تجاهلت وسائل الإعلام الرسمية السورية سيطرة «الدولة الاسلامية» (داعش) على مقر «الفرقة 17» في شمال شرقي البلاد، في وقت أسقط مقاتلو المعارضة امس طائرة مروحية في حلب شمالاً. وواصل «الجيش الحر» تقدمه في وسط البلاد. ولم تبث وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) الى بعد ظهر امس خبراً إزاء تطورات الوضع في مقر «الفرقة 17» وسيطرة «داعش» عليها بعد نحو اسبوع على تعهد الرئيس بشار الأسد اعادة السيطرة عليها. اذ قال في خطاب أداء القسم انه «لن ينسى الرقة الحبيبة» لاستعادتها من المعارضة التي سيطرت عليها في آذار (مارس) العام الماضي. لكن صفحات موالية للنظام على مواقع التواصل الاجتماعي، نشرت صوراً وأسماء لعشرات من ضباط وجنود القوات النظامية الذين سقطوا قتلى في «الفرقة 17». وتحدث ناشطون موالون عن «انسحاب تكتيكي» لقوات النظام او ان الوضع «غامض» فيها. وارتفع عدد القتلى من القوات النظامية الذين سقطوا في هجوم ومعارك مع تنظيم «الدولة الاسلامية» في محافظة الرقة إلى اكثر من 85 خلال يومين، بينما قتل ثلاثون آخرون في كمين نصبه التنظيم في ريف حلب. وبث مؤيدون لتنظيم «الدولة الاسلامية» على حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي أشرطة فيديو من داخل الفرقة. كما نشروا صوراً لمعدّات عسكرية ثقيلة قالوا انهم استولوا عليها من «الفرقة 17». وقال «المرصد السوري لحقوق الانسان» ان مقاتلي «داعش» لم يتمركزوا في مقر الفرقة «خشية إقدام النظام على شن غارات جوية» عليه. وأشار ناشطون الى انسحاب بعض قوات النظام الى مقر «اللواء 93» المجاور وتعرض عدد منهم لمكمن نصبه «داعش». بذلك، تكون قوات النظام خسرت واحداً من ثلاثة مواقع كانت متبقية لها في محافظة الرقة الواقعة بكاملها تحت سيطرة «الدولة الاسلامية»، وهي اضافة الى الفرقة 17، مقر اللواء 93، والمطار العسكري في مدينة الطبقة في غرب المحافظة. كما قتل في المعارك التي رافقت الهجوم وعمليات القصف والغارات التي نفذها النظام 28 مقاتلاً من «الدولة الاسلامية»، وفق «المرصد». وأوضح مدير «المرصد» رامي عبدالرحمن ان تنظيم «الدولة الاسلامية» اقدم على أسر اكثر من 50 جندياً بعدما نصب كميناً لهم خلال انسحابهم من «الفرقة 17». وقتل 19 جندياً في تفجيرين انتحاريين وقعا عند بدء الهجوم، ولقي 16 آخرون حتفهم في المعارك التي بدأت الخميس. وأضاف ان «مئات العناصر من قوات النظام انسحبوا الجمعة الى اماكن آمنة مناهضة للدولة الاسلامية او نحو اللواء 93 المجاور»، مشيراً الى ان «مصير نحو 200 عنصر لا يزال مجهولاً». وذكر انه «تم قطع رؤوس عشرات من جنود وضباط النظام وتم عرض جثثهم على أرصفة الشوارع في مدينة الرقة». في المقابل، شن الطيران غارات على مناطق في الرقة. وقال «المرصد»: «ارتفع إلى 5 مواطنين بينهم طفل عدد الذين استشهدوا نتيجة غارة من الطيران الحربي على مناطق بالقرب من المشفى الوطني في مدينة الرقة». وكان تنظيم «داعش» شن الخميس هجمات متزامنة على مواقع لقوات النظام في ريف الرقة وريف الحسكة (شمال شرق) وريف حلب (شمال). وهي المواجهات الاولى بهذا الحجم بين «الدولة الاسلامية» والنظام اللذين لم تفد التقارير عن معارك بينهما منذ بدء النزاع. لكن مدير «المرصد» يشير الى رغبة لدى التنظيم، وفق مصادره، ب «تنظيف» المناطق التي يسيطر عليها من جيوب النظام او فصائل المعارضة. وزادت هذه المواجهة المستجدة بين النظام و «الدولة الاسلامية» من تشعب النزاع الذي تسبب حتى اليوم بمقتل اكثر من 170 ألف شخص، وقد سبقه فتح جبهة تراجعت حدّتها سريعاً بين «جبهة النصرة» وحلفائها ضد النظام بين الكتائب المقاتلة. وبالتالي، يمكن رسم خريطة الجبهات في سورية حالياً على الشكل الآتي: تقاتل كتائب المعارضة المتعددة الولاءات والانتماءات، كلاً من النظام و «الدولة الاسلامية» و «النصرة». بينما يقاتل «الدولة الاسلامية» كلاً من النظام و «النصرة» وكتائب المعارضة والمقاتلين الاكراد الساعين الى التفرد في ادارة مناطقهم في شمال سورية. وفي هذا الاطار، كتب الناشط محمد الخطيب على صفحته على موقع «فايسبوك» تعليقاً على تطورات الساعات الاخيرة: «لا فرق إذا كانت الفرقة 17 تحت سيطرة «داعش» أو النظام، ففي الحالتين هي محتلة». في محافظة حلب، افاد «المرصد» عن مقتل «ما لا يقل عن ثلاثين عنصراً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، إثر كمين نصبته لهم الدولة الإسلامية بين قريتي المقبلة والرحمانية في ريف حلب الشرقي عند منتصف ليل الجمعة - السبت أعقبتها اشتباكات بين الطرفين في محيط قرى طعانة والرحمانية واعبد والمقبلة». وتقع هذه القرى شرق وشمال شرقي مدينة حلب. ويسيطر تنظيم «الدولة الاسلامية» على أجزاء واسعة من ريف حلب الشمالي الشرقي. في حلب أيضاً، أعلنت المعارضة عن إسقاط مروحية ومصرع طاقمهما المكوّن من أربعة ضبّاط بعد استهدافها بصاروخ حراريّ، ومقتل قرابة 25 جندياً من «لواء القدس» الموالي للنظام بعد سقوطها فوق الصالة الرياضيّة القريبة من مطار النيرب العسكريّ التي تعدّ مركزاً للواء. وكانت المرة الاولى التي تسقط فيها مروحية منذ بضعة اشهر. وسمع دوي انفجار عنيف في مدينة أعزاز شمال حلب تبين انه ناجم عن انفجار سيارة مفخخة في منطقة كازية في سوق خضار «ما ادى الى استشهاد 4 مواطنين على الاقل وسقوط جرحى، بينهم مواطنات وأطفال وعدد الشهداء مرشح للارتفاع، بسبب وجود جرحى بعضهم في حالة خطرة»، وفق «المرصد». في دمشق، نفذ الطيران الحربي غارتين على مناطق في حي جوبر شرق العاصمة، في وقت ألقى الطيران المروحي 4 براميل متفجرة على مناطق في مدينة داريا غرب العاصمة، وفق «المرصد» الذي قال: «ارتفع إلى 6 عدد مقاتلي الكتائب الإسلامية الذين استشهدوا في اشتباكات مع قوات النظام والمسلحين الموالين لها في جرود منطقة القلمون». وفي جنوب العاصمة، استهدفت الكتائب الإسلامية بقذائف الهاون مقار ل «الدولة الإسلامية» في حي الحجر الأسود ضمن المعارك الجارية بين فصائل اسلامية و «داعش» شرق دمشقوجنوبها. في وسط البلاد، قالت شبكة «سمارت» ان «الجيش الحر» سيطر على مواقع عدّة لقوات النظام في محيط بلدة خطاب في ريف حماة الشمالي، مضيفة: «بعد معارك عنيفة بين الطرفين، سيطر الجيش الحر خلالها على الرحبة العسكرية ومستودعاتها، كما سيطر على حواجز سد نهر الساروت، بيت غزال، وادي الناعورة، وبيت بشي في محيط بلدة خطاب». وأشارت الى مقتل 13 من قوات النظام وتدمير دبابتين وعربية بصواريخ «تاو» الاميركية. وزادت: «تمّكن مقاتلو «الجبهة الإسلامية» من تدمير طائرة مروحية وقتل سبعة عناصر لقوات النظام، إثر استهداف مطار حماة العسكري، بصواريخ غراد».