لا تكاد تبدأ صلاة القيام في ليالي رمضان المبارك، حتى تعم رائحة القهوة العربية والبخور أرجاء مساجد في حفر الباطن، ويتسابق المصلون في المساجد على تقديم القهوة والشاي خلال فترات الاستراحة بين صلاة القيام، فما إن تأتي الاستراحة حتى يقوم شبان بإدارة فناجين القهوة مع التمر والشاي والبخور للمصلين، فيما يقرأ الإمام موعظة من أحد الكتب. ويعود هذا التقليد لأعوام سبقت حرب الخليج 1990، فيما اندثر من بعض الجوامع والمساجد، وما زال مستمراً في أخرى تتمسك في هذا التقليد. وقال محمد العنزي (إمام مسجد): «تعودنا في استراحة صلاة القيام في مسجد الحارة على أن نحضر القهوة والشاي والماء»، مؤكداً أنها «عادة جميلة، وبخاصة مع وجود كبار السن في الصف الأول من المسجد، وفيها تقوية على العبادة. ويتناوب جماعة المسجد في إحضار القهوة، إذ يعلن الراغب في إحضارها غداً أنه سيقوم بإحضارها، بعبارة «قهوتكم بكرة علي»، كي لا يحدث اتكال أو تضارب في المواعيد». وعن حكمها الشرعي، قال العنزي: «استفتيت فيها الشيخ عبدالله بن جبرين قبل أعوام، وأكد جواز ذلك لأن القيام تطول مدته، وقد يرهق الكثير من كبار السن، الذين اعتادوا على تناول القهوة ونحوها من أجل التنشيط، فإن لم يكن هناك حاجة فالأولى تركها». بدوره، قال سالم الشمري (أحد أفراد المسجد): «إن المشاركة بتقديم الشاي والقهوة والبخور بهدف الترويح عن المصلين وتقويتهم على الطاعة. وأذكر أنه في طفولتي كان والدي «رحمة الله عليه» يكافئنا بريال عند خدمة المصلين في صلاة القيام، سواءً أكنا ممن أحضر القهوة أم لا، وأسأل الله أن تستمر هذه العادة، ولا تنقطع». إلى ذلك، بادرت إحدى الفرق التطوعية إلى استثمار هذا التقليد، لتعلن في المساجد ومواقع التواصل الاجتماعي عن خدمتين تطوعيتين مختصتين في العشر الأواخر من رمضان، إذ أطلق فرع مركز «الأميرة العنود لتنمية الشباب» في حفر الباطن (وارف) مشروعي «قهوة مصل» و»خدمة معتكف». وقال رئيس الفريق التطوعي صفوق الظفيري: «إن مشروع قهوة مصل طبقناه في جامعي الغاطي والنفيسة، كمرحلة أولى لهذا العام، ويتكفل أفراد الفريق بخدمة المصلين في صلاة القيام، بتوفير القهوة والتمر طوال أيام العشر المباركة. واخترنا مكاناً في مؤخرة المسجد لتقديمها لمن يرغب، كما نتشرف بخدمتهم في استراحة القيام». وعن خدمة «معتكف»، قال الظفيري: «إن الخدمة يقدمها شباب «وارف» للمعتكفين، إذ نسعد بتوفير كل ما يحتاجه المعتكف من المطاعم والتموينات والصيدليات ومغاسل الملابس، كي يتفرغ المعتكف للعبادة، ولا ينشغل بغيرها»، مضيفاً: «إن كل ما على المعتكف أن يقوم بإرسال رسالة نصية لرقم مخصص، تحوي اسم المسجد وموقعه ونوع الخدمة، وذلك من الرابعة عصراً حتى الثالثة فجراً طوال أيام العشر. وخصص الفريق أحد الزملاء لتلقي الرسائل وتوجيهها لشباب الفريق، بحسب موقع المسجد الجغرافي». وتمنى أن «يكتب الله لهم الأجر، وأن يجعل ذلك في ميزان حسنات الإخوة فهم سخروا جهدهم ووقتهم طوال العشر لخدمة رواد المساجد من مصلين ومعتكفين» بحسب قوله.