بدأ المحققون أمس، عملهم في موقع تحطم الطائرة الجزائرية الذي أدى إلى مقتل جميع ركابها البالغ عددهم 118 شخصاً، في مهمة تبدو صعبة جداً بسبب تفكك الطائرة. وقال المسؤول في الرئاسة في بوركينا فاسو الجنرال جيلبير ديانديري: «من الصعب اليوم انتشال أي شيء. بالنسبة لجثث الضحايا، اعتقد ان من الصعب جداً انتشالها لأننا لم نجد سوى اشلاء بشرية على الأرض». وزاد أن «الحطام مبعثر على امتداد 500 متر لكن لاحظنا أن هذا الأمر حدث لأن الطائرة ارتطمت مرة أولى بالارض قبل أن تقفز لتسقط في نقطة أبعد». ويفترض أن يصل حوالى 20 دركياً وشرطياً فرنسياً وفريق من المكتب الفرنسي للتحقيقات والتحليلات إلى مكان تحطم الطائرة، حيث سيعملون على التعرف على جثث الضحايا. وأعلنت الأممالمتحدة أمس، إن خبراء تابعين لها حددوا موقع الصندوق الأسود الثاني للطائرة. إلى ذلك، استبعد رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال أمس، فرضية العمل الإرهابي في حادث تحطم الطائرة. وقال سلال في رده على سؤال لصحافيين في قسنطية (شرق) حول فرضية تعرض الطائرة لهجوم إرهابي: «لا توجد مجموعات إرهابية في هذه المنطقة، وهذه المجموعات لا تملك أسلحة يمكن أن تصيب بها طائرة تحلق على علو 10 آلاف متر وبهذه الدقة». وأضاف: «إذا حدث شيء داخل الطائرة فإن التحقيق سيكشفه بخاصة إنه تم العثور على الصندوقين الأسودين». ورجّح رئيس الوزراء الجزائري فرضية «الظروف الجوية الصعبة في المنطقة التي وقع فيها الحادث». من جهة أخرى، أفاد مصدر عسكري جزائري ل «الحياة» أن المعطيات التي تملكها وزارة الدفاع الجزائرية «تستبعد تماماً العمل الإرهابي» من فرضيات سقوط الطائرة في شمال مالي، لافتاً إلى أن الفرضية كانت محل تحقيق من عسكريين جزائريين لكن «مضمون نداء استغاثة الطائرة وشهادات محلية استبعدتها». وتوجه وفد جزائري كبير يقوده وزير النقل عمر غول أول من أمس، إلى واغادوغو عاصمة بوركينافاسو، ثم انتقلوا إلى العاصمة المالية باماكو وبعدها غاو شمال البلاد وصولاً إلى موقع تحطم الطائرة، حيث قال غول أنه «لا يمكن معرفة السبب الرئيسي لسقوط الطائرة الاسبانية المستأجرة من شركة الخطوط الجوية الجزائرية إلا بعد الانتهاء من التحقيق الذي فتح من أجل تحديد ظروف وملاباسات إختفائها». وشرح غول أن « كل المعطيات بخصوص هذا الحادث محل تحليل من قبل الأطراف المعنية وستُقدم الى لجنة التحقيق وفق القانون والأعراف المعمول بها دولياً في مثل هذه الظروف». وأوضح الوزير أن الصندوق الأسود الذي عُثر عليه سيُرسَل إلى منظمة الطيران الدولي وأن لجنة التحقيق هي «المخولة» تحديد أسباب الحادث وتقديم النتائج الرسمية. وبشأن فرضية الإعتداء المسلح على الطائرة، ذكر مصدر عسكري جزائري مأذون له ل»الحياة» أن «الفرضية كانت محل تحقيق مبدئي لكن المعطيات المتوافرة تؤكد عدم إطلاق أي صاروخ في اتجاه الطائرة». و لفت المصدر إلى أن «الجزائر تملك بنك معلومات دقيق عن طبيعة الصواريخ المحمولة التي يملكها بعض العناصر المسلحة وغالبيتها لا يتعدى مداها ال2000 متر بينما كانت الطائرة تحلق على علو 9000 متر». وكانت الحركة العربية الأزوادية (تنظيم مسلح شمال مالي) أول من بلّغ الجزائر بسقوط الطائرة فوق شمال مالي، فيما كان قادة التنظيم يستعدون لتوقيع اتفاق سلام في الجزائر. ويتواجد عناصر الحركة العربية الأزوادية في مناطق واسعة من شمال مالي، منها منطقة سقوط الطائرة. وقال قادة التنظيم إن «عناصر الحركة فوق الأرض هم من حدد موقع السقوط في قرية غوسي التي تبعد 157 كلم عن مدينة غاو شمال مالي». وفي سياق متصل، قال وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة أن الوفد الذي يترأسه وزير النقل عمر غول إلى بوركينا فاسو «سيتّخذ الإجراءات اللازمة لإطلاق التحقيق واسترجاع جثامين الضحايا الجزائريين جراء سقوط الطائرة». وعرض الجيش الفرنسي صوراً لحطام الطائرة الجزائرية وأظهرت لقطات تناثر حطام الطائرة في منطقة قاحلة في الصحراء المالية. وقال مسؤول في وزارة الدفاع إن مجموعة من مئة جندي و30 عربة من القوات الفرنسية المتمركزة في المنطقة وصلت لتأمين موقع التحطم قرب بلدة جوسي وانتشال الجثث.