تحاول السلطات المالية الاوروبية تأجيل «ساعة الصفر» لتستطيع تأمين آلية اجراءات مشتركة لمواجهة ازمة مالية قد تكون اكبر حجماً من «أزمة الائتمان» التي هزت العالم العام 2008. وعلى رغم الأمل باعادة رسملة مصارف مهددة بالتعثر، نتيجة اقبالها على شراء السندات السيادية، ترى الاسواق استحالة تنفيذ الاجراء خصوصاً ان المطلوب من مصارف في بريطانيا وفرنسا والمانيا واسبانيا وايرلندا التخلص من اصول تُقدر قيمها بنحو 775 بليون يورو (تريليون دولار) في مدى 24 شهراً. وقدرت مذكرة داخلية ل»مورغن ستانلي» حجم الاموال اللازمة لاعادة التوازن الى هذه المصارف بنحو تريليوني يورو. لكن وكالة «بلومبيرغ» قالت ان تسييل اصول بنحو تريليون دولار كافية لانهاء الازمة التي ستكون مدار بحث دقيق في القمة الاوروبية مطلع الاسبوع المقبل. وقال سايمون موفان رئيس وحدة السوق في «ام اف غلوبال» في لندن ان «كل المصارف تعرض الديون والسندات، لكن المستثمرين غابوا عن الاسواق. ولا اتوقع ان تستطيع المصارف جمع اكثر من ربع المبلغ المطلوب لاعادة الرسملة ما يحتم تدخل المصارف المركزية وشراء الديون او زيادة نسب التسييل». وتريد المفوضية الاوروبية والبنك المركزي رفع نسب الاحتياط في رؤوس اموال المصارف على مستوى القارة من خمس الى تسع نقاط، وقبل سبع سنوات من موعد التطبيق الكامل لتوصيات بال. وتحتاج المصارف الاوروبية بين 150 و230 بليون يورو من رؤوس الاموال الاضافية الخاصة وفقًاً للمحلل في «جي بي مورغن» لندن كيهان حسين. واذا لم تستطع المصارف جمع هذه الاموال يجب عليها اللجوء الى المصارف المركزية لتأمينها. ومع ان الرؤساء التنفيذيين للمصارف الاوروبية الكبرى لا يرون امكانية زيادة رؤوس الاموال بالسرعة المطلوبة يعتقد رئيسا مجلس ادارتي «دويتشيه بنك» جوزيه أكرمان و»سانتادير» اميليو بوتين بان «الزيادة لن تؤمن حلاً للمشكلة المتمثلة بالديون السيادية». وكانت اسهم المصارف الاوروبية تراجعت بنسبة 30 في المئة في المتوسط منذ مطلع السنة. وتعتقد الاسواق بان زيادة رؤوس اموال المصارف سيسحب السيولة ويمنع ضخ الاموال في الاقتصادات المحتاجة الى تمويل لحفز النمو. ومن الامثلة المتوافرة في السوق ان ثلاثة مصارف فرنسية هي «بي ان بي باريبا»، وهو الاكبر الذي يملك اصولاً بقيمة 1.93 تريليون يورو، مضطر الى خفضها بنحو 200 بليون يورو، بينما سيضطر «سوسيتيه جنرال»، ثالث اكبر المصارف الفرنسية، واصوله تقارب 1.16 تريليون يورو، الى خفضها بنحو 95 بليون يورو بينما سيضطر «كريديت اغريكول»، الذي يملك اصولاً حجمها 600 بليون يورو تقريباً، الى التخلص من نحو عشرها لموازنة دفاتره. وقال مالك كريم المستشار في «فرانشيرش بارتنرز» في لندن ل»بلومبيرغ» ان التخلص من هذه الاصول، اذا وجد من يشتريها، «سيؤدي الى تقلص الاستثمار في الاسواق ما يؤدي بدوره الى تقلص النمو». لكن اصحاب نظرية التخلص من «الاصول العبء» يقولون ان التجربة ممكنة فقد نجح «رويال بنك او اسكتلند»، الذي انقذته الحكومة البريطانية عبر اعادة رسملته بمبلغ 70 بليون دولار في العام 2008، في تنظيف اصول بقيمة تريليون استرليني كانت تضغط على موازنته. والمشكلة التي تهدد اوروبا الآن عدم وجود شهية لدى اصحاب الاموال للشراء اثناء الازمات. ومن ضمن ما هو مطروح للحل اشراك الصناديق السيادية للصين ولدول النفط في خطة الانقاذ على رغم اشتراط الجانب الصيني الحصول على تأكيدات والتزامات من دول اليورو تتناول تعديل قوانين العمل والاجور والتعويضات لتناسب تملك مصالح اجنبية الاصول المتعثرة وشركات منتجة تحتاج الى ضخ رؤوس اموال واعادة هيكلة. وذُكر ان الصين، ومن مصلحتها استمرار النمو في اوروبا والولايات المتحدة، تريد تأمين السيولة عبر صندوق النقد الدولي وبناء شراكة مع روسيا وصناديق سيادية لدول النفط مثل هيئة الاستثمار في قطر وصندوق سنغافورة السيادي و الهيئة العامة للاستمار في الكويت وجهاز ابوظبي للاستثمار. يُشار الى ان تظاهرات ضخمة جرت في اليونان امس مع بدء النقابات اضراباً عاماً قبيل تصويت البرلمان على مسودة جديدة تفرض مزيداً من الاجراءات التقشفية في مسعى لانقاذ البلاد من الافلاس. وقالت النقابات ان عدد المشاركين في التظاهرات بلغ 200 الف.