يحدث هذا، كما يخبرنا صديقنا وجارنا الحلاق العجوز، على قناة «إم تي في» اللبنانية، حيث يطلّ مرة في الأسبوع برنامج يصنف نفسه فكاهياً. وهو على أية حال ليس جديداً إلا على هذه المحطة إذ إن هذه ورثته كما يبدو عن محطة منافسة لها، لبنانية هي الأخرى...لسبب غير واضح. فالحقيقة إنه ليس من عادة المحطات التلفزيونية أن تتوارث البرامج في ما بينها وإن كان معروفاً أنها قد تتبادل النجوم. لكن المهم ليس هنا. المهم، كما يقول لنا الصديق الحلاق، هو أن كاتبي هذا البرنامج وممثليه ومقدميه، ومعظمهم من أصحاب المواهب الفنية الحقيقية المعروفة كما أنهم من الذين صار لهم تاريخ فني لافت، وجدوا أنفسهم في منبرهم الجديد هذا منفلتين من أي عقال...حيث، لئن كان خفر ما قد كبح من جماح هزلياتهم هناك...هاهم هنا يشعرون أن لا قيود عليهم، وبالتالي فإن في إمكانهم أن يثأروا من كلّ الأصوات الناقدة التي كانت اعتادت أن تتحسّر على مواهبهم وإمكانياتهم الفنية وتجد لها صدى، في كل مرة كانوا يقدّمون فيها جديداً. كان يقال لهم: أنتم مبدعون حقيقيون فلماذا هذه الإضاعة للمواهب في مثل هذه الهزليات المملة والحوارات التي أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها سخيفة؟...كان هذا شأن ردود الفعل على إنتاجهم على المحطة السابقة. أما الآن، في الحقبة الجديدة من عملهم، ودائماً وفق الحلاق الصديق، فإنهم أضافوا إلى «ريبرتوارهم» السابق متناً جديداً يتألف من أشدّ العبارات ابتذالاً...حيث يكاد الحوار يقتصر على الشتائم المتبادلة لسبب أو من دون سبب...ويحدث في مرات كثيرة أن ترد صفة «حمار» و«مجدوب» و«تيس» وما إلى ذلك أكثر من عشر مرات في الدقيقة في الحلقة الواحدة. ناهيك بالحديث الجنسي الصريح وتسمية الأشياء بأسمائها في ابتذال تبدو معه مآثر برنامج «لول» وشركاه لعبة أطفال...وصديقنا الحلاق إذ يقول هذا يستطرد حزيناً، قائلاً: إنه، مثلنا، في طبعه لا يحب الرقابة ولا الوصاية على الناس...ومن هنا يجد نفسه محتاراً غير فاهم الأسباب التي تدفع فنانين يحبهم ويحترمهم إلى كلّ هذا «الابتذال» و«الهبوط الفني والفكري». «صحيح، يقول الصديق: «إن في إمكاني أن أغيّر المحطة وأنساهم كما يفعل، دون شك، كثر من الناس المحترمين، ولكن ما حيلتي إذا كنت أصلاً معجباً بفن هؤلاء الناس؟ ما حيلتي إذا كنت أرى فيهم مواهب لا يجب أن تضيع في مثل هذه النتاجات التي قبل أن تهبط بالفن وسمعة التلفزيون، تهبط بهم وبفنهم إلى أسفل ما يمكن؟»...ويصمت صاحبنا ثواني قبل أن يكمل: هل يمكن أحداً أن يطلب منهم العودة إلى الفن وترك اللغة السوقية لبعض السياسيين. فهؤلاء أبرع في استخدامها؟