تبدي العقارات الإماراتية تعافياً مدفوعة بالنمو الاقتصادي نتيجة ارتفاع أسعار النفط واستمرار الحكومات المحلية بالإنفاق على البنية التحتية والمشاريع الأساسية، إضافة إلى الاضطرابات الجيوسياسية والأمنية في المنطقة والتي أعادت التألق إلى العقارات الإماراتية، خصوصاً في دبي. وتوقع تقرير «المزايا القابضة» الإماراتية ان تشهد الأشهر المقبلة استمراراً في الطلب الفاعل على العقارات الإماراتية، ما سيدعم استقرار الأسعار التي انخفضت كثيراً نتيجة الأزمة العقارية والمالية التي ضربت الاقتصادات الإقليمية، لافتاً إلى ان عودة كثيرين من المطورين إلى السوق العقارية هي دليل على الطلب المتجدد على العقارات. وبناءً على دراسات وبحوث أصدرتها شركات متخصصة، لاحظ التقرير ان الأسعار والإيجارات مرشحة للارتفاع قليلاً على رغم العدد الكبير من الشقق والوحدات السكنية الجاهزة أو التي قد تُستكمل هذه السنة. وبلغ عدد الوحدات السكنية الجديدة التي دخلت سوقي أبو ظبي ودبي العام الماضي نحو 40 ألف وحدة، وفق إحصاءات «جمعية الشرق الأوسط لإدارة المرافق» (ميفما)، إذ بلغت حصة أبو ظبي 15 ألف وحدة، فيما استحوذت دبي على 25 ألفاً. واعتبرت شركة «تمبلتون» لإدارة الأصول ان سوق العقارات في الإمارات في تعافٍ مستمر، ما يشجع المستثمرين من المؤسسات إلى الاتجاه إلى أسواق الإمارات المالية نظراً إلى ابتعادها عن الاضطرابات الإقليمية التي دفعت الأموال إلى دبي بحثاً عن الأمان، ولا شك في ان الأمر سيتجه إلى المستثمرين المؤسسيين. وأكد تقرير شركة «استيكو» للخدمات العقارية ان أسعار العقارات السكنية في الإمارات تباينت خلال الربع الأول من السنة، فزادت أسعار إيجارات الشقق والفيلات في دبي نحو واحد في المئة مقارنة بالربع الأخير من العام الماضي، في حين تراجعت الأسعار في أبو ظبي خمسة في المئة بعد دخول وحدات سكنية جديدة إلى السوق. وارتفعت أسعار بيع الفيلات في دبي أربعة في المئة خلال الفترة ذاتها مدفوعة بتزايد أعداد المالكين المستأجرين، بينما تراجعت في أبو ظبي خمسة في المئة في المتوسط بعد دخول ثلاثة آلاف وحدة سكنية. وأظهر تقرير ل «استيكو» ان أسعار إيجارات المكاتب في دبي تراجعت واحداً في المئة في المتوسط خلال الربع الأول، مدفوعة بدخول مزيد من المساحات التجارية في السوق. وتراجعت أسعار إيجارات المكاتب في بر دبي ستة في المئة، على عكس مناطق تجارية رئيسة أخرى حيث ارتفعت نسبة الإشغال بسبب محدودية المساحة المتاحة فيها. ونزلت أسعار بيع المساحات المكتبية اثنين في المئة في المتوسط بعد تراجع البيع، أما في أبو ظبي فشهد قطاع المكاتب تباطؤاً خلال الربع الأول مقارنة بالربع الأخير العام الماضي، وسط مواصلة الشركات توخي الحذر تجاه خطط التوسع أو نقل مكاتبها، إلى جانب المنافسة بين مالكي المباني القديمة في طرح أسعار تنافسية، ما دفع بعض الشركات إلى إعادة النظر في خطط انتقالها إلى مناطق أخرى. مكاسب وبيّن تقرير «المزايا»، استناداً إلى التقرير السنوي لدائرة الأراضي والأملاك في دبي ان التداولات العقارية استعادت تألقها نهاية عام 2011 مسجلة 143 بليون درهم (39 بليون دولار)، وبنمو نسبته 20 في المئة مقارنة بعام 2010. ولفتت الدائرة إلى ان السوق العقارية في الإمارة شهد في العامين الماضيين حال استقرار وإقبال من المستثمرين على شراء العقارات وقنص الفرص الاستثمارية، متوقعة استمرار الانتعاش القوي خلال الفترة المقبلة. وأظهرت الدائرة ان أنظار المستثمرين اتجهت نحو الشقق السكنية، ما يعكس حالاً من الثقة والاستقرار في السوق العقارية، إذ تجاوز عدد مبيعات الشقق في دبي 20.4 ألف شقة ب 27 بليون درهم، في حين بلغ حجم رهون الشقق نحو 15 بليون درهم، ومجموع عائدات الفيلات 6 بلايين درهم. وأكد تقرير «مؤسسة التنظيم العقاري» في دبي ان القيمة الإجمالية للعمولات التي حصل عليها الوسطاء العقاريون، أفراداً وشركات، المسجلون في المؤسسة العقاري بلغ نحو 700 مليون درهم العام الماضي، عبر صفقات عقارية مختلفة بلغت قيمتها 34 بليون درهم. وشدّد تقرير «المزايا» على ان السنوات الماضية شهدت إصدار قوانين وأنظمة نظمت السوق العقارية وساهمت في الحد من المضاربات والمحافظة على عقلانية السوق وتحركها بحسب الطلب الحقيقي. أما في الشارقة، فتوقعت تقارير استقرار الإيجارات خلال الفترة المقبلة، نتيجة الفائض في الشقق والوحدات السكنية، على رغم ان البنية التحتية، خصوصاً الكهرباء، ستشكل عامل ضغط على المالكين ما سيدفع نحو تخفيض الإيجارات أو التركيز على القيم المضافة مثل المرافق والصيانة وغيرها لاجتذاب المستأجرين. وبناءً على الأسعار الحالية، يبلغ معدل العائد التأجيري سبعة في المئة في المتوسط، ما يُعتبر مناسباً مقارنة بالأصول الأخرى ويؤمّن تدفقاً ثابتاً نسبياً من السيولة تساعد المستثمرين على الوفاء وخدمة التزاماتهم. إلا ان التقرير أشار إلى استمرار حال الانتخاب الطبيعي بين العقارات في الشارقة، حيث استمر اتجاه المستأجرين نحو البنايات الجديدة وهجر القديمة التي باتت شبه فارغة، ما أثر في إيجاراتها وفي الشرائح المستهدفة لتأجير المباني والأبراج القديمة كهذه في الشارقة. واعتبر تقرير «المزايا» ان السوق العقارية في الشارقة ما زال يتمتع بجاذبية كبيرة، خصوصاً العقارات المميزة المطلة على البحيرات والتي تستقطب المستأجرين الباحثين عن الإطلالات الجميلة وبإيجارات تناسب معظم العائلات. وتابعت أسعار الشقق السكنية استقرارها نتيجة التدرج في طرح المعروض من الوحدات، وستبقى مستقرة حتى نهاية النصف الأول من السنة قبل بدء موسم الإجازات الصيفية.