أحيت الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي امس عيد الفصح، وعمت القداديس الكنائس في مختلف المناطق اللبنانية. وترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عوده قداس الفصح في كاتدرائية القديس جاورجيوس في ساحة النجمة في وسط بيروت. ثم ألقى عظة اعتبر فيها أن «وطننا سيبقى نازفاً إن تركنا للحقد والأنانية والمصالح محلاً في قلوبنا». وقال: «ألا نخجل مما نسمعه يومياً من مصائب تنزل بنا: أبنية تنهار على رؤوس ساكنيها، أطعمة فاسدة تودي بحياة البشر، حليب فاسد وأدوية فاسدة ولا رقيب أو حسيب. مياه ملوثة يتاجر بها البعض على حساب البعض الآخر، تقنين في الكهرباء ويبشروننا بالمزيد، وأصحاب المولدات لا يشبعون، أسعار المحروقات تتضاعف، خطوط التوتر العالي سيف مصلت على رؤوس المواطنين، بالإضافة إلى ما نسمع عن الصفقات والعمولات وهدر المال العام وسوء إدارة الثروات الطبيعية والفساد الذي ينخر ما تبقى من إدارات الدولة. وهل ننسى التعدي على الحريات والسرقات والتسويات والفلتان الأمني وتصفية الحسابات والتعدي على التاريخ وعلى البيئة والتعدي حتى على المسنّات؟». نلهث وراء الخبز وسأل: «متى يصبح طموحنا أبعد من الأمن والرغيف، أبعد من حرية الفكر وحرية التعبير وحرية العيش بكرامة؟ أليست هذه أموراً بديهية بل حقاً مكتسباً لكل إنسان يعيش في وطن؟ بعض الدول التي كنا بكبريائنا ونرجسيتنا نعتبرها متأخرة سبقتنا أشواطاً في مجالات العلم والإبداع والحضارة ونحن ما زلنا نلهث وراء الخبز والمازوت والكهرباء والماء ونحلم بطرقات مضاءة، آمنة، خالية من الحفر، وبأبنية سليمة وبقانون سير صارم أو قانون إيجارات عادل»، وتابع: «متى نعيد لبنان وطناً لأبنائه ودولة متطورة تحكم بالعدل والمساواة والقانون الذي يسري على الجميع، وعلى أساس أن لا أحد فوق القانون ولا أحد أكبر من الدولة؟ متى ننتهي من المزايدات الكلامية والاتهامات المتبادلة فيما الحقيقة ضائعة ولا أحد يهتم بها؟ متى نتجاوز المصالح الخاصة والسياسات الضيقة ونجعل مصلحة المواطن وحياته الكريمة في رأس اهتماماتنا؟». لا مستقبل بلا تاريخ واعتبر «اننا وصلنا إلى هذا الدرك لأننا على مر السنوات لم نعمل على بناء دولة ولم نراقب ولم نحاسب ولم نعاقب ولم نعدل بل تقاسمنا المغانم على حساب الشعب المقهور»، مؤكداً أن «لبنان بحاجة إلى نهوض أخلاقي وثقافي واجتماعي وسياسي. إنه بحاجة إلى قيامة من المستنقع الموحل الذي يتخبط فيه، وهذا أمر لن يحصل إلا بتكاتف الجميع، مسؤولين ومواطنين، وتضافر جهودهم، وتعلمهم من أخطاء الماضي من أجل بناء مستقبل أفضل. وأشار عودة الى أن «من لا تاريخ له لا مستقبل له. وكتابة التاريخ لا تكون انتقائية بل موضوعية، علمية، توكل إلى باحثين أكاديميين، موضوعيين، ومؤرخين حياديين يسردون الأحداث دون التعليق عليها، ويتركون للأجيال المقبلة الحكم عليها»، مشدداً على أنه «من حق الأجيال أن يكتب تاريخنا على حقيقته، بعيوبه ومفاخره، من دون بتر أو تجميل، وبعيداً من المحاصصة التي تدخل في كل أمورنا وتشوّهها. وإن احتج طرف أو تظاهر طلاب للتعبير عن رأيهم في كتابة التاريخ، فحري بالدولة عوضاً عن كم أفواههم بالقوة وقمعهم وضربهم، الإصغاء إليهم ومحاورتهم واعتماد العقل والمنطق لإقناعهم». وسأل: «كيف يمكن أن يرفض في القرن ال21 قانون يمنع اضطهاد المرأة وتعنيفها والتسلط عليها واستعبادها وظلمها؟ المرأة هي الأم وهي الأخت والإبنة والحفيدة والزوجة والزميلة في العمل، فكيف يسمح إنسان لنفسه بالإساءة إليها أو الحد من حريتها أو تعنيفها أو اغتصابها؟ هل يقبل أي رجل أن تساء معاملة ابنته أو حفيدته؟ لماذا يسيء إذا إلى ابنة أو حفيدة رجل آخر؟». ورأى أن «من حق الاطفال على الدولة منع استغلالهم والإتجار بهم وتعنيفهم». وأمل أن «يكون عهد القتل والاغتيالات ولى إلى غير رجعة».