بعد أن طوت تكنولوجيا الاتصال كل المسافات، وجمعت الكل في قرية صغيرة، لم تجد طريقة للتقارب أكثر من ذلك إلا بأن تمكن من اقتحام الخصوصيات، لمعرفة أرقام الهواتف وأسماء مالكيها عن طريق مجموعة من برامج الأجهزة الهاتفية الذكية الجديدة. وكانت ثلاثة برامج متنوعة وغير مرخصة ظهرت خلال الشهر الماضي من الشركات الهاتفية مثل «آبل»، تستخدم أسلوب الاختراق للمعلومات والبيانات المرفوعة داخل المواقع الإلكترونية أو من قوائم الأسماء الموجودة داخل الأجهزة الهاتفية الحديثة، إذ يتم تنزيل الأسماء تلقائياً في البرامج من خلال سحبها من الأجهزة التي تستخدمها. وطالب عدد من المواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعمل الجهات المسؤولة على إيقاف هذه البرامج والسيطرة عليها، كونها لا تحقق الخصوصية للأفراد، خصوصاً أن الأرقام والأسماء يمكن الوصول إليها بطريقة سهلة سريعة وبسيطة، في الوقت الذي رأى فيه آخرون أن مثل هذه البرامج باتت من الواقع الإلكتروني المتقدم الذي تعيشه المجتمعات، ومسألة السيطرة عليها تكاد تكون من المستحيلات، مشيرين إلى أن زمن الخصوصية انتهى في ظل ظهور برامج تقنية متجددة باستمرار. وأوضح الاختصاصي التقني ناصر الدحوم، أن هذه البرامج لا يمكن تنزيلها إلا عن طريق برامج كسر الحماية، وأنها تفتقر إلى التراخيص القانونية وتعتمد أسلوب الاختراق والتجسّس، مشيراً إلى أن إيقافها ليس بالأمر السهل، ويتطلب رفع قضايا على الشركات المقدّمة لها. وقال في تصريح ل«الحياة»: «هناك الكثير من البرامج غير النظامية التي يتم استخدامها عبر الأجهزة الذكية الحديثة، وتتفاوت نسبة خطورتها، إلا أن مثل هذه البرامج التي تقدّم لنا الرقم بمجرد كتابة الاسم والعكس، تخترق خصوصية مجتمعات وتجعل من الأرقام الهاتفية أمراً ليس بالخاص، وقد يكون هذا الأمر مقبولاً لدى بعض المجتمعات، لكن بالتأكيد أن قبوله صعب في مجتمعنا والمجتمعات العربية عموماً». وأضاف: «إلا أننا لا بد أن نعترف بصعوبة الحدّ من انتشاره وإيقافه تماماً إلا في حال اتحاد دولي يكون من خلال رفع قضية على الشركات التي صمّمت هذه البرامج، من منطلق أنها تخترق خصوصيات شخصية عبر سحب الأرقام من الهواتف، وخصوصيات مواقع الكترونية تتوافّر لديها مجموعة من الأرقام على شكل سيرفر»، مشيراً إلى أن جميعها غير مرخصة من الشركات الهاتفية التي يتم استخدامها عن طريقها، نظراً لكونها تخالف القوانين الإلكترونية. واعتبر أن التخوّف الذي أبداه الكثير من المواطنين أمر طبيعي، كون المجتمع السعودي لا يقبل بتجاوز خصوصية الأرقام وقال: «في مجتمعنا نجد أن ثقافة الإفصاح عن الأسماء الصريحة في المواقع الإلكترونية لا تكون ظاهرة كثيراً. ولفت إلى أن الشركات التي صممت هذا النوع من البرامج وتطلقها بالمجان، يمكنها الاستفادة المادية من خلال بيع الأرقام التي تحصل عليها على شركات الدعاية والإعلان لبث رسائل اقتحامية أو اتصالات لأهداف معينة، لاسيما أن البرامج تستهدف عدداً كبيراً من دول العالم. عضو شورى ل«الحياة»:نرفض تجاوز خصوصية الأفراد