بعد أن مرَّر التيار الإسلامي في البرلمان رؤيته لتشكيل الجمعية التأسيسية للدستور مناصفة بين نواب البرلمان من جهة والشخصيات العامة وممثلي الهيئات والمؤسسات من جهة أخرى، رغم اعتراضات القوى المدنية والثورية، بدا أنه سيواجه تحدياً جدياً يتمثل في مقاطعة قوى سياسية الجمعية وإعلانها عدم التمثيل فيها، ما قد ينعت الجمعية بالعوار لجهة عدم تمثيلها كل طوائف المجتمع. وكان حزب «التجمع» اليساري و «جبهة الإبداع» أعلنا مقاطعة الجمعية التأسيسية، ورفضا الاعتراف بها في ظل هيمنة الإسلاميين المتوقعة عليها نظراً إلى الغالبية البرلمانية للتيار الإسلامي. وقال عضو المكتب السياسي لحزب «التجمع» حسين عبدالرازق ل «الحياة» إن «قرار المقاطعة اتخذه الحزب بعد مشاورات بين قادة أحزاب عدة، ورأينا أنه من الأفضل عدم تجميل عملية ديكورية». من جانبه، قال المخرج خالد يوسف، وهو أحد مؤسسي «جبهة الإبداع» التي تضم عدداً كبيراً من النقابات والجمعيات الفنية والثقافية، إن «الجبهة ترفض وضع الدستور بالطريقة التي يريدها الإسلاميون»، مضيفاً في تصريحات متلفزة أن الجبهة قررت مقاطعة الجمعية وعدم المشاركة فيها بأيٍّ من أعضائها، وأن «الفنانين والمبدعين سينظمون وقفة احتجاجية السبت المقبل أمام المحكمة الدستورية العليا، للاعتراض على تشكيل الجمعية، وسيطرة اتجاه معين عليها بزعم الغالبية». وحذَّر حزب «المصريين الأحرار» من «محاولات الإقصاء المتعمدة للمرأة والأقباط من الجمعية». وأكد الناطق باسمه أحمد خيري ل «الحياة» أنه «لا تفكير في الوقت الحالي في الانسحاب»، لكنه لم يستبعد الإقدام على هذه الخطوة «إن رصد الحزب محاولات للالتفاف على ثوابت الدولة المصرية». وقال: «ما زلنا نعترض على آلية تشكيل الجمعية، لكن المقاطعة ليست مجدية في هذه المرحلة، ونريد أن نكون قوة دافعة للقوى المدينة داخل الجمعية». وأضاف: «إذا رأينا أن عملية إعداد الدستور عبثية فكل شيء وارد، وكل الاحتمالات مفتوحة بما فيها الانسحاب، لكن نحن لا نشارك من أجل أن ننسحب... الحزب لن يقبل مساومات على مكتسبات المجتمع المصري ومدنية الدولة، وعدم القبول بالمساومة يمكن أن يأخذ صوراً متعددة، فلو استشعرنا مساساً بثوابت المجتمع المصري التي هي خط أحمر سيكون هناك رد فعل قوي». وأكد الحزب في بيان رفضه «محاولة الانفراد بتشكيل اللجنة باستخدام قوة التصويت، وإقصاء الغالبية في البرلمان للتيارات والاتجاهات الأخرى وممثلي المجتمع المدني وجمعيات حقوق الإنسان». وشدد رئيس الهيئة البرلمانية للحزب أحمد سعيد على «ضرورة أن يكون تشكيل اللجنة توافقياً»، محذراً من أن «انفراد تيار بعينه بتشكيلها يُنذِر بعواقب كارثية على التركيبة الاجتماعية والسياسية لمصر». في غضون ذلك، تقدم أستاذ القانون الدستوري في جامعة القاهرة جابر نصار بصفته وكيلاً عن أكثر من مئة من المثقفين والسياسيين بدعوى قضائية أمام المحكمة الإدارية العليا أمس، مطالباً بإلغاء قرار البرلمان الخاص بمعايير اختيار الجمعية التأسيسية. ومن بين مقدمي الدعوى الإعلامي حمدي قنديل، وأسامة الغزالي حرب، والكاتبة سكينة فؤاد، وأستاذ العلوم السياسية جمال زهران، ونائب رئيس الوزراء السابق يحيى الجمل، والكاتب علاء الأسواني. واختصمت الدعوى كلا من رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي ورئيس مجلس الشعب (الغرفة الأولى في البرلمان) سعد الكتاتني.