الفاصلة الأطول بين جلستين حتى اليوم. إذ حضر 63 نائباً إلى القاعة العامة، فيما المطلوب لاكتمال النصاب حضور ثلثي أعضاء المجلس أي 86 نائباً. وكان النواب الوافدون إلى المجلس للمشاركة في جلسة الانتخاب، أطلقوا مواقف ركزت على طرح العماد عون على الحريري تأمين أمنه في حال وصل إلى رئاسة الجمهورية. فكان موضع انتقاد لاذع من نواب 14، آذار الذين رأوا فيه تهديداً واعترافاً بأن حلفاء عون هم من يمنعون عودة الحريري إلى لبنان. ورأى نائب رئيس المجلس فريد مكاري أن مثل «هذه المقايضة نوع من الهذاء في الكلام، فكيف يقايض امن الحريري بالرئاسة؟ هذا يعني أنه قادر على أن يمون على الذين يهددون امن الحريري؟»، فيما طلب الوزير بطرس حرب من النيابة العامة التمييزية التوجه إلى عون وأخذ إفادته في شأن ما صرّح به عن أمن الحريري. ووضع الوزير نبيل دو فريج كلام عون بتصرف القضاء. وقال: «هذا يعني انه يعرف من يغتال الناس وعليه أن يتكلم». وسأل مروان حمادة: «إذا كان المرشح غير التوافقي يريد فرض نفسه على البلد، فهذا يعني عودة إلى الحكم الديكتاتوري، والعماد ميشال عون لا يستطيع ضمان أمنه الذاتي فكيف حال امن رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، وطرح عون حفظ أمن الحريري استهزاء بقضايا الأمن عموماً وقضايا أمن الحريري خصوصاً». وإذ أمل خيراً من لقاء جنبلاط مع الحريري في باريس، لفت إلى أن «كل المواضيع مطروحة على جدول الأعمال». ورأى أحمد فتفت أن «الأمن السياسي يؤمنه الشعب اللبناني، وأمن الرئيس الحريري مرتبط بموضوع إقليمي أكبر من عون إلا إذا كان يتهم حلفاءه بالتعرض لأمن الحريري». وأشار إلى أن «الرئيس السنيورة طلب من الفريق الآخر طرح مرشح ونحن مستعدون لأي حل»، معتبراً أن «عون مصمم على تعطيل النصاب والغياب بمساندة حزب الله». وأشار عمار حوري إلى أن «ما سمعناه من العماد عون هو وصف لمن يهدد الرئيس الحريري من حلفاء عون»، داعياً إلى «إنجاز الاستحقاق الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية». أما عاطف مجدلاني، فأشار إلى «أننا طلبنا من العماد عون تقديم برنامج رئاسي لترشحه، إلا أنه عرض أمس حياة الرئيس الحريري مقابل رئاسة الجمهورية». ولفت خالد الضاهر إلى أن «الأمن يكون عبر المؤسسات الشرعية، ولا نقبل أن نأخذ أمناً سياسياً من عون». انتخاب المفتي وعلمت «الحياة» أن الاجتماع الثلاثي الذي ضم سلام وميقاتي والسنيورة، خصص للبحث في شؤون دار الفتوى في ضوء دعوة مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني أعضاء مجلس الانتخاب إلى انتخاب مفتٍ جديد في 31 آب (أغسطس) المقبل. وتردد أن سلام، باعتبار أنه هو من يوجه الدعوة، يميل إلى دعوة مجلس الانتخاب بعد انتهاء شهر رمضان، وقبل الموعد الذي حدده قباني من خلال مدير الأوقاف العامة في دار الفتوى الشيخ هشام خليفة. وتقرر أن يعقد لقاء آخر لرؤساء الحكومات لاتخاذ القرار النهائي والتداول في الخطوات المطلوبة للطعن بدعوة خليفة هيئة الانتخاب بعدما وافق المجلس الشرعي المطعون في ولايته على زيادة أعضاء هيئة الانتخاب من 106 أعضاء إلى حوالى 6 آلاف عضو. « 14 آذار» ترفض «حزب الله» و« داعش» وفي السياق، أكدت الأمانة العامة لقوى 14 آذار بعد اجتماعها الأسبوعي، رفضها «كل التيارات المتطرفة والمتمثلة سواء بما يشبه «حزب» الله أو ما يشبه «داعش»، وأن مشروعها كان ويبقى العبور إلى دولة مدنية كاملة الأوصاف تكون نموذجاً لدول المنطقة التي دخلت في مخاض طويل، وهذه الاقتناعات لن تتغير مهما تطورت الأحداث في المنطقة، في هذا الاتجاه أو ذاك». وذكرت الأمانة بأن موقفها هذا، سبق أن أكدته «جميع مكوناتها لا سيما تيار المستقبل». وطالبت ب«استكمال عملية بناء الدولة والإسراع في انتخاب رئيس جديد للبلاد».