انشغلت أمس الكتل النيابية والقوى السياسية اللبنانية في تحضير الأجواء التي تتيح لرئيس المجلس النيابي نبيه بري دعوة البرلمان الى عقد جلسة تشريعية يتفق على جدول أعمالها في إجماع تعقده هيئة مكتب المجلس. وتكثفت الاجتماعات لهذه الغاية أبرزها الاجتماع الموسع ليل أمس لقوى 14 آذار للتداول في أجواء المحادثات التي عقدها رئيس كتلة «المستقبل» رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة مع زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري في جدة في المملكة العربية السعودية والتي تمحورت حول استمرار التواصل مع بري ورئيس «جبهة النضال الوطني» وليد جنبلاط والموقف من عقد جلسة تشريعية. وقالت مصادر بارزة في «المستقبل» ل «الحياة» ان الكتلة ليست ضد عقد جلسات تشريعية وإن أعضاءها على استعداد لحضورها، معتبرة ان تصوير الموقف من هذه الجلسات وكأن هناك من يقاطعها وآخر يحضرها ليس في محله. وأكدت ان الكتلة مع عقد جلسة تشريعية تجيز للحكومة الاكتتاب في سندات الخزينة وان موقفها من سلسلة الرتب والرواتب واضح، وهي مع المطالب المحقة والعادلة للعاملين في القطاع العام وتشترط تحقيق التوازن بين الموارد المالية لتمويلها وبين النفقات المترتبة على صرفها. وقالت ان موقفها ينطلق من الحرص على الاستقرار النقدي في البلد وعدم تعريضه الى انتكاسة وبالتالي لا بد من تحييد النقاش فيها عن المزايدات الشعبوية. ولفتت المصادر نفسها الى انها مع تأمين دفع الرواتب لموظفي القطاع العام للشهر الجاري ولا ترى مبرراً لإصدار قانون طالما ان هناك امكاناً لصرفها بالطريقة نفسها التي اعتمدت في السابق. لكن مصادر أخرى تعتبر أن هناك امكاناً لتجاوز الاختلاف حول الرواتب وان ثمنه الإقرار باستئناف الجلسات التشريعية. ورأت أن الأبواب ليست مقفلة أمام الوصول الى تفاهم من شأنه ان يسرع في عقد الجلسات التشريعية، وتوقعت ان تتواصل الاتصالات في الساعات المقبلة لإنضاج تسوية حول البنود التي ستدرج على جدول أعمالها. وفي هذا السياق التقى أمس وزير المال علي حسن خليل وفداً من «جبهة النضال الوطني» ضم الوزير وائل أبو فاعور والنائب هنري حلو وأمين السر العام في الحزب التقدمي الاشتراكي ظافر ناصر. وعلمت «الحياة» بأن الاجتماع يأتي استكمالاً للقاء جنبلاط، في حضور عدد من وزراء ونواب «جبهة النضال»، هيئة التنسيق النقابية التي أطلعته على موقفها من سلسلة الرتب والرواتب. وقالت مصادر في «جبهة النضال» انها اطلعت من خليل على الكلفة المالية لإقرار سلسلة الرتب والرواتب وكيفية تأمين الواردات لتمويلها شرط أن تكون واقعية وان تكون لدى وزارة المال القدرة على جبايتها بعيداً من الأرقام الخيالية. وأكدت أن الوفد تسلم من خليل جدولاً بنفقات السلسلة والواردات المالية لتغطية صرفها، لكي يكون في مقدور «جبهة النضال» التدقيق في أرقامها المالية. وقالت ان جنبلاط أبدى حرصه لدى استقباله وفد هيئة التنسيق على دعم مطلبها إقرار السلسلة، لكنه حذر من المبالغة في الأرقام لئلا تنعكس على الاستقرار النقدي. وأكدت ان «جبهة النضال» تقف الى جانب زيادة 1 في المئة على الضريبة على القيمة المضافة إذا كان من ضرورة لها لتحقيق التوازن بين الواردات والنفقات وهي تلتقي في موقفها من هذه الزيادة مع قوى 14 آذار. وأوضحت أن خليل لم يبدِ أي موقف يفهم منه بأنه يعارض هذه الزيادة لكنه لفت الى وجود اختلاف حولها. الى ذلك، اعتبر رئيس لجنة المال والموازنة النيابية النائب ابراهيم كنعان أن «تعطيل المجلس النيابي ولجانه، أمر خطير جداً، خصوصاً في كل المسائل الاجتماعية والمالية والاقتصادية والحقوقية المطروحة»، معرباً عن اعتقاده بأن «هذه المسؤولية يجب ان تدفعنا جميعاً كي نحيّد هذه الملفات ومنها سلسلة الرتب والرواتب، وموضوع الإنفاق بقوانين وليس بمخالفات ايضاً، وكذلك اليوروبوند. هذه الامور يجب ان تتحرك وتأخذ مسارها نحو الجلسة العامة، ونحن نتفق مع الرئيس نبيه بري على هذه المسائل، وقد أبلغته تأييد تكتل التغيير والاصلاح وموقف العماد ميشال عون». وقال بعد زيارته رئيس المجلس النيابي: «بحثنا في موضوع الجامعة اللبنانية، ونعتبر ان ما طرحه وزير التربية الياس بو صعب على طاولة مجلس الوزراء كان، بكل المعايير، يجب ان يسير، لأنه كان نتيجة عمل جاد بين كل الكتل وكل الوزراء». وكان كنعان أعلن بعد إرجاء جلسة لجنة المال والموازنة قبل ظهر امس بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني انه «سيرفع شكوى الى رئاسة المجلس النيابي لأنه لا يجوز تعطيل عمل اللجان تحت أي ظرف». والتقى بري ايضاً رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب اسعد حردان والوزير السابق علي قانصو، وجرى عرض التطورات الراهنة. وقال حردان: «لمسنا لدى الرئيس بري حرصاً كبيراً للغاية على موضوع المؤسسات لأنه يعتبرها قاعدة الاستقرار في لبنان، والتي تبدأ بانتخابات رئاسة الجمهورية، وهذا الامر مهم جداً. وقد توافقنا ووقفنا الى جانبه في موضوع الإسراع في انتخابات رئاسة الجمهورية، لأن هذا الموقع يجب ألا يبقى شاغراً لأنه رئيس البلاد، وكذلك ألا تتأثر بقية المؤسسات بهذا الموضوع». وأضاف: «كما لمسنا حرصه على الحكومة واستمرار دورها وكذلك حرصه على المجلس للتشريع والاهتمام بقضايا الناس، فعندما تفعل المؤسسات وتأخذ دورها هذا يضيف الاستقرار ويعكس طمأنينة على كل المستويات، وهذا يرتب ان تجتمع كل الاطراف حتى المنقسمة في وجهات النظر تحت سقف المؤسسات لكي تدلي بدلوها في ما يخدم لبنان ويخدم كل المواطنين». ثم عرض بري مع عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب انطوان زهرا شؤوناً مجلسية.