تراجع سعر صرف العملة الاوروبية الموحدة ومؤشرات الأسهم مع نشر صندوق النقد الدولي «تقرير الاستقرار المالي» في العالم الذي تحدث عن اضطرار المصارف الاوروبية الكبرى الى «التقوقع» بنسبة 10 في المئة خلال الشهور ال18 المقبلة وتصفية استثمارات ومراجعة برامج التسليف والتخلص من ديون هالكة، ما قد يقود الى انكماش الاقتصاد الاوروبي وزيادة مخاطر دخوله في الركود. ووفق التقرير، الذي دقق في موازنات 58 مصرفاً اوروبياً، ستنكمش موجودات والتزامات وممتلكات هذه المصارف، ومن بينها «بي ان بي باريبا» و»دويتشه بنك»، اكبر مصرفين في منطقة اليورو، بنحو 2.6 تريليون دولار وسينكمش النمو الاقتصادي في اوروباً بنحو 1.4 في المئة حتى نهاية 2013. ويرى الصندوق ان هذه المصارف تخلصت من اصول او خفضت اقراضها بنحو 580 بليون دولار، ما يعني انها مضطرة الى سحب ما يصل الى 3.8 تريليون دولار من الاسواق، اذا تم احتساب النواتج عنها، وما يعني ايضا زيادة الضغوط على نسب النمو واليورو. ويعتقد القيمون على التقرير ان الحكومات الاوروبية فشلت حتى الآن في تأمين اتفاق على زيادة حجم صندوق الوقاية من الديون، وهي أجلت مراراً اعلانه ما زاد الضغوط على دول الخاصرة الجنوبية لدول الاتحاد النقدي وعلى المصارف الكبرى في القارة التي تهددها الديون السيادية في كل من اليونان واسبانيا والبرتغال اضافة الى ايطاليا. وحتى الآن لا تزال الاسواق الدولية تخشى «قنبلة الديون الاوروبية» وتتحسب منها بسبب الذيول والانعكاسات التي يمكن ان تنجم عنها وتشكل سبباً مماثلاً لما جرى مع ازمة الإئتمان في الولاياتالمتحدة التي انفجرت في العام 2007 واصابت شظاياها اسواق العالم في ايلول (سبتمبر) 2008 مع إفلاس بنك «ليمان براذرز». ويأتي التقرير بعد اقل من 24 ساعة على مطالبة كبير الاقتصاديين في الصندوق اوليفيه بلانشار الحكومات الاوروبية بفرض ضريبة انقاذ للمساهمة في إعادة رسملة المصارف ومنع الاقتصاد الاوروبي من الانكماش نتيجة خفض الانفاق الاستثماري الذي تؤمنه مصارف القارة. ومن ابرز ما جاء في التقرير ان المستثمرين بدأوا يحولون اموالاً ضخمة الى ما يُعرف باسم «الاستثمارات الآمنة» بعيداً من اسواق الاسهم او الاستثمارات الخطرة والمضاربة ما يعني انكماش قيم اسواق المال بنحو 9 تريليونات دولار في العام 2016. يُشار الى ان غالبية من المستثمرين العرب في اسواق الاتحاد النقدي (سوق اليورو) عادة ما تلجأ الى الحصول على رؤوس اموال من المصارف الاوروبية لتمويل نسب قد تصل الى 60 في المئة من قيمة الاستثمار، خصوصاً في مجالات صناعية او حتى في صفقات عقارية. وفي ضوء ضوابط التسليف المتوقعة في دول الاتحاد النقدي الاوروبي ستواجه الاستثمارات العربية شحاً في التمويل ما قد يضطرها الى تأمين كامل رأس المال اللازم الذي قد يؤدي الى السحب من استثماراتها المخصصة للاسواق العربية او الآسيوية او خفض نشاطها في القارة وعدم اقتناص الصفقات الرخيصة او حتى عدم القدرة على مشاركة رأس المال الاوروبي في المشاريع الكبرى.