تظاهر الآلاف في ميدان التحرير في القاهرة أمس دعماً للمرشح الإسلامي حازم صلاح أبو إسماعيل الذي يواجه أزمة قد تمنعه من الترشح للرئاسة. وجاء تحرّك مؤيدي أبو إسماعيل في وقت أثار دفع جماعة «الإخوان المسلمين» بنائب مرشدها المستقيل من منصبه المهندس خيرت الشاطر إلى المنافسة على مقعد رئيس مصر، بقلق القوى ذات الطبيعة المدنية، لا سيما وأن الشاطر تمكّن خلال فترة وجيزة من استقطاب قطاع واسع من التيار السلفي، ما يعزز من فرصه في مواجهة تفتيت الأصوات الذي من المتوقع أن يحصل تجاه المرشحين المنتمين إلى «التيار الليبرالي». وحتى الآن بلغ عدد المرشحين الذين قبلت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية أوراق ترشحهم 15 مرشحاً، بعدما تقدم أمس كل من مؤسس حزب غد الثورة أيمن نور والصحافي الناصري حمدين صباحي بأوراق ترشحهم، وسط المئات من أنصارهم. ومن بين المرشحين 4 ينتمون إلى التيار الإسلامي هم: الشاطر والدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح والدكتور سليم العوا وحازم صلاح أبو إسماعيل الذي يقترب من مغادرة السباق. وفي المقابل هناك مرشحان يقترب فكرهم إلى اليسار، هم أبو العز الحريري وهشام البسطويسي، كما أن هناك المرشح الناصري حمدين صباحي. كما يخوض المنافسة 8 مرشحين ينتمون إلى التيار الليبرالي. وأمام هذا المشهد تسعى نخب سياسية إلى توحيد صف المرشحين المنتمين إلى التيار المدني لا سيما الذين لعبوا دوراً في الثورة المصرية، وصولاً إلى تكوين فريق رئاسي يضم رئيساً وعدداً من النواب. لكن الظاهر أن تلك المحاولات قد تصطدم ب «مصالح ورؤى كل طرف» ما يعوق تنفيذها على أرض الواقع. ذلك أن نظرة سريعة على الخريطة الحزبية في مصر وقدرات الأحزاب على دعم المرشحين، تكشف أن الأحزاب الكبيرة منها سارعت إلى اختيار مرشح محدد وإعلان دعمه، من دون الانتظار إلى التوافق في ما بينها. فقد اختار حزب «الوفد»، صاحب المرتبة الثالثة في البرلمان المصري بعد الإسلاميين، دعم ترشيح عمرو موسى. ويتجه حزب «المصريين الأحرار» إلى الاختيار نفسه مدفوعاً برغبة مؤسسه رجل الأعمال نجيب ساويرس. أما الحزب «المصري الديموقراطي» صاحب رابع كتلة برلمانية، فاختار أن يدعم المرشح الشاب خالد علي الذي سيتقدم بأوراق ترشحه خلال ساعات، بعد ضغوط مارسها شباب الحزب، فيما أعلن «التجمع» اليساري دعمه للقاضي السابق هشام البسطويسي. وهناك أيضاً أحزاب أخرى صغيرة اختارت أن تدفع بأحد قيادييها، فرشح حزب «غد الثورة» أيمن نور، وحزب «التحالف الشعبي» القيادي اليساري أبو العز الحريري. أما على صعيد المرشحين الرئاسيين أنفسهم، فإن المؤكد أن كلاً منهم يرى انه الأجدر بالفوز بالمقعد الرئاسي. فلم يستبعد مدير حملة الدكتور أبو الفتوح للرئاسة، الناشط علي بهنساوي، حصول تنسيق بين المرشحين، لكنه شدد ل «الحياة» على أن أي محاولات لتشكيل فريق رئاسي يجب أن تقوم على أساس أن أبو الفتوح هو الرئيس، مشدداً على أن القيادي الإخواني السابق لن يغادر السباق الرئاسي لمصلحة آخرين. أما المنسق العام لحملة حمدين صباحي، الناشط حسام مؤنس، فشدد هو الآخر على أن أي محاولات للتنسيق يجب أن تقوم على أساس شعبية المرشح في الشارع، مشيراً ل «الحياة» إلى أنه يجب إجراء مناظرات بين المرشحين والنظر إلى حجم التوكيلات التي تمكن من جمعها حين يتم تشكيل الفريق الرئاسي. وأقر مؤنس بمحاولات تجرى الآن للوصول إلى «مرشح توافقي» ينتمي إلى الثورة ويستطيع مجابهة المنافسين، لكنه أكد أن تلك المحاولات لم تتطرق إلى الأسماء بعد، مستبعداً أن يدخل ضمن هذه المحاولات المرشحون المنتمون إلى التيار الإسلامي - باستثناء عبدالمنعم أبو الفتوح، أو من تولى مناصب خلال العهد السابق. وكانت تكهنات ترددت في الساعات الأخيرة بأن مفاوضات تدور حالياً بين فريق تابع لمحمد البرادعي وأعضاء من حملة المرشح لرئاسة الجمهورية عبدالمنعم أبو الفتوح، لتشكيل فريق لخوض الانتخابات الرئاسية، يضم إلى جانبهما المرشح المحتمل حمدين صباحي، بمشاركة محمد عبدالمنعم الصاوي عضو مجلس الشعب، الأمر الذي نفاه مقربون منهم جميعهم في تصريحات إلى «الحياة». وتقضي تلك المحاولات بأن يكون أبو الفتوح رئيساً والبرادعي وصباحي نائبين له. ونفى رئيس «حزب الحضارة» رئيس لجنة الثقافة في مجلس الشعب النائب محمد عبدالمنعم الصاوي ما تردد حول توسطه بين الدكتور محمد البرادعي والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح من أجل تشكيل مجلس رئاسي يخوضون به الانتخابات الرئاسية المقبلة. وأكد الصاوي على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» أنه يتمنى أن تزول الخلافات بين جميع الفئات السياسية في مصر، قائلاً: «أتمنى أن يتفق الناس جميعاً وتزول كل الخلافات، لكن لا صلة لي بما يُشاع عن التوسط بين أبو الفتوح والبرادعي لتشكيل مجلس رئاسي». يأتي ذلك في وقت أكد مصدر مسؤول أن الانتخابات الرئاسية ستجرى في موعدها المقرر والمحدد، وشدد على أن «حديث البعض عن إمكان تأجيل الانتخابات الرئاسية... لن يحدث». وشدد على أن الانتخابات الرئاسية «ستجرى في موعدها المحدد والمقرر من دون النظر إلى أي حسابات أخرى». وأردف المصدر المقرب من المؤسسة العسكرية: «قد يتقدم مرشح ثالث عشر يغيّر من المعادلة ومن صورة المشهد ومن حسابات المواطنين الذين سيحددون ويقررون بأنفسهم رئيسهم المقبل، من دون تدخل أي جهة أو أطراف أو تيار بعينه». وقال المصدر ل «الحياة» أمس: «الصورة ستتضح للجميع في شكل قاطع قبل الساعة الثانية من ظهر الأحد مع إغلاق باب تلقي طلبات الترشح على منصب رئيس الجمهورية، إلا أن مرحلة تكسير العظام بين المرشحين ستبدأ بعد الساعة الثانية بنحو خمس دقائق». ولمّح إلى عدم إمكان استيفاء بعض المرشحين الشروط الواجب توافرها للترشح على منصب رئيس الجمهورية، وشدد على أن المؤسسة العسكرية لن تدفع بمرشح - بعكس ما يردد البعض - قبل إغلاق باب الترشح. في غضون ذلك تظاهر أمس آلاف الإسلاميين لدعم المرشح حازم صلاح أبو إسماعيل المهدد بالشطب إذا ثبت أن والدته حملت الجنسية الأميركية. وتجمع المئات منذ الساعات الأولى لصباح أمس في ميدان التحرير، حاملين الشعارات ولافتات الدعم لأبو إسماعيل، فيما كان الآلاف من أنصار المرشح الذي يتمتع بتأييد قطاع واسع من السلفيين، يتجمعون في مسجد الفتح في ميدان رمسيس (قلب العاصمة) قبل أن يتوجهوا في مسيرات إلى ميدان التحرير، عقب صلاة الجمعة. وردد المتظاهرون هتافات من بينها: «الشعب يريد حازم أبو إسماعيل»، و «بالروح بالدم نفديك يا أبو إسماعيل»، و «قالوا أمه أمريكية.. عشان طالب بالحرية» و «السلفية قالتها قوية... حازم مش هايبقى ضحية» و «يا مشير قول لعنان.. حازم جايلك من الميدان». كما اتهم المتظاهرون وزارة الداخلية بالوقوف وراء محاولة إطاحة أبو إسماعيل من سباق الرئاسة. ورددوا هتافات: «الداخلية هي هي ... كل يوم تلفيق قضية»، كما وجهوا انتقادات لاذعة إلى الولاياتالمتحدة ولوحوا باقتحام السفارة الأميركية القريبة من ميدان التحرير. وحمل المشاركون في المسيرة المؤيدة لأبو إسماعيل مئات من صوره ولافتة كبيرة حملت عبارة «رسالة للعسكري ... تزوير الانتخابات ثمنه رؤوسكم»، في إشارة إلى رئيس وأعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وعلى الجانب الأيسر العلوي من اللافتة رُسمت بقعة دم كبيرة.