حبست بنغازي أنفاسها أمس، في انتظار معركة حاسمة قبل عيد الفطر نهاية الأسبوع، بين الثوار الإسلاميين واللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي حشد قوات من مناطق مختلفة، سعياً إلى بسط سيطرته على المدينة وتأمينها تمهيداً لاستضافتها أولى جلسات مجلس النواب المنتخب في غضون أيام معدودة. وقالت مصادر مطلعة في شرق ليبيا، إن حشوداً توجهت إلى بنغازي تلبية لنداء استغاثه من آمر قوات «الصاعقة» العقيد ونيس أبو خمادة (المتحالف مع حفتر)، وذلك لتحرير المدينة من هيمنة «المتطرفين والإرهاب»، كما ورد في بيان أذاعه أول من أمس. وأوضحت المصادر أن الحشود اتخذت مواقعها إلى جانب قوات حفتر وهي مؤلفة من كتيبة من المتطوعين من المرج والبيضاء وكتيبة من القبة في مدينة درنة وكتيبة من مدينة طبرق، إلى جانب كتيبة «حسن الجويفي» من البيضاء والتي تسيطر حالياً على المدخل الشرقي لبنغازي. كذلك أبلغت «الحياة» مصادر في مدينة أجدابيا (160 كلم غرب بنغازي)، أن إبراهيم جضران، آمر حرس المنشآت النفطية ورئيس ما يسمى ب «المجلس التنفيذي لإقليم برقة»، توجه هو الآخر على رأس قواته إلى بنغازي، بعدما اطمأن إلى انشغال «درع الوسطى» (مصراتة) في اشتباكات طرابلس التي تصاعدت حدتها في الساعات الأخيرة. وأبدت مصادر قريبة من حفتر ارتياحها ل «هذه الاستجابة الفورية من كتائب نظامية ومتطوعين»، غير أن سكاناً في المدينة لم يخفوا خشيتهم من «تحوّل هذه القوات إلى جزء من الأزمة بدلاً من المساهمة في حلها»، في ظل توق المدنيين إلى قوات شرطة تؤمن حمايتهم، لا لمسلحين يخوضون معاركهم في شوارع بنغازي. وأبلغ مصدر سياسي في بنغازي «الحياة»، أن المدينة شهدت «هدوءاً يسبق العاصفة»، بعد قيام طائرات حربية تابعة لحفتر بقصف مواقع خصومه في أطراف المدينة التي «انتشرت سواتر ترابية في مداخل شوارعها». وأشار المصدر إلى أن «حركة المواطنين يكتنفها الحذر والخوف من الخطف والاغتيالات، واقتصرت على شراء السلع والمواد اللازمة للأيام الأخيرة من شهر رمضان، لاستقبال العيد». وفي العاصمة طرابلس، تصاعد القصف المتبادل والاشتباكات بالأسلحة المتوسطة والخفيفة، وشهدت أحياء عدة «كراً وفراً» بين المتقاتلين في إطار الصراع للسيطرة على مطار العاصمة. واستهدف القصف لليوم الثاني على التوالي، خزانات نفط قرب المطار، فيما تبادل مقاتلو الزنتان (المتحالفون مع حفتر) ومصراتة (المحسوبون على الإسلاميين) الاتهامات بقصف الأحياء السكنية. كما أعلن كل من الجانبين تحقيقه تقدماً على الأرض. وترافقت الاشتباكات مع تحليق لطائرات من دون طيار (يعتقد أنها أميركية) في أجواء طرابلس، لاستطلاع الوضع. وأعلن «الثوار الإسلاميون» سيطرتهم على معسكرات لخصومهم مقاتلي الزنتان ولواءي «القعقاع» و «الصواعق»، و «ملاحقة فلول» هؤلاء في مزارع واستراحات قريبة من طريق المطار. في المقابل، أعلن مقاتلو الزنتان أنهم أجبروا «الميليشيات التابعة لمصراتة على الانسحاب إلى منطقة وادي الربيع تاركين وراءهم جثث قتلاهم». ولم تتأكد هذه المعلومات من مصادر مستقلة. لكن نطاق الاشتباكات شمل مناطق: السراج وجنزور وقصر بن غشير وحي الأكواخ وطريق الجبس والسواني والكريمية وخلة الفرجان وصلاح الدين ووادي الربيع وأبو سليم ومعسكر اليرموك، إضافة إلى المطار والطريق المؤدية إليه. وارتفعت أعمدة دخان في عديد من تلك المناطق نتيجة القصف الذي استمر طيلة نهار أمس. وسمعت أصوات انفجارات قوية في منطقتي صلاح الدين ومعسكر اليرموك، بعد إصابة مستودعات ذخيرة بصواريخ. على صعيد آخر، ردت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي أمس، طلب رئيس الاستخبارات الليبية السابق عبدالله السنوسي، نقل محاكمته إليها، نظراً إلى أنه يخضع لإجراءات محاكمة في طرابلس. ولا ينسحب القرار على سيف الإسلام القذافي المعتقل في ليبيا والذي كانت المحكمة طالبت باسترداده لمحاكمته في لاهاي. في الوقت ذاته، أكد وزير العدل الليبي صلاح الميرغني ل «الحياة»، أن طرابلس تدفع أتعاب محامي الدفاع عن «أبو أنس الليبي» الذي يحاكم في نيويورك بتهمة الإرهاب. واعلنت تركيا انها ستجلي ديبلوماسييها من طرابلس.